خلود محمد تكتب لـ(اليوم الثامن):

وهم التغيير: بزشكيان ومسرحية الديمقراطية في إيران

طهران

مسعود بزشكيان، السياسي الإيراني البارز، لفت الانتباه بمظهره الإصلاحي وأدائه المحافظ. تبحث هذه المقالة في التناقضات العميقة في سجل بزشكيان السياسي وتسعى لتقديم صورة شاملة لهذه الشخصية السياسية المعقدة.
الخلفية والصعود السياسي:
بزشكيان، وزير الصحة السابق وعضو البرلمان، قطع مسارًا متقلبًا في السياسة الإيرانية. تمكن من التنقل بمهارة بين مختلف الفصائل السياسية في إيران. هذه القدرة على الملاحة السياسية كانت مفتاح صعوده إلى مناصب أعلى. استفاد بزشكيان من خبراته السابقة في وزارة الصحة والبرلمان لبناء شبكة قوية من العلاقات السياسية التي كانت فعالة للغاية في تعزيز أهدافه.
الصورة العامة مقابل الأداء الفعلي:
الصورة الإصلاحية: يقدم بزشكيان نفسه بمهارة كإصلاحي. في خطاباته ومقابلاته العامة، يتحدث عن ضرورة التغيير والتحسين في الهياكل الحكومية. هذا النهج جعله جذابًا لشريحة واسعة من المجتمع الإيراني، خاصة الطبقة المتوسطة والمتعلمة.
الأداء المحافظ: ومع ذلك، فإن الفحص الدقيق لسجل تصويته في البرلمان ومواقفه في القضايا الرئيسية يقدم صورة مختلفة. أظهر بزشكيان في كثير من الحالات، خاصة في القضايا المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الخارجية، توافقًا كبيرًا مع المواقف المحافظة. هذا التناقض بين القول والفعل أثار أسئلة جدية حول أصالة مزاعمه الإصلاحية.
المواقف والسياسات الرئيسية:
دعم الحرس الثوري: دعم بزشكيان باستمرار أنشطة الحرس الثوري، سواء داخل إيران أو خارجها. يعتبر الحرس الثوري مؤسسة ضرورية للأمن القومي الإيراني ويدافع عن دوره في السياسة الخارجية الإيرانية. هذا الموقف واجه انتقادات شديدة من المعارضين الداخليين والمراقبين الدوليين.
معارضة إصلاحات حقوق الإنسان: على الرغم من مظهره الإصلاحي، عارض بزشكيان عمليًا العديد من خطط تحسين وضع حقوق الإنسان في إيران. اتخذ مواقف محافظة في قضايا مثل حرية التعبير وحقوق المرأة وحقوق الأقليات، وهو ما يتعارض مع ادعاءاته الإصلاحية.
السياسات الاقتصادية المحافظة: في المجال الاقتصادي، دعم بزشكيان عمليات الخصخصة التي كانت في الغالب لصالح المقربين من النظام. كما عارض الإجراءات الجادة للحد من عدم المساواة الاقتصادية. هذا النهج الاقتصادي أثار انتقادات كثيرة من الخبراء الاقتصاديين والنشطاء الاجتماعيين.
التأثير على مستقبل إيران:
قد يعني صعود بزشكيان إلى مناصب أعلى استمرار السياسات الحالية بمظهر إصلاحي. هذا يخلق تحديات خطيرة لأولئك الذين يأملون في إصلاحات حقيقية في إيران. من ناحية، قد يؤدي وجوده إلى خلق أمل كاذب بين بعض شرائح المجتمع، ومن ناحية أخرى، قد يؤدي إلى تعزيز هياكل السلطة القائمة.
ردود الفعل الدولية:
ينظر المجتمع الدولي بحذر إلى ظهور بزشكيان. رحبت بعض الدول والمنظمات الدولية بخطابه الإصلاحي، لكن الكثيرين لديهم شكوك جدية بالنظر إلى سجله العملي. أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص عن قلقهما بشأن دعم بزشكيان للحرس الثوري ومواقفه بشأن حقوق الإنسان.
الخاتمة:
يعكس المسار السياسي لمسعود بزشكيان التعقيدات العميقة للسياسة في إيران. على الرغم من تقديمه لنفسه كإصلاحي، إلا أن أداءه يظهر قربًا أكبر من الجناح المحافظ. هذه الازدواجية تخلق تحديات خطيرة لمستقبل إيران السياسي.
بالنظر إلى التحديات الداخلية والدولية التي تواجهها إيران، من غير المرجح أن تؤدي قيادة بزشكيان إلى التغييرات الأساسية التي يتوقعها العديد من الإيرانيين والمراقبين الدوليين. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن تتميز فترته باستمرار السياسات الحالية، ولكن بمظهر أكثر إصلاحية.
يذكّر ظهور بزشكيان بالنفوذ الدائم للقوى المحافظة في الهيكل السياسي الإيراني. قيادته، التي تتميز بدعم المؤسسات القوية للنظام ومعارضة الإصلاحات العميقة، تبرز التحديات التي يواجهها الإصلاحيون الحقيقيون. سيكون الفهم الصحيح لطبيعة سياسات بزشكيان ضروريًا لصياغة ردود فعالة داخلية ودولية.
في النهاية، من المحتمل أن يشهد مستقبل إيران السياسي مع بزشكيان في المناصب العليا استمرارًا للتوترات والتحديات الحالية. سيظهر الوقت ما إذا كان قادرًا على تحقيق توازن بين مزاعمه الإصلاحية وأدائه المحافظ، أو ما إذا كانت هذه التناقضات ستضر به وبتياره السياسي في النهاية.