اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الدور التركي المشبوه في أحداث سوريا: أهداف خفية وتداعيات خطيرة
مع تعثر قوات الحكومة السورية في رد هجمات جيوش المعارضة, والاجتماعات المتعددة في المنطقة للأطراف المؤثرة (ايران – العراق – سوريا – روسيا) لمناقشة التطورات في سوريا مستمرة بغرض الحل, وقد تناقلت وسائل الاعلام اقترح عراقجي بأن طهران تفكر في إرسال قوات لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد إذا طلبت دمشق ذلك, يأتي ذلك في الوقت الذي ينتقد فيه النقاد ووسائل الإعلام في طهران تركيا المجاورة، ويتهمون أنقرة بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني وامريكا في تأجيج الهجوم المسلح السني.
وقد أكد الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في 2 كانون الأول/ديسمبر التزام طهران بدعم الحكومة السورية وسط الهجوم المستمر الذي تقوده الجماعة الإسلامية السنية "هيئة تحرير الشام", وتعهد بيزشكيان بالانخراط في الدبلوماسية الإقليمية، وتعهد بتقديم الدعم لسوريا في مكالمات هاتفية منفصلة مع الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وتؤكد اغلب الاطراف الاقليمية المؤثرة على أهمية بقاء سوريا, والتوقع بانها ستتغلب على "المؤامرات الصهيونية" المحاكة ضدها.
· الدور التركي الخبيث
كل الاطراف ينتابها قلق من ان تتحول سوريا قاعدة للإرهاب, لذلك تنصب اغلب الجهود لدعم الحكومة السورية في مواجهة الفصائل المتطرفة والتي بعضها (دواعش), وتتابع إيران الجهود الدبلوماسية لإبطاء هجوم المسلحين المتطرفين, تجدر الإشارة إلى أن بعض الفصائل المتمردة كانت تاريخياً مدعومة من تركيا تسليحا وتدريبا وتمويلا, ان الهجوم المسلح الذي شنته فصائل التمرد في سوريا يدلل على أنه "عمليات إرهابية منسقة", بحجم الهجوم وتعقيده يشيران إلى وجود دعم خارجي متعمد، وفي مقدمته الولايات المتحد مع تركيا.
واتهم علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري السياسة الخارجية الإيرانية ووزير الخارجية السابق تركيا في 3 ديسمبر/كانون الأول بالوقوع في "فخ" نصبته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في سوريا. وقال ولايتي إن تركيا كانت "بيدقاً في أيدي أمريكا والنظام الصهيوني" لبعض الوقت.
كما انتقد الناقد المتشدد سعد الله زارع، وهو شخصية يُنظر إليها على أنها قريبة من قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، "النهج القبيح" الذي تتبعه تركيا في سوريا واتهمها "بالتآزر" مع إسرائيل.
ونظمت مجموعة من المتظاهرين مسيرة خارج السفارة التركية في طهران يوم 2 ديسمبر/كانون الأول لإدانة ما وصفته وسائل الإعلام الإيرانية بـ "المساعدة التركية لتقوية الجماعات المعارضة للحكومة السورية".
· طموحات تركيا لإحياء العثمانية
يجب ان تحذر تركيا من "الرهان على ورقة الإرهاب", واكيد سيكون له انعكاسات مرعبة حتى على تركيا نفسها, إذا استمر الاتراك في دعم الجماعات المتطرفة ودفعها للهجوم المسلح على مدن سوريا, ويبدو في الموضوع ان هناك طموحات كبيرة لاردوغان للتوسع واعادة احياء الدولة العثمانية بنحو ما, والاكيد ان هذا الدور الخبيث لن يرحم حتى تركيا فيكون له انعكاسات مخيفة على تركيا, وهنالك اتهامات كثيرة بالتواطؤ التركي مع الكيان الصهيوني, لتحقيق أهداف مشتركة.
وقال المراقب السياسي حسام الدين بوروماند في صحيفة همشهري: إن الهجوم المسلح كان جزءًا من جهد أوسع تبذله إسرائيل والدول العربية وتركيا والولايات المتحدة لإضعاف نفوذ طهران الإقليمي.
لقد كانت إيران منذ فترة طويلة حليفًا رئيسيًا للحكومة السورية، وتدخلت بعد اندلاع الاضطرابات في عام 2011، حيث قدمت الدعم العسكري والمالي والاستشاري للأسد, ويتعرض الدعم الإيراني للأسد للاختبار مرة أخرى عندما شنت الجماعات المسلحة هجومًا مفاجئًا في أواخر نوفمبر 2024، مستهدفًا المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حلب.
· هيئة تحرير الشام الارهابية
تدعي هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية سنية متطرفة مقرها إدلب، هدفها المعلن الذي يكون بالظاهر هو "تحرير الأراضي", لكنها تواجه اتهامات من دمشق وطهران بتلقي دعم أجنبي خصوصا من تركيا والكيان الصهيوني, عبر التسليح والتمويل والتدريب والمستشارين العسكريين والمعلومات عبر الأقمار الصناعية, وكانت هيئة تحرير الشام تابعة سابقًا لتنظيم القاعدة، وهي واحدة من أكبر جماعات المعارضة للحكومة السورية الشرعية, وقد تم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل إيران والولايات المتحدة.
ومن الممكن أن تتعرض العلاقات بين إيران وتركيا، القوى الإقليمية الكبرى التي لها مصالح مهمة في سوريا، للاختبار وسط الأزمة الحالية.
لقد دعمت تركيا قوى المعارضة في سوريا في الماضي، لكنها لا تزال مشاركًا في الأطر الدبلوماسية مثل عملية أستانا إلى جانب إيران وروسيا, والتي هي مبادرة دبلوماسية أطلقتها إيران وروسيا وتركيا في عام 2017 , بهدف حل الصراع السوري من خلال المفاوضات بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة، مع التركيز على وقف إطلاق النار ومناطق خفض التصعيد.
وهذه الهيئة التكفيرية تشكل خطر اقليمي شديد التعقيد, اذا ما تمكنت من الانتصار في الصراع الحالي, خصوصا مع وجود حواضن لهذا الفكر التكفيري في العراق والأردن ولبنان وحتى تركيا نفسها, اي انه يمكن ان تتوسع النار.