رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):

‏ثورة تشرين في العراق ولبنان: صراع ضد الفساد والنفوذ الإيراني

‏في الفترة نفسها التي اندلعت فيها انتفاضة تشرين في العراق في أكتوبر 2019، شهدت لبنان أيضًا احتجاجات شعبية كبيرة ضد الفساد، تردي الأوضاع الاقتصادية، وسيطرة النخبة السياسية، بما في ذلك حزب الله، القوة السياسية والعسكرية المدعومة من إيران. كانت الاحتجاجات في البلدين جزءًا من موجة أوسع من الاضطرابات في المنطقة، حيث تلاقت مطالب الناس في كلا البلدين حول قضايا مشابهة: الفساد، غياب العدالة الاجتماعية، والنفوذ الإيراني المتزايد في السياسات الداخلية.

 

‏الاحتجاجات في لبنان ضد حزب الله في لبنان، اندلعت الاحتجاجات في أكتوبر 2019 على خلفية أزمة اقتصادية خانقة، وكانت الشعارات والمطالب تستهدف جميع القوى السياسية دون استثناء، بما في ذلك حزب الله، الذي يُعتبر ذراعًا لإيران في لبنان. رغم أن الحزب يتمتع بشعبية بين شريحة من اللبنانيين، فإن سياساته الداخلية، وخاصة ما يتعلق في دوره في الحكومة و خارجيا بما يتعلق تورطه في الصراع السوري ، قوبلت بالانتقادات الشديدة من قبل المتظاهرين. هؤلاء رأوا أن الحزب أصبح جزءًا من النظام الفاسد الذي أفسد الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.

 

‏في الوقت الذي واجه فيه الحزب ضغوطًا داخلية من المتظاهرين، كان يشدد على دوره كحليف لإيران وقوة مقاومة ضد إسرائيل، محاولًا تصوير الاحتجاجات على أنها مؤامرة تستهدفه، وهو ما ساهم في زيادة التوتر بينه وبين المحتجين.

 

‏دور إيران وفتوى خامنئي في قمع احتجاجات العراق بالتزامن مع الاحتجاجات في لبنان، كانت إيران تواجه موجة غضب شعبي متزايد ضد نفوذها في العراق، حيث عبّر المتظاهرون العراقيون عن رفضهم للهيمنة الإيرانية، وطالبوا بسيادة عراقية خالصة بعيدًا عن التدخلات الخارجية. أحد أبرز الشعارات التي رُفعت في العراق كانت “إيران بره بره”، في إشارة إلى الرفض الشعبي لسيطرة الميليشيات المدعومة من طهران على القرار العراقي.

 

‏في مواجهة هذا التحدي، أصدر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي فتوى دعمت قمع الاحتجاجات في العراق، تحت ذريعة أنها مؤامرة خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة والإضرار بمصالح إيران. هذا التوجه انعكس في تعامل الحكومة العراقية والقوى الأمنية، المدعومة من الميليشيات الموالية لإيران، مع المتظاهرين بقسوة مفرطة. القوات الحكومية والميليشيات استخدمت العنف المفرط، بما في ذلك الرصاص الحي، ضد المتظاهرين، مما أدى إلى مقتل ما يقارب ٨٠٠ متظاهر وجرح الآلاف.

 

‏العلاقة بين احتجاجات لبنان وتشرين العراق وفتوى خامنئي

‏تتجلى العلاقة بين احتجاجات لبنان واحتجاجات تشرين في العراق خلال تلك الفترة من خلال عدة نقاط:

 

‏1.التزامن والسبب المشترك: الاحتجاجات في كلا البلدين اندلعت تقريبًا في نفس الفترة، وكانت تحمل مطالب مشتركة تتعلق بإنهاء الفساد ورفض النفوذ الإيراني. المتظاهرون في العراق ولبنان عبّروا عن استيائهم من الدور الذي تلعبه إيران وحلفاؤها (حزب الله في لبنان والميليشيات في العراق) في تعميق الأزمات السياسية والاقتصادية.

‏2.النفوذ الإيراني: في كل من العراق ولبنان، كانت إيران تسعى لحماية مصالحها من خلال حلفائها المحليين، سواء كانوا ميليشيات أو أحزاب سياسية. ردود الفعل الإيرانية كانت مشابهة في كلا السياقين، حيث اعتبرت الاحتجاجات مؤامرة مدعومة من الخارج لزعزعة النفوذ الإيراني في المنطقة.

‏3.فتوى خامنئي: فتوى خامنئي التي دعمت قمع الاحتجاجات في العراق كانت جزءًا من استراتيجية إيرانية أوسع للحفاظ على السيطرة والنفوذ في المنطقة. هذا التوجه كان له انعكاسات على التعامل مع الاحتجاجات في لبنان أيضًا، حيث تبنى حزب الله خطابًا مشابهًا في تصوير الاحتجاجات على أنها مؤامرة، ودعم القمع الناعم أو التحذير من الفوضى.

‏4.القمع المشترك: في كل من العراق ولبنان، شهدت الاحتجاجات قمعًا موجهًا من قبل قوى مدعومة من إيران. في العراق، كانت الميليشيات الموالية لإيران أبرز الفاعلين في قمع المتظاهرين، وفي لبنان، حاول حزب الله تحييد الاحتجاجات بالقوة الخطابية وأحيانًا بالتهديد المباشر.

 

‏الاحتجاجات في العراق ولبنان عام 2019 كانت جزءًا من موجة غضب أوسع ضد الفساد وسوء الإدارة والنفوذ الإيراني في المنطقة. فتوى خامنئي دعمت قمع احتجاجات العراق بشكل مباشر، وهو ما أدى إلى تكثيف العنف ضد المتظاهرين. في لبنان، واجه حزب الله احتجاجات مشابهة ولكنه استخدم تكتيكات مختلفة لحماية نفوذه. هذه الأحداث كشفت مدى تأثير إيران في السياسة الداخلية للبلدين وكيف يمكنها التأثير على قرارات الحكومات المحلية عندما يتعرض نفوذها للخطر.

‏أنتهت الاحتجاجات الشعبية في العراق باسقاط حكومة عادل عبد المهدي اللي اعلن عن استقالته و تاسيس حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي و التي شابهت سابقتها شكلا و مضموناً اما المحتجون فقد نجحوا بتشكيل حركات سياسية دخلت الانتخابات و فازت بمقاعد معدودة في البرلمان العراقي. هذا و منذ ذلك العام، يحتفل العراقيون في كل اكتوبر بذكرى انتفاضتهم في و يستذكرون شهداءها الذين سقطوا دفاعا عن الكلمة و الرأي و الموقف.