عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):

نظام ولاية الفقيه يسعى إلى إنتاج قنبلة ذرية!

لقد لجأ النظام الديني الحاكم في إيران إلى إنتاج الأسلحة النووية من أجل بقائه. هذا النظام لا يفكر بأي حال من الأحوال في تحسين أوضاع الشعب الإيراني ورفاهيته وتطوره وتقدمه. ولهذا السبب فإنه نظام غير شرعي، والشعب الإيراني يتوق إلى الإطاحة به. فالهدف الأساسي لهذا النظام منذ تأسيسه هو السيطرة على السلطة باسم "الإسلام" ليس إلا. بينما الإسلام دين الرحمة والسلام والصداقة والتعايش. إن واقع حال الشعب الإيراني تحت حكم النظام الديني الحاكم يؤكد هذه الحقيقة.

سقط أكثر من 120,000 قتيل برصاص الجلادين، وتم اعتقال ملايين الإيرانيين وتعذيبهم وتشريدهم. وتتصدر هجرة الكفاءات من إيران عناوين الأخبار في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية بين الحين والآخر. ويتزايد الغلاء والفقر والبطالة والفجوة المعيشية بين الطبقة الحاكمة (الأقلية الصغيرة) والشعب الإيراني (الأغلبية الساحقة) يوماً بعد يوم. وتستأثر المشاريع العسكرية بأكبر حصة من ميزانية الدولة سنويًا. ويشهد العدوان الذي يمارسه النظام الديني الحاكم في إيران خارج حدوده تصعيدًا مستمرًا. لقد أصبح إرهاب الدولة الإيرانية في كثير من الأحيان عنواناً رئيسياً في الصحف الدولية حول العالم، وبالتزامن مع استمرار هذا الوضع تم تمرير قرار جديد لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يعكس قبل كل شيء حقيقة أن هذا النظام الديكتاتوري الديني هو نفس النظام الذي استولى على السلطة في إيران منذ البداية على يد خميني وبدعم من قوى دولية مشبوهه. ولذلك لا سبيل للخروج من هذا الوضع إلا بإسقاط هذا النظام!

تمت الموافقة مؤخراً على قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالتصويت الإيجابي لـ 19 دولة من إجمالي 35 عضوا في المجلس. وشددت الدول التي صاغت مسودة القرار على ضرورة تقديم تقرير شامل بحلول ربيع عام 2025، مؤكدة على عدم جدية نظام الملالي في التعاون وانتهاكاته المتكررة للالتزامات المتعلقة بالضمانات. والغرض من التقرير الشامل هو تحديد حالات انتهاكات الضمانات وتحدي النظام الإيراني لآليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعلى الرغم من أن إجراء الوكالة هذا قد جاء متأخراً، إلا أنه يمثل خطوة ضرورية لمواجهة النظام الذي سعى وما زال يسعى جاهداً وبشكل سري للحصول على السلاح النووي واحتجاز مصير شعوب العالم كرهينة. ظل النظام الإيراني محصناً لسنوات طويلة من عقوبة تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية لإنتاج القنبلة الذرية، من خلال خداع المجتمع الدولي. ويعكس هذا القرار في الوقت نفسه فشل سياسة المهادنة والمساومة التي اتبعتها الدول بلا نهاية مع هذا النظام الفاشي بشأن برنامجه النووي التخريبي سياسة المهادنة التي لا نهاية لها مع هذا النظام حول مشروع تطوير الأسلحة النووية الذي لا يخدم مصلحة بالشعب.

تجدر الإشارة إلى أن القرار المشار إليه شدَّد على ضرورة تعاون نظام الملالي بشكل كامل وفوري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتصرفه بشفافية، فضلاً عن أنه أبدى قلقاً بالغاً إزاء العثور على آثار اليورانيوم في 4 مواقع في إيران لم يتم الإعلان عنها، وخرق النظام الإيراني لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (ان. بي. تي)!

التداعيات الدولية المترتبة على اعتماد القرار

في الواقع، يبعث هذا القرار برسالة من المجتمع الدولي إلى النظام الإيراني مفادها أنه لم يعد مستعدًا للتسامح مع السلوك غير الشفاف وعدم استجابة هذا النظام، وأنه يجب تفعيل إما "آلية الزناد" (العودة التلقائية للعقوبات)، أو إحالة الملف النووي للنظام الإيراني إلى "مجلس الأمن"، وهو ما يعني اتخاذ الإجراءات اللازمة المنصوص عليها في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أو بمعنى آخر، إعادة تطبيق القرارات الـ 6 التي سبق أن اتخذها المجلس المذكور ضد النظام الإيراني.

على إثر ذلك، أعلن نظام الملالي عن "تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة" وأكد على استمرار برامجه النووية، في محاولة للخروج من المأزق، مما يعكس أن هناك خوف وأزمة عميقة في الشرعية الدولية، إضافة إلى فشله في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية.

وتجدر الإشارة إلى أن الحرسي علي لاريجاني أدلى بتصريح مخادع ومليء بالهلع خلال مقابلة مع موقع خامنئي، في 20 نوفمبر 2024، أي قبل يوم واحد من اعتماد القرار، موجهاً كلامه إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، قائلاً: "... لا يوجد أمامكم سوى طريقين: إما العودة إلى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه سابقًا، وإما التفاوض على اتفاق جديد شرط قبولكم بشروطنا." (وكالة "خبرآنلاين" للأنباء- 22 نوفمبر 2024).  

دور المقاومة الإيرانية المحوري في كشف النقاب عن المشاريع النووية للنظام الإيراني

لطالما لعبت المقاومة الإيرانية، على مدى العقود الثلاثة الماضية، دورًا محوريًا في توعية المجتمع الدولي، من خلال كشف النقاب عن الأنشطة النووية السرية للنظام الإيراني.  أعلنت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المتنخبة من قبل المقاومة الإيرانية أن المصادقة المتأخرة على قرار مجلس محافظي منظمة الطاقة الذرية ضد نظام الملالي يشهد على صحة مواقف المقاومة الإيرانية ومدى دقتها وصدقها بشأن النوايا الخفية والأنشطة النووية السرية لهذا النظام الفاشي. وقالت السيدة رجوي: " منذ 33 عامًا على كشف المقاومة الإيرانية النقاب عن البرنامج النووي للنظام، وخاصة بعد 22 عامًا من الكشف عن المركزين الرئيسيين في نطنز وآراك، لم يعلن نظام الملالي طوعًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أيٍ من مشاريعه النووية غير القانونية". (بيان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية – 22 نوفمبر 2024).  

التكلفة الإجمالية لنظام الملالي على المشروع النووي

لقد تسبب تطوير النظام الديني الحاكم في إيران لبرنامجه النووي غير الشفاف في فرض أعباء اقتصادية ثقيلة على الشعب الإيراني. وتشير التقديرات إلى أنه تم تحمل هذه التكاليف في الوقت الذي تعاني فيه قطاعات كبيرة في المجتمع الإيراني من مشاكل اقتصادية، وفقر واسع الانتشار، ونقصٍ في الخدمات الاجتماعية.

الكلمة الأخيرة، الأمر يتطلب تدخلاً فورياً وحازمًا

رغم أن المفاوضات بين النظام الدكتاتوري الإيراني ووفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستمرة، فقد قال وزير خارجية نظام الملالي، عباس عراقجي: "إذا استمر الغرب في التهديد بإعادة فرض كافة العقوبات الأممية، فمن المرجح أن ينحرف الجدل النووي داخل إيران نحو ضرورة امتلاك الأسلحة النووية". بيد أن المواجهات وصلت إلى نقطة حرجة وتأثرت بالتطورات الإقليمية والعالمية، ويعاني النظام الحاكم في إيران من أزمة خطيرة. وما لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد هو التهديدات الفارغة الذي يطلقها هذا النظام الفاشي.  

ورغم أن اعتماد القرار الأخير يشكل خطوة مهمة، إلا أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ المزيد من الخطوات للحيلولة دون تطور الأنشطة النووية الإيرانية غير القانونية. ومن الضروري أن يقوم المجتمع الدولي، كما قالت السيدة مريم رجوي، باستخدام آلية التصعيد المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي الـ 2231، وتفعيل قرارات مجلس الأمن الـ 6 المتعلقة بالمشاريع النووية للنظام الإيراني؛ من أجل منع هذا النظام من امتلاك الأسلحة النووية. 

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني