محمد حسن الساعدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
السنوار لا يلعب
"يقال أن في القرية مات أسداً فاستراحوا من أذاه،خلف الاسد أسداً فاق بالجلد أخاه"
كان الجميع وتحديداً الكيان الاسرائيلي يتوقع ان الفصائل المسلحة الفلسطينية بعد أغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد "إسماعيل هنية" ان حماس ستفقد عنصر قوتها في المعركة،وربما تبدأ بالتراجع عن خندقها الامامي الى خندق الخسارة،ولكن ما أن تم الانتهاء من مراسيم التشييع والدفن لقائد حماس حتى انتهت الحركة من انتخاب "يحيى السنوار" رئيساً جديداً لحركة حماس وبذلك تبدأ مرحلة جديدة من المواجهة ترتكز على ما تم الانتهاء منه مع هنية .
أختيار السنوار رئيساً لحركة حماس يعد ضربة موجعة لإسرائيل ويضعها أمام تحديات كبيرة وخطيرة كما ان اختياره يعكس استراتيجية جديدة أتبعتها الحركة في ادامة الصراع مع الكيان الغاصب وتحمل موقفاً اكثر تشدداً وتمسكاً بالثوابت الفلسطينية الرافضة لاي مساومة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وعدم تقديم أي تنازلات يمكنها ان تضر بمصالح الفلسطينيين،بل ربما يحمل في طياته ان المراد هو إعادة الصراع الى عام 1948.
أن إستراتيجية السنوار وكما يرى عدد من المحللين المختصين بالشأن الفلسطيني يعد انتكاسة للأنظمة التي تعمل على خطوات التطبيع مع الكيان الاسرائيلي،والذي يعد من القيادات العنيدة التي لا تقبل المساومة او التفاوض أو حتى التنازل،خصوصاً وانه رفض الحديث او التفاوض عن "نزع سلاح المقاومة" وبالتالي جعل المدن الفلسطينية أسيرة بيد الجيش الاسرائيلي،كما ان السنوار في خطابه الاخير رفع شعار "أعيدوا هنية حياً" بمعنى ان تفاوض مع الكيان الاسرائيلي الا "الاسرى بالأسرى" وإعادة جميع النازحين من المدن المدرمة بعد اعادة اعمارها.
يأتي اختيار يحيى السنوار خلفاُ للشهيد إسماعيل هنية بعد وقت قصير جداً من عملية الاغتيال وهي رسالة واضحة ان حركة حماس ما زالت فاعلة بجميع خطوطها السياسية والجهادية،وانها قادرة على إدارة شؤونها الداخلية بالرغم من عمليات القتل اليومية التي تمارسها آلة الحرب الاسرائيلية،والامكانات الهائلة التي تملكها الترسانة الصهيونية بدعم من واشنطن،كما انها رسالة داخلية للشعب الفلسطيني أن مقاومتكم ما زالت حية وظانها قادرة على تعمل وتفاوض ويدها على الزناد.
حماس هي الاخرى في اختيارها للسنوار عبرت عن موقفها الداخلي الموحد واطلقت رسالة مهمة للخارج والداخل،انها موحدة وقادرة على أتخاذ القرار المناسب بعيداً عن التنافس السياسي،وهو دليل على ان حماس تعمل بنظام مؤسساتي "هرمي" لا يقبل أي شك او تأويل في اتخاذ القرارات وفق مبدأ العمل المؤسساتي ويواجه الخلافات الداخلية وفق هذا المبدأ بعيداً عن الخلافات والصراعات، ويتوحد موقفها في أي مواجهة مع العدو سريعاً دون أي تردد في اتخاذ القرار المناسب.
اعتقد وكما يرى بعض المتابعين للمشهد الداخلي لحركة حماس ان السنوار سيكون قادراً على ملئ موقعه السياسي والجهادي،ويكون قادراً على إدارة الملفات بعناية وتركيز عالي،بل وسيكون غطاءً لجميع الحركات السياسية في فلسطين بدءً من حركة "فتح" والى باقي الحركات والفصائل المسلحة في العمق الفلسطيني بل ربما سيكون منافساً قويا وشرساً مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في طريقة الاستحواذ على القيادة والسلطة فيها،لذلك لأن حماس في مازق كبيرة أم هذا الاختيار ومع عدم وجود تنازلات فان فرص التفاوض باتت ضعيفة،ولن تستطيع تل أبيب القضاء على حماس وستعود الاخيرة قوية وقادرة على أدارة الملفات والضغط على الزناد في آن واحد.