ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

تحليل ديناميكيات أساسية: كامالا هاريس، إيلون ماسك، ودونالد ترامب

في المشهد السياسي المتغير بسرعة اليوم، تلعب الروايات الإعلامية دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام. الأسئلة المثارة حول العلاقة بين كامالا هاريس، إيلون ماسك، ودونالد ترامب تكشف عن تفاعلات معقدة مع شرائح مختلفة من السكان. فهم هذه العلاقات يمكن أن يقدم رؤى مهمة حول الديناميكيات السياسية الحالية في الولايات المتحدة، خاصة من منظور داعم لدونالد ترامب.
 

على الرغم من مكانتها التاريخية كأول امرأة من أصول أفريقية وجنوب آسيوية تتولى منصب نائب الرئيس، تواجه كامالا هاريس انتقادات متزايدة بشأن علاقتها مع المجتمع الأفريقي الأميركي، خصوصًا مع الرجال السود. سجلها كمدعي عام لولاية كاليفورنيا غالبًا ما يتم الاستشهاد به كفترة كانت سياساتها خلالها تؤثر بشكل غير متناسب على الرجال السود، خاصة من خلال دعمها لسياسات “التشدد ضد الجريمة”. هذه السياسات أسهمت في تعزيز المراقبة المفرطة والسجن الجماعي، مما ترك تأثيرًا عميقًا على هذا المجتمع.
 

هذا التباعد ليس فقط بسبب قراراتها السياسية، بل أيضًا على مستوى التواصل الشخصي. فقد فشلت هاريس في بناء علاقة قوية مع الناخبين من الرجال السود، وهي فئة لعبت دورًا حاسمًا في انتخاب شخصيات مثل باراك أوباما. وعلى عكس أوباما، الذي حظي بدعم واسع من الرجال السود، تواجه هاريس صعوبة في كسب تأييد هذه الفئة الرئيسية. بالنسبة لشخصية محورية في الحزب الديمقراطي، فإن هذا الفشل في التواصل مع الرجال السود قد يشكل تحديًا كبيرًا، خصوصًا مع اعتماد الديمقراطيين الكبير على دعم الأقليات في الانتخابات
 

بالنسبة لإيلون ماسك، فإن دعمه لدونالد ترامب، رغم أنه قد يكون مفاجئًا للبعض، يعكس تلاقي المصالح بينهما، خاصة في السياسات الاقتصادية وموقفهما المشترك ضد التدخل الحكومي المفرط. ماسك، كرجل أعمال ورائد تقني، يعتبر نفسه مؤيدًا للأسواق الحرة والابتكار. في عهد ترامب، شهدت رئاسته تقليصًا كبيرًا في اللوائح، خاصة في القطاعات التي تعد حيوية لأعمال ماسك مثل الطاقة والتكنولوجيا. تخفيضات الضرائب والجهود المبذولة لتخفيف الأعباء التنظيمية سمحت لشركات مثل “تسلا” و”سبيس إكس” بالازدهار دون قيود حكومية تعيق الابتكار.

علاوة على ذلك، فإن معارضة ماسك للتصحيح السياسي وانتقاده للتيار الليبرالي يتماشيان مع خطاب ترامب الشعبوي. ماسك لا يتردد في تحدي المعايير التقليدية والانتقادات السائدة، وهو ما يعكس نهج ترامب الذي يتميز بالقدرة على إثارة قواعده الشعبية وإيجاد صدى بين أولئك الذين يشعرون بالتهميش من قبل النخب السياسية. هذا التوافق الفلسفي، المستند إلى رفض التيار السائد ورؤية مشتركة للمستقبل، يفسر لماذا اختار ماسك دعم ترامب على الرغم من اختلاف شخصياتهما العامة. فمواقفهما المناهضة للمؤسسة السياسية التقليدية تُظهر تقاربًا في الأهداف، حيث يسعى كل منهما إلى تغيير القواعد التي تحد من حرية الابتكار والتعبير.
 

أما بالنسبة لدونالد ترامب، فإن علاقته مع النساء البيض كانت محط جدل مستمر. على الرغم من أن الإعلام الليبرالي غالبًا ما يبرز معارضة النساء البيض لترامب، خاصة في قضايا تتعلق بالمساواة بين الجنسين وحقوق الإنجاب، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. لا يزال ترامب يحظى بدعم قوي بين النساء البيض من الطبقة العاملة، خاصة في المناطق الريفية أو تلك التي تعاني من تأثيرات سلبية للتصنيع والبطالة.

هؤلاء الناخبات يتوافقن مع رسالة ترامب الشعبوية التي تركز على القومية الاقتصادية، وخلق فرص العمل، ورفض ما يعتبرونه نخبوية سياسية تتركز في المدن الكبرى. بالنسبة لهن، ترامب يمثل حاميًا للقيم التقليدية ويقدم توازنًا ضروريًا للنظام السياسي الذي يتجاهل مصالحهن. على الجانب الآخر، فإن تعامله مع النساء البيض المتعلمات في الضواحي كان أكثر تعقيدًا. هذا القطاع من الناخبين، المتأثر بالمسائل الاجتماعية وإدارة ترامب لجائحة كورونا، اتجه أكثر نحو الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة. ومع ذلك، فإن إنجازات ترامب الاقتصادية قبل الجائحة، وموقفه القوي بشأن القانون والنظام، لا تزال تجذب دعم شريحة كبيرة من هؤلاء الناخبات.

في النهاية، تُظهر العلاقات التي تربط كامالا هاريس، إيلون ماسك، ودونالد ترامب مع فئات الناخبين الرئيسية موضوعات أوسع في السياسة الأميركية المعاصرة. تواجه هاريس تحديات في التواصل مع الرجال السود بسبب سجلها القانوني، في حين أن دعم ماسك لترامب يؤكد التزامهما المشترك بالحرية الاقتصادية والابتكار. أما علاقة ترامب بالنساء البيض فهي معقدة ولكنها مستمرة في التأثير على ديناميكيات الانتخابات الأميركية، مع دعم قوي من فئات معينة ومعارضة من أخرى.