ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):
هل سنشهد تحول في موقف إدارة بايدن تجاه إسرائيل؟
شهدت الاسابيع الأخيرة وتحديداً في قطاع غزة حيث الحرب الدائرة هناك منذ ما يقارب ال 8 أشهر، كردة فعل على العملية التي اسموها طوفان الأقصى، العديد من التطورات السياسية والعسكرية، وإن كنت لن أخوض في جميع التطورات السياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، سأركز على التطورات التي رافقت الغارة الجوية الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة في منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيري في قطاع غزة، في نيسان(ابريل) الماضي، مادفع الرئيس الأميركي جو بايدن الى تجديد دعوته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما وصف الرئيس بايدن الحكومة الإسرائيلية بأنها "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل"، وهو الامر الذي دفع زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب تشاك شومر، الى وصف حكومة بنيامين نتنياهو بأنها "إحدى العقبات الرئيسية أمام السلام".
غير ان تلك الدعوة البايدنية واوصاف شومر لا يفسد الى الاتفاق الأميركي والإسرائيلي بشأن الحرب على غزة اي ود خصوصاً وان أهدافهما الرئيسية تتمثل في الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية، ناهيكم عن رغبتهم في القضاء على قدرات حركة حماس، ولكن رغم الاتفاق كما ذكرت الا انه برز بعض التباينات والخلافات بينهما بسبب إصرار الحكومة الإسرائيليةالاعتماد على الضغوط العسكرية من أجل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وفي هذا الإطار أتت عملية قصف مدينة رفح رغم الاعتراض الأميركي، غير ان الحكومة الاسرائيلية مضت في العملية، وقصفت مخيم النازحين في رفح، ما اثار زوبعة من ردود الفعل على ذاك القصف وسط اعتقاد الحكومة الإسرائيلية أن اجتياح رفح امر أساسي من أجل إعلان إسرائيل النصر على حماس، في حين رأت واشنطن ان تلك العملية والقصف سيؤدي الى اشتداد الحرب، كما أنها لم تعد تتقبل مجازر أخرى لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل، هذا في وقت كشف مراقبون ان إدارة الرئيس جو بايدن تواجه ضغوطاً متزايدة ومتنامية من قبل الرأي العام الأميركي، وخصوصاً من قبل الأعضاء الديمقراطيين في مجلسي الكونغرس والشباب الأميركيين، حيث أرسل نحو 57 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب، رسالة إلى بايدن لحثه على حجب تحويل أي مساعدات عسكرية بشكل استباقي، والجدير ذكره أن السيناتور الديمقراطي فان هولن وديمقراطيين آخرين مارسوا ضغوط على ادارة الرئيس بايدن التي أصدرت مذكرة أمنية تنص على أن أي دولة تتلقى مساعدة عسكرية أميركية يجب أن تقدم ضمانات مكتوبة بأنها ملتزمة بالقوانين الدولية والأميركية التي تحكم المساعدات الأجنبية، وبعدها يتعين على الخارجية الأميركية أن تُصدر تقريراً يقيم مصداقية هذه الضمانات، كما أرسل مجموعة مكونة من 88 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب الأميركي وفي 4 أيار (مايو) الماضي، رسالة إلى الرئيس بايدن، يطالبونه فيها النظر في وقف مبيعات الأسلحة الهجومية لإسرائيل، حيث أشارواإلى وجود بند في قانون المساعدات الخارجية الأميركي يلزم المستفيدين من الأسلحة الممولة من الولايات المتحدة باحترام القانون الإنساني الدولي والسماح بالتدفق الحر للمساعدات الأميركية، وذكر المشرعون الديمقراطيون في رسالتهم أنهم يعتقدون أن هناك أدلة كافية تثبت أن إسرائيل انتهكت القانون الأميركي، وأضافواأن الحكومة الإسرائيلية قاومت الطلبات الأميركية المتكررة لفتح ما يكفي من الطرق البحرية والبرية لتوصيل المساعدات إلى غزة، كما حذّر موقّعو الرسالة، ومن بينهم أعضاء في لجنة القوات المسلحة ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن أي عقبة أمام إدخال المساعدات إلى غزة تعرض للخطر إمكانية حصوله على المزيد من المساعدة الأمنية الهجومية من الولايات المتحدة، لكنهم لم يشيروا إلى أيّ تعليق محتمل للمساعدة الأميركية في أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي مثل القبة الحديدية.
واللافت ان رسالة المشرعين الديمقراطيين تلك إلى بايدن أتت في الوقت الذي شهدت فيه الجامعات الأميركية موجة كثيفة من الاحتجاجات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما ترافقت مع تكثيف الجهود الأميركية من أجل انجاز وقف لإطلاق النار عبر مبادرة مدعومة من الرئيس بايدن وتشير المعلومات ان القاهرة ستكون على موعد مع جولات من التفاوض من اجل انجاز اتفاق وقف اطلاق نار يؤدي في النهاية الى وضع حد للحرب في قطاع غزة وقطع الطريق أمام مخاطر توسع الحرب.
هذا في وقت أعلن عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس استقالته من حكومة الطوارئ التي يترأسها نتنياهو، الذي سبق ودعاه غانتس الى اعتماد خطة جديدة للحرب في غزة، وإلى إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن، وقال غانتس في إعلان انسحابه من الحكومة ان"نتنياهو يحول دون تحقيق نصر حقيقي، وأن الاعتبارات السياسية في حكومة نتنياهو تعرقل القرارات الاستراتيحية في حرب غزة"، وقال غانتس في مؤتمر إن الثمن في الحرب أليم وأكثر من ألف عائلة إسرائيلية دفعت ثمناً باهظاً، مضيفاً: "لا بد من بذل كل شيء من أجل الصفقة المعروضة لاستعادة المختطفين"، واعتذر غانتس من عائلات الرهائن الإسرائيليين بالقول: "اعتذر، لقد فشلنا". وأضاف: "أقول لعائلات المختطفين إننا أخفقنا في الامتحان ولم نتمكن من إعادة أبنائهم".
من جهته علّق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قائلاً إن قرار غانتس وآيزنكوت الخروج من الحكومة الإسرائيلية "الفاشلة" أمر "مهم وصائب"، وأضاف لابيد أن الوقت قد حان لاستبدال هذه "الحكومة المتطرفة" بحكومة عاقلة تعيد الأمن والمخطوفين و"تستعيد مكانة إسرائيل الدولية"، في حين قال نتنياهو: "ليس هذا الوقت المناسب للانسحاب بل وقت توحيد القوى".
إذا ستكون المنطقة امام مفترق بين الوصول الى اتفاق وبالتالي وقف لإطلاق النار تمهيداً لإعادة الاستقرار الى المنطقة وبين تصاعد وتيرة الحرب مع احتمال الى توسع الحرب ما يعني اشتعال المنطقة بأثرها، فأي مصير سنشهد؟ وهل سنكون امام تحول في الرأي الاميركي اكثر تشدداً تجاه إسرائيل؟ لننتظر ونراقب ونرى.