د. زهور الشقافي تكتب لـ(اليوم الثامن):

فلسطين قضية أحرار الإنسانية؛ قضية لا تقبل المزايدة

بداية يعلم الجميع بمواقف المملكة المغربية الثابتة ملكاً وحكومة وشعباً من قضية فلسطين ويشهد التاريخ للمغرب بذلك على أن أكبر جالية موجودة في فلسطين هي مغربية وتتكون من مسلمين ويهود، وللجالية المسلمة تاريخٌ طويل وعريق فهم أحفاد المرابطين، ولهم بابٌ وحارةٌ في مدينة القدس متواجدين مند عهد صلاح الدين الايوبي، وذلك ما يبررعبر التاريخ إهتمام وعناية سلاطين وملوك المغرب بالمقدسيين وهذا ما جعل رئاسة لجنة القدس تؤول لأمير المؤمنين محمد السادس نصره الله.
أما الثانية فهي الجالية اليهودية والتي لم تُنهي الهجرة ولاؤها ولا انتماؤها الدائم للمملكة المغربية - لذا لا نزايد ولا نقبل المزايدة.. فلسطين قضيتنا، والعقل والرشد وسيلتنا ويتحرك المغرب في كل توجهاته وتحركاته الخارجية من خلال دبلوماسيته الملتزمة والمتزنة في إطار المجتمع الدولي (جامعة الدول العربية – الاتحاد الأفريقي – منظمة التعاون  الإسلامي - الأمم المتحدة).
  القيم والعقائد الإسلامية الحقيقية التي تصون حياة وكرامة وروح ودماء الإنسان وتحمي البيئة والنبات وتطالب بفرض العدل تُنتهك اليوم على يد أنظمة مارقة متطرفة تدعي الإسلام ولا علاقة لها به سوى أنها تستخدمه كشعار ووسيلة من أجل بلوغ غاية السلطة، وهذه العقائد الإسلامية الحقيقية ضحيةٌ اليوم على يد هذه الأنظمة، كما أن القيم الحضارية والتاريخية والإنسانية والقانونية تُنتهك اليوم على يد أنظمة تدعي الحضارة والإنسانية والإلتزام بالقانون ، لكن التعامل بالحقوق من خلال منطلقات تارخية ومنطقية وقانونية هو الطريق الأقرب إلى العدل والصواب وتكريم الإنسان وصيانة حقوقه؛ ومما لا شك فيه أن ما جرى في فلسطين قبل 75 سنةً وإلى اليوم أمراً مرعباً ويتحمل مسؤوليته الإستعمار، وستستمر معاناة الـ 75 سنةٍ الماضية ما لم يؤخذ بالحسبان أن كل تلك الجرائم والكوارث التي جرت وتجري على أرض فلسطين هي نتاج للتقاعس الدولي وكيل العالم الإستعماري بمكيالين غير مكترثٍ بتبعات ذلك التقاعس على حياة الإنسان وغير مدرك ولا مبالٍ بمعاناة وآلام الإنسان الذي هو أغلى  ثروة  بالوجود.
  بعيداً عن المزايدات
  كإمرأة أكاديمية وسياسية مناضلة من أجل حقوق المرأة والإنسان بشكل عام لا يمكنني تحمل ما يقع من ظلم على الشعب الفلسطيني وعلى المرأة الفلسطينية التي رأينا ورأى العالم كله حجم معاناتها وتضحياتها التي طالت ولا حل لها في الأفق القريب نظراً لما اعتدناه في هذا العالم المنقسم إلى عالمين (عالمهم وعالمنا) ويختلف الكيل والمكيال في كلا العالمين، وبعيداً عن المزايدات والإنفعالات فقضية فلسطين هي قضية جميع أحرار الإنسانية وإن رابط الإنسانية لأقوى الروابط بين البشر، وما حدث بالأمس ويحدث اليوم للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة تحديداً هو عار على كل من سمح بذلك ورفض وقف إطلاق النار حقنا لدماء الأبرياء خاصة أن ما ألقوه من قنابل تعادل قنبلتين نوويتين كان على رؤوس الأبرياء من الأطفال والنساء والمسنين ولم يعد ما جرى خافياً على أحد وغير قابل للتشكيك على أي مستوىٍ من المستويات، وكان من الصواب والأجدر أن يقوم المجتمع الدولي بإنهاء الإحتلال وإعطاء حقوق الفلسطينيين كاملة غير منقوصة كي لا نصل إلى مجازر الإبادة الجماعية هذه، وقد قامت ما نسميها بالشرعية الدولية بعد فظائع الحروب والاستعمار من أجل إنهاء عصور الوحشية، واليوم وفي ظل هذه الشرعية الدولية تقوم نمطية السلوكية الوحشية برعاية وخدمة المهيمنين على هذه الشرعية.. هذه الشرعية التي بقيت عاجزة ومنزوعة الإرادة مهددة الوجود بعد عودة البشرية إلى  سلوكية عهود ما قبل المدنية.
الحقيقة التي يجب أن تُقال
الشرعية الفلسطينية هي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية التي عرفها العالم أجمع كممثل للشعب الفلسطيني وتفاوض معها، وكان على المجتمع الدولي أن يفي بعهوده لتلك الشرعية الفلسطينية وتقديم المساعدة الفعلية لها على إقامة الدولة الفلسطينية تحت مظلتها بدلا من العمل على إضعافها والقبول بسلطتين على الأراضي الفلسطينية من أجل إضعاف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وقد سمح هذا النهج الدولي غير الصائب وسياسة المماطلة مع السلطة الفلسطينية بقيام أنظمة متطرفة تدعي باسم الدين الإسلامي وهو مجرد إدعاء ليس إلا.. قامت هذه الأنظمة بالعبث بالشأن الداخلي الفلسطيني ونشر سمومها الفكرية فيها وسط ترحيبٍ دولي، فبمجرد سكوت المجتمع الدولي على ذلك هو ترحيب به وعدم إدراك للعواقب ولا مبالاة بها، وها قد رايناها اليوم ) المُحتل المدعوم دولياً يتمادى والمتطرف المدعوم والموجه من قبل أنظمة متطرفة يرد( والتمادي والرد متطرفينِ وغير مسؤولين، وغياب الرادع بشأن الُمُحتل المتمادي والأنظمة المتطرفة أيً كانت وسائل الردع همش القضية الفلسطينية وهمش دور السلطة الفلسطينية وقد يكون هناك من يرغب في ذلك وهذه هي النتائج الكل على الأرض مسؤول والكل متورط ويتحملون مسؤولية أرواح وإراقة دماء الأبرياء، ومسؤولية ما حدث من دمار وخراب في غزة والضفة الغربية، ويتحمل الاحتلال والغرب ونظام الملالي كامل المسؤولية عما جرى، وقد سعت الدول العربية على الدوام لإيجاد صيغة حلول وفق القوانين والمعاهدات الدولية ولكن لا حياة لمن تنادي، وحاولت الدول العربية وقف إراقة دماء الأبرياء في غزة ولم ُيُصغي لها أحداً، وعقدت الدول العربية مؤتمر سلام في مصر لأجل وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية وقوبل ذلك بالرفض وبالتالي لن تكون هناك مساعدات إنسانية بالشكل المطلوب الُمُلبي للحاجة الضرورية في ظل الحرب.
نظام الملالي وما يجري في فلسطين والشرق الأوسط
التغاضي عن أفعال نظام الملالي المتسلط باسم الدين على الشعب الإيراني مقابل التعاون والإستجابة مع مصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى تسليم العراق لهذا النظام الذي يكن العداء الشديد للعراق والعرب عامة هو تشجيع له على التمادي في التدخل والإضرار بدول المنطقة التي يحتل باعترافه أربع عواصم منها، ووصل تدخله في شؤون الدول العربية إلى تصدر الحديث باسم القضية الفلسطينية ليس تحملا جاداً للمسؤولية وإنما كنوع من أنواع الإستعراض والدعاية وصناعة أدواتٍ للأزمات والمساومة من أجل إدارة الصراعات إقليمياً ودولياً، وما جرى في غزة من دمار وما ورائه من مخططات فإن نظام الملالي جزءاً أساسياً منه وتدل تصريحات مسؤوليه على ذلك، وبدلاً من محاسبة النظام الإيراني على جرائمه في  فلسطين والمنطقة يتم الدفاع عنه وتمويله.
في المغرب قطعنا دابر هذا النظام وفتنته، وكذلك فعلت دولة السنغال.. فهل تفعل باقي الدول، وهل يعجل المجتمع الدولي بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً ليقطع دابر تدخلات نظام الملالي الذي يزال قائماً بسلطته غير الشرعية ما دامت هناك رغبة غربية في ذلك على الرغم من أن هذه الرغبة تتعارض مع مطالب الشعب الإيراني المتظاهر على أرضية الشارع ويتعرض لكافة أنواع البطش والقمع والتنكيل وقتل وتسميم الفتيات وقتل النساء والشباب الأبرياء، ولا حل في إيران ولا استقرار للشرق الأوسط إلا باسناد الشعب الإيراني والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي لأجل  التغيير في إيران وإقامة دولة تقر بالعدالة الإجتماعية وحقوق النساء والأقليات.