رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):

بعد اغتيال حسن نصرالله تحول جذري في المشهد الإقليمي

عدن

في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، لقي الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، مصرعه. نصرالله، الذي ظل لعقود شخصية مركزية في السياسة اللبنانية والإقليمية، غيابه يفتح الباب لتساؤلات عديدة حول مستقبل حزب الله  كقوة عسكرية و سياسية لها ثقلها، والاتجاهات التي سيتخذها في الفترة المقبلة. ورغم أن عملية الاغتيال لم تؤدي إلى توقف القصف المتبادل بين لبنان وإسرائيل كما كان متوقعا، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: "ماذا بعد؟"

حزب الله بعد نصرالله
مقتل نصرالله يُعد حدثاً محورياً قد يعيد تشكيل مسار حزب الله. الحزب، المدعوم من إيران والذي يُصنف "منظمة إرهابية" في عدد من الدول الغربية والعربية، يجد نفسه الآن أمام تحديات جديدة تتعلق باستمرارية مشروعه كلاعب أساسي في المحور  المقاوم لإسرائيل. في المقابل، الحكومة اللبنانية تعتبر حزب الله "حركة مقاومة شرعية" ذات ثقل على الساحة محليا و دوليا وله تمثيل كبير في البرلمان.

الصحافي اللبناني إبراهيم بيرم أشار إلى أن المشاعر داخل لبنان تتباين بوضوح بعد مقتل نصرالله؛ البعض يرى في مقتله ضربة قاسية لحزب الله، بينما يعتبره آخرون نهاية لدوره المحوري. ومع ذلك، يشير بيرم إلى أن نصرالله كان على علم دائم بأنه "مشروع شهيد"، تماماً كما كان الحال مع سلفه عباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل عام 1992.

ردود الفعل الإيرانيه في إيران متمثلة في تجنب المرشد الأعلى علي خامنئي ذكر نصرالله بالاسم في تعليقه الأول، لكنه أدان بشدة قتل المدنيين في لبنان. وأكد خامنئي أن مقتل نصرالله "لن يُضعف حزب الله"، مشدداً على أن قوة المقاومة مستمرة في المنطقة. أحمد وحيدي، القائد السابق لفيلق القدس، أكد أن الحزب "لن يتأثر بمقتل قائده، حيث تم تدريب العديد من القادة الذين سيكملون مسيرته".

تداعيات إقليمية ودولية على المستوى الدولي، اعتبر رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، أن مقتل نصرالله "خطوة هامة نحو استقرار أكبر في المنطقة". لكن في لبنان، استمرت المظاهرات المؤيدة لحزب الله في التعبير عن الحزن والغضب، في وقت بثت فيه قناة "المنار" التابعة للحزب آيات من القرآن الكريم.

في السياق ذاته، لا يزال الوضع الإنساني في لبنان يتفاقم، إذ تسببت الهجمات الإسرائيلية بمقتل أكثر من 800 شخص و جرح الآلاف فضلا موجات النزوح المستمرة، فيما تستمر معاناة اللبنانيين تحت وطأة الحرب لتزيد الوضع سوءا و خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي عانى و يعاني منها الاقتصاد اللبناني.

الخليفة المنتظر كل الأنظار تتجه الآن نحو هاشم صفي الدين، رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله، والذي يُرجح أن يتولى قيادة الحزب خلفاً لنصرالله. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان صفي الدين قادراً على الحفاظ على وحدة الحزب وإدارته بنفس الكفاءة التي تمتع بها نصرالله، والذي كانت شخصيته تجمع بين القوة الكاريزمية والقدرة على توحيد الصفوف في ظل ظروف معقدة.

نظرة إلى مسيرة نصرالله
حسن نصرالله، الذي وُلد في عام 1960 في بيروت، انضم إلى حركة أمل في شبابه، لكنه أسس حزب الله بدعم إيراني بعد الثورة الإسلامية في إيران. قاد الحزب منذ عام 1992، وبرز كقائد شعبي بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000 وحرب 2006. دوره الإقليمي توسع بعد تورط الحزب في الصراع السوري، مما أثار انقسامات داخلية وخارجية حادة.

اغتيال نصرالله يشكل لحظة فاصلة في تاريخ حزب الله والمنطقة. رغم أن الحزب سيبقى قوة مؤثرة في المستقبل القريب، إلا أن التحديات الكبرى ستظهر مع مرور الوقت. كيف ستتعامل القيادة الجديدة مع الفراغ الذي تركه نصرالله؟ وهل سيكون الحزب قادراً على الحفاظ على استراتيجيته العسكرية والسياسية في مواجهة إسرائيل؟ في النهاية، مقتل نصرالله قد يمهد لتغيرات عميقة في موازين القوى الإقليمية، وقد يكون الخطوة الأولى نحو إعادة تشكيل الخارطة السياسية في لبنان والمنطقة.

نصرالله و كما وصفه ناتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بانه كان عقبة لابد من إزاحتها، و انه حساب مفتوح قد تم اغلاقه لتنفيذ الخطة المرسومة لتامين كامل حدود الكيان حسب زعمه. 
بعض التكهنات تشير إلى ان اغتيال نصرالله قد يتبعه إحياءً لحركة أمل وإضعاف حزب الله تدريجياً إلى الحد الذي لا يمثل تهديداً كبيراً لسكان شمال فلسطين المحتلة، مما سيؤدي إلى تحولات كبيرة في ميزان القوى في المنطقة.