عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):
التطلع إلى التغيير في إيران هو مجرد "سراب"!
لم ينتبه أحد ولا أي تيار سياسي واعٍ وشعبي في إيران إلى ما سيحدث بعد مراسم تنصيب مسعود بزشکیان كرئيس لجمهورية حكومة ولاية الفقيه للملالي! والمسألة محسومة سلفاً. ولهذا السبب فإن خارطة طريق إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه للملالي هي خارطة طريق واستراتيجية كل التيارات الشعبية والتقدمية.
وما بدا واضحاً في خطاب علي خامنئي في هذا الحفل هو تكرار أن رئيس الجمهورية تابع لـ "ولاية الفقيه". بعبارة أخرى، يتضح لنا أن "الولي الفقيه" في هذا النظام هو الحاكم الفعلي وأن "رئيس الجمهورية" هو مجرد واجهة ومنزوع الصلاحية، خاصة فيما يتعلق بـالقمع داخل البلاد، والإرهاب، وإشعال الحروب، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، أي السياسة الخارجية، والسعي إلى إقتناء السلاح النووي على المستوى الدولي. يشير هذا الأمر إلى وجود مثلث مظلم في حكومة ولاية الفقيه، وأن "علي خامنئي" هو صاحب السلطة المطلقة فيه. ولذلك، فإن التطلع إلى التغيير في نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران؛ ليس أكثر من سراب. إن أي تغيير حقيقي وجذري يتطلب إسقاط هذا النظام الفاشي ولا شيء غير ذلك!
بداية صراع جديد وعنيف لحرب الذئاب على السلطة والمصالح!
كانت الخلافات والانقسامات وأزمة إسقاط الدكتاتورية في إيران واضحة في خطاب خامنئي، حيث قال: من جانبي سيستمر تنفيذ هذا الأمر طالما كان النهج الثابت لمسعود بزشکیان في اتباع الطريق المستقيم للإسلام والثورة قائماً. ونوَّه لبزشكيان عن نموذج رئيسي واصفاً إياه بأنه كان يقوم بـ "عمل جهادي" و«يعمل ليل نهار (قل يعذب ويعدم)، وطلب منه أن يستمر في السياسة الخارجية ويواصل جهود وفعاليات أميرعبداللهيان.
الإصلاحية الوهمية!
كما قال بزشكيان في هذه المناسبة، والذي كان قد وصف نفسه سابقاً بأنه «إصلاحي متشدد» وموالٍ ومخلص لخامنئي: "أحيي ذكري الإمام خميني والقائد قاسم سليماني، وأرسل تحياتي إلى روح رجائي وباهنر ورئيسي وجميع خدام النظام، وأشكر الولي الفقيه على لطفه وتدبيره." كما قال بزشكيان: "إن رسالتي ومسؤليتي أنا والحكومة المستقبلية هي الالتزام بالرؤية التي حددها الولي الفقيه، والسياسات العامة التي أعلنها." (تلفزيون "نظام الملالي) - 28 يوليو 2024).
هيمنة الولي الفقيه!
ما كان لافتًا في هذا الحفل الدرامي هو أن خامنئي كلف في خطابه السلطة القضائية والتشريعية لنظامه بمراقبة السلطة التنفيذية، كما كلف الحرس الثوري بمهام محددة.
وقال خامنئي: "يجب على المجلس أن يحرص على ألا ترتكب الحكومة أخطاء. ويجب على الحكومة أن تأخذ حساسيات المجلس بعين الاعتبار. ويجب على السلطة القضائية أن تكون حاضرة بشكل فعال عند الضرورة. ويجب على القوات المسلحة أن تنتشر في أي مكان تطلبه الحكومة والشعب وفقاً لواجباتها".
مَن هو بزشكيان؟
مسعود بزشكيان هو أحد الموالين لخامنئي والمدافع عن الحرس الثوري والجماعات العميلة، ولا يملك القوة والإرادة للتأثير على الخطوط الرئيسية لسياسة الولي الفقيه الحاكم، من قبيل القمع، ومشروع صنع القنبلة النووية، وإشعال الحروب في الخارج. وهو مجرد خادم اختاره الولي الفقيه مثل أي رئيس جمهورية في نظام الملالي."
التغيير في إيران كذبة!
أُقيم هذا الحفل في وقت لا تزال فيه جميع القضايا السياسية المتعلقة بحكومة إيران مطروحة على طاولة المجتمع الدولي، ومن بينها القمع، والانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان في إيران، والسعي للحصول على الأسلحة النووية، والإرهاب، وتدخل النظام الإيراني في شؤون الدول.
ولا تزال عمليات الإعدام تتزايد في إيران. وبات تدخل الجماعات الوكيلة لنظام الملالي في حروب الشرق الأوسط أكثر وضوحًا يومًا بعد يوم. ولا يزال ممثلو مختلف البلدان يشعرون بالقلق إزاء البرنامج النووي للنظام الإيراني. ويعتقدون أن هذا النظام يبتعد أكثر فأكثر عن الاتفاق ويتجه نحو امتلاك السلاح النووي.
الحقائق الإحصائية!
قال بزشکیان في مناظرته الانتخابات الثانية التي أجريت في 2 يوليو 2024، موجهاً كلامه إلى الحرسي جليلي : "برغم كل الخلافات بيني وبينه، وبرغم كل هذا الصراخ والشجار، شارك 40 في المائة فقط من الشعب في الانتخابات، بينما امتنع 60 في المائة عن المشاركة، ولم يقبلوا أيًا منا. وبعد ذلك بقليل، في خطوة موالية لولاية الفقيه، صرح بزشكيان في 21 يوليو 2024، بأن الشعب توجه إلى صناديق الاقتراع ووجه صفعة قوية لمن هم في الداخل والخارج ويحاولون الترويج لآرائهم المعارضة.
من الواضح أن نظام الملالي تلاعب بالأرقام في نسبة المشاركة وأعلن أنها 40 في المائة، والحقيقة هي أنها أقل من ذلك بكثير، كما أن بزشكيان نفسه، قال في تصريحاته حول سبب مشاركته في مسرحية انتخابات رئاسة الجمهورية: "لقد جئت للمشاركة لأنني رأيت نظام الملالي في خطر". وأضاف في مزيد من التوضيح: "شارك في الجولة الثانية من انتخابات المجلس 8 في المائة فقط، وكانت هذه النسبة من المشاركة تشكل أمراً خطيراً جداً، وإذا استمرت مشاركة الشعب في الانتخابات الرئاسية على هذا النحو المتدني، لكانت الظروف السيئة وغير المواتية هي السائدة، ولكان النظام بأكمله محل شك." (وكالة أنباء قوة القدس الإرهابية - 29 يوليو 2024).
الشعب الإيراني ضد مسرحية الانتخابات!
رغم أن تصريحات الحرسي بزشكيان هذه تظهر عمق غدر وخبث "المصلحين الوهميين"، إلا أن الادعاء بأن النتائج تغيرت مع قدوم بزشكيان كذب وبهتان. أولاً، لأن حجم المشاركة لم يتغير كثيراً مع قدومه؛ لأن نسبة المشاركة الفعلية في الجولة الأولى من مسرحية الانتخابات الرئاسية كانت 12 في المائة، وفي الجولة الثانية 9 في المائة. وحتى لو أخذنا في الاعتبار الأرقام الوهمية التي أعلنها نظام الملالي (الجولة الأولى أقل من 40 في المائة، والجولة الثانية أقل من 50 في المائة)، نجد أن هذه النسبة أقل نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية في تاريخ نظام الملالي!
الكلمة الأخيرة!
طالما لم يتم الإطاحة بدكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة في إيران، لن يحدث أي تغيير ملحوظ في إيران والمنطقة. إن الإطاحة بالنظام الدكتاتوري الإيراني أمر ضروري لتحقيق الحرية والديمقراطية في إيران، والسلام والاستقرار والأمن في هذه المنطقة من العالم. إن محاسبة النظام الديني الإيراني على الصعيد العالمي هي أمر ضروري من أجل وجود مجتمع إنساني سليم في العالم. ويقف مناصرو هذه المحاسبة إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانية وعلى الجانب الصحيح من التاريخ!