رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):

الهجرة الممنهجة بغطاء نصرة المذهب والدين

باريس

 ‎عملية تهجير اللبنانيين الشيعة عبر سوريا إلى العراق تتسارع بشكل ملحوظ، خاصة من منطقة مقام السيدة زينب التي تقع تحت سيطرة الإيرانيين في قلب دمشق. في الوقت نفسه، تشير تقارير متعددة إلى مقتل مقاتلين عراقيين ويمنيين كانوا متواجدين في الأراضي العراقية. مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات جزءًا من عملية تبادل سكاني، يتم فيها إخلاء المدنيين في اتجاه واحد، مقابل إحلال ميليشيات جديدة من نوع آخر في المناطق التي يتم إخلاؤها.
‎في سياق آخر، صدور فتوى من المرجع الديني علي السيستاني الداعية إلى مساعدة اللبنانيين، وخصوصًا عوائل حزب الله، عززت التحركات التي تشير إلى تنامي نفوذ الحزب داخل العراق. هذه الفتوى تُعتبر إشارة قوية لدعم اللبنانيين في ظل الأزمات التي يواجهها لبنان. من جانب حزب الله، هذا الدعم يُسهم في إعادة ترتيب صفوفه داخل العراق، وتعزيز نفوذه في المنطقة. الحزب يمتلك تواجدًا عسكريًا وسياسيًا في العراق، وهو يدعم فصائل مسلحة عراقية، وقد يصبح هذا التواجد أكثر تنسيقًا بعد الفتوى، خاصة مع الفصائل التي تربطه بها علاقات قوية داخل الحشد الشعبي.

اضف إلى ذلك اصدار بيان باسم رئيس الوزراء العراقي بإطلاق تسمية "ضيوف العراق" على اللاجئين اللبنانيين و منع إطلاق مفردة "نازحين" عليهم و اعطائهم حقوق في التسكين و العمل هذا الشيء الي فسره البعض على انه عملية ممنهجة هدفها التغيير الديمغرافي بشي اشبه بالاستيطان المبني على أسس مذهبية.

‎إلى جانب الدعم العسكري، يُحتمل أن تفتح الفتوى أبوابًا للدعم المالي واللوجستي من العراق لعوائل حزب الله، وسط الضغوط الاقتصادية المتزايدة في لبنان. العراق يُعد أيضًا ساحة استراتيجية للحزب، الذي يستفيد من وجوده هناك لتأمين خطوط الإمداد وتطوير علاقاته الإقليمية مع سوريا وإيران.

‎في هذا السياق، تترافق هذه التحركات مع أوضاع مأساوية للعراقيين السنة المهجرين، حيث يوجد في مخيم بمنطقة بزيبز في صحراء الأنبار 1348 عائلة عراقية سنية مهجرة قسريًا منذ 10 سنوات. هذه العائلات تنتمي إلى عشائر مثل الجنابيين والدليم والعويسات، وغالبيتها من مناطق مثل جرف الصخر والثرثار، التي تحتلها ميليشيات مثل كتائب حزب الله والعصائب وبدر. تلك الميليشيات تمنع الأهالي من العودة، وقد هدمت المنازل واستغلت المزارع والبساتين لصالحها.

‎داخل المخيم، 70% من السكان هم نساء وأطفال، وغالبيتهم لم يحصلوا على التعليم. في العام الحالي، تم تسجيل 60 حالة وفاة نتيجة أمراض مثل السرطان والفشل الكلوي. ويحصل السكان على وجبة لحم أو دجاج واحدة كل 15 يومًا، غالبًا من خلال تبرعات خارجية. كما تم إنشاء مقبرة قرب المخيم لدفن الموتى. وتفرض حكومة السوداني قيودًا صارمة على دخول الصحفيين ووسائل الإعلام إلى المخيمات، مما يعقد الكشف عن حقيقة الوضع المأساوي الذي يعانيه المهجرون.

‎هذه التطورات تطرح تساؤلات حول العلاقات الإقليمية المتشابكة، ودور الفصائل المسلحة في إعادة تشكيل الخارطة السكانية والعسكرية في كل من العراق وسوريا.