صالح علي باراس يكتب:

انهيار الريال اليمني: أزمة سياسية أم اقتصادية؟

بسبب الانهيار الكارثي للعملة طالب البعض ‏ليس بإقالة رئيس الوزراء من منصبه ، وهي اقالة لن تعالج وتحل مشكلة إنهيار الريال أمام العملة الأجنبية فالمهم في المعالجة ليس الاقالة بل المهم هل تبقى قواعد اللعبة كما هي قبل الاقالة ام ستتغير؟
هذه القواعد لم يغيرها اتفاق الرياض ولا تشكيل الرئاسي ولايديرها الرئاسي ولا بن مبارك وحدهما بل جزء من ادوات الحرب وجزء من نظام المحاصصة الذي يحمي الفساد فلو ظلت تلك القواعد وتلك المحاصصة المحمية فلا تحسّن للوضع المالي والاقتصادي لان ذلك يمنع الشفافية ويمنع المساءلة والمحاسبة

فقيمة الريال في مناطق الحوثي محددة ومراقبة من قبل السلطة لغرض سياسي اما في المناطق المحررة فهي معوّمة بعرض السوق وطلبه فيبيع البنك العملة لكن اختلاف النهجين يُستَثمر لاستقرار الوضع في الشمال واضطرابه جنوباً  اضافة الى سيطرة الرسمال الشمالي على السوق وبالتالي السيطرة على العملة الاجنبية وكذا تجارة القات التي تتحول الى الشمال بالعملة الاجنبية وكلها عوامل ليست لصالح الجنوب  ومن الاسباب الظاهرة ل‏انهيار العمل منع الحوثي تصدير النفط وعدم قدرة او رغبة الدول الراعية في كبحه وكذا الضغط الاقليمي على البنك المركزي للتراجع عن قراراته وتنصل دول ولاية الحرب عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه البلد باعتبارها المسؤولة عن قرار وادارة المرحلة ، عدا الاسباب السياسية المتعددة والسبب الرئيس في انهيار العملية السياسية اليمنية هو الانقلاب الحوثي وممارساته التي الحقت الضرر بالمنظومة الاقتصادية والمالية وعرضتها للعبث والتخريب وكذا ادارة البلاد عن بُعُد وما يكلف من هدر للموارد الضئيلة وبالعملة الاجنبية على قطعان من الشرعية في السفارات  البعثات والملحقيات والكم الهائل من الدرجات الدبلوماسية التي تنهب العملة  ولا فائدة منها وكذا فساد رواتب الحكومة والنواب والنافذين الذين يستلمون رواتب بالعملة الاجنبية

مهما كانت التحذيرات ومهما كان مصدرها من خطورة الكارثة الاقتصادية والمالية فان استمرار البنك في سياسته المالية الحالية فلن تجدي وهي كمن يحلب في غربال سواء ما يخص ضخ العملة الأجنبية عبر المزادات التي تفتقر إلى الشفافية والتي تذهب غالبيتها لصالح بنوك وشركات صرافة تقع مراكزها في صنعاء ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي ، ولا تستفيد منها السوق المحلية في المحافظات المحررة او غيرها من مسارب الفساد المالي الذي صار هو القاعدة وليس الاستثناء ولا يقتصر الامر على سياسة البنك بل سياسة الحكومة التي ظلت تكرر موروث الفساد من العهد السابق في ظل حرب اكلت كل المدخرات

ان غلاء المعيشة خنق الجميع  يومًا بعد يوم جعل الحياة صعبة على الجميع فالاسعار في ارتفاع والرواتب تتآكل قيمتها الشرائية فلا تستطيع  تغطية الاحتياجات الأساسية للاسرة
لا يمكن لحكومة الشرعية حل هذه الأزمة بمعالجات اقتصادية فقط، في حين أن الأسباب الحقيقية لهذا الانهيار في مجملها سياسية وعسكرية بدأت بنهب البنك المركزي في صنعاء ، ولم تتوقف عند استهداف الميليشيات الحوثية لموانئ تصدير النفط والسياسيون غارقون في وعودهم الفارغة ومصالحهم الشخصية وانعكس ذلك على المواطن الذي يعاني بسبب فشلهم وفشل دول ولاية الحرب في إدارة الأوضاع!