د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

من هو رضا محمد رضا بهلوي، وماذا يريد ومن ورائه؟

رضا محمد رضا بهلوي هو الابن الأكبر للشاه السابق محمد رضا بهلوي شاه إيران المخلوع الذي أطيح به خلال الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979. وهو شخص زُجوا به في المشهد السياسي الإيراني على نحو هزلي إذ من غير المنطق أن يُطرح جلاد الشعب الذي لا يعترف بالثورة الإيرانية ولا يعتذر للشعب عن أخطاء أبيه وجده كمنقذ للشعب مما هو فيه من بلاء علما بأن زجه في المشهد السياسي الحالي لن يخدم سوى نظام الملالي ويدعم بقائهم في السلطة، كما أنه لا تأثير له على الواقع السياسي المعارض للملالي بل يعد وجوده بمثابة محاولة لضرب القوى الوطنية الإيرانية وعلى رأسها المقاومة الإيرانية. 

ماذا يريد رضا بهلوي؟

نتساءل هنا هل نصب الشعب الإيراني رضا بهلوي الجد على حكم إيران أم نصبته القوى الاستعمارية التي خلعته بدورها ونفته أيضاً ونصبت أباه محمد رضا بهلوي وتخلت عن حمايته وأسقطه الشعب بثورة وطنية يشهد لها التاريخ فأي عرشٍ هذا الذي يريد استعادته وأي شرعية لمسعاه استعادة العرش وسلطة الاستبداد التي مارسها على الشعب الإيراني بكافة مكوناته، ومثله وبقايا نظام أبيه لا يقرون بمبدأ حكم القانون وإقامة الديمقراطية العدالة الاجتماعية واحترام الحريات الأساسية والمساواة تلك القيم التي طرحتها المقاومة الإيرانية في برنامج المواد العشر للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قِبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للمرحلة الانتقالية.

من ورائه؟

لا يحظى رضا بهلوي بدعم أيٍ من الإيرانيين سوى أولئك المنتفعين من بذخه وأمواله وبعض بقايا نظام أبيه في المنفى من أجل منافعهم أيضاً، وخصوصا ذوي السلوك العنصري والرؤى الضحلة وقلة من الآخرين الذين سرعان ما ينفضون من حوله نافرين هاربين مصدومين بواقعه وجماعته المحيطة به.

ونظراً لسلوكه وتاريخه وتاريخ أسرته فلن يحظى بـ تنظيم شعبي أو تأييد داخل إيران وقد تحدث عن مسعاه إلى جمع تأييد شعبي له قبل عام لكنه لم يُفلح في شيء، وتميل جماهير الشعب في داخل إيران إلى التنظيمات الحقيقية التي لها تاريخ نضالي طويل ضد جمهورية الملالي كمنظمة مجاهدي خلق ووحدات المقاومة التابعة لها داخل إيران والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يضم قوى وطنية إيرانية أصيلة ومتجذرة بالإضافة إلى القوى الوطنية الإيرانية الحقيقية الأخرى التي نأت بنفسها صادقة بعيداً عن الملالي وعن المشاريع الرجعية المعادية تاريخياً للشعب الإيراني. 

يدعم نظام الملالي بشكل غير مباشر تحركات ابن الشاه المخلوع ويشجع البعض على الانضمام لتحركه لأن ذلك بالنهاية يصب في مصلحة بقاء الملالي في السلطة كما يتلقى رضا بهلوي دعماً من جهات خارجية متمثلة في تيار الاسترضاء والمهادنة الذي يدعم بقاء الملالي على سدة الحكم في إيران.

هل فعلا يريد رضا بهلوي ترك أجوائه والدخول في معترك الشراكة في الحكم إلى جانب الملالي؟

السؤال المطروح حول رغبة رضا بهلوي في الدخول في شراكة مع الملالي هو سؤال بالغ الأهمية ويتطلب تحليلًا دقيقًا، وذلك لأسباب عدة من بينها طبيعة النظام الإيراني الحالي الذي يرتبط به هو أيضا، وله علاقات مع أجهزة نظام الملالي ويرفض نزول الشعب الإيراني بثورة إلى الشارع للإطاحة بهذا النظام فكيف يريد الإطاحة به، والرأي الغالب هنا هو صحة فكرة أمل ورغبة رضا بهلوي بالشراكة مع الملالي في منظومة الحكم القائمة مقابل أن يساند نظام الولي الفقيه في قمع المقاومة الإيرانية والقضاء عليها في الخارج، وقد سعى ملالي إيران إلى ذلك منذ عقود ولم يفلحوا، كذلك لم يفلحوا في القضاء التنظيمات الداخلية لمجاهدي خلق ووحدات المقاومة التابعة لهم، ولم يفلحوا في القضاء على القوى الوطنية الأخرى رغم القمع والتعذيب والاعتقالات التعسفية وحملات الإعدام التي طالت جميع المعارضين للملالي.

هل يستطيع أمثال رضا بهلوي إعادة الشاهنشاهية إلى إيران أم أنه مسعى منه لتخفيف حدة مآزق النظام

يُدرك رضا بهلوي ابن شاه إيران أن فكرة إعادة الشاهنشاهية إلى إيران غير واقعية وغير مقبولة لعدة أسباب، من بينها: التغيرات الاجتماعية والسياسية:  منذ الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979التي لا يعترف بها هو وبقايا نظام أبيه تغيرت البنية السياسية والاجتماعية لإيران وبالتالي فإنه لا مكان له سوى ذلك الذي سيحدده له الملالي مقابل ما سيقوم به من خدمات، فالجيل الإيراني الحالي سئم كل الأنظمة الاستبدادية كنظام أبيه وأسرته ونظام الملالي، ويرفع الشعب الإيراني بكافة مكوناته العرقية والدينية والمذهبية صوته مناديا بالتغيير رافضاً نظام الشاه والشيخ ورافضا استبداد الشاه والشيخ، وعليه فإن طرح عودة النظام الشاهنشاهي طرحٌ محكومٌ عليه بالموت سلفاً وهو في حقيقة الأمر مناورة أما لـ لي ذراع الملالي أو مسعى للتضييق على المعارضة الوطنية الإيرانية الحقيقية التي تهدد وجود الملالي وتقضي على أخر آمال بقايا نظام الشاه في أن يكون لهم مكاناً سياسياً في حكم إيران، ويرى الكثيرون أن إيران بحاجة إلى نظام جديد لكن ذلك لا يعني ذلك بالضرورة العودة بالشاهنشاهية بماضيها البغيض إلى حكم إيران، ومواجهة النظام الإيراني الدكتاتوري العنصري الحالي الذي يواجه تحديات داخلية مثل الأزمات الاقتصادية والضغوط الدولية لا تكون من خلال السعي والعمل على عودة الشاهنشاهية كحل أو كمخرج وإنما حل ومخرج لإنقاذ الملالي مما هم فيه.

ختاما لن تعود الشاهنشاهية ولن يبقى الملالي في الحكم طالما هناك شعبٌ ثائر وورائه قوى وطنية حقيقية غير تلك التي تعمل بالتكليف كعمل وتحركات ابن الشاه أو تلك التي تسمي نفسها بـ الوطنية وهي نائمة في فراش الولي الفقيه.

د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي