نورالدين خبابه يكتب لـ(اليوم الثامن):
الجزائرفوبيا وكيف نواجهها؟
الجزائرفوبيا هو مصطلح يعبر عن ظاهرة مشابهة للإسلاموفوبيا أو العربوفوبيا التي كتبت عنها منذ أكثر من عشر سنوات. قد يتقاطع المصطلحان في بعض الجوانب، إذ يشيران إلى ظاهرة الخوف أو الكراهية أو التحيز السلبي تجاه فئة أو قومية معينة.
في حالة الجزائرفوبيا، يتوجه هذا التحامل ليس ضد السلطة أو النظام في الجزائر فقط، بل ضد الجزائر كدولة والشعب الجزائري وهويته الوطنية.
الجزائرفوبيا هي مرض اجتماعي وفكري تتبناه فئات وهيئات وتنظيمات متعددة، ويتجسد في وسائل الإعلام المختلفة التي تسعى إلى تشويه صورة الجزائر بين الأمم وعزلها إقليمياً وعربياً ودولياً. هذا التوجه العنصري يهدف إلى إضعاف تأثير الجزائر على الساحة الدولية، ومنعها من أن تكون قوة إيجابية في محيطها الإقليمي والعالمي. إذ تسعى هذه الجهات إلى فرض واقع موازٍ يهدف إلى تهميش الجزائر وعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، والتقليل من تأثيرها في قضايا حرية الشعوب، مثل القضية الفلسطينية.
من خلال هذه الظاهرة، يعمل البعض على إثارة النعرات والصراعات الداخلية في الجزائر، محاولين استنزاف قوتها من الداخل وتشتيت شعبها. وهذا يظهر جليًا في التصريحات الإعلامية وفي الحملات التي تشن ضد كل ما هو جزائري، حيث تتجلى هذه الكراهية حين يُذكر اسم الجزائر بإيجابية أو يُشاد بمكانتها التاريخية والثقافية. هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من الجزائرفوبيا ينهشون في سمعة الجزائر، بينما يستمرون في نشر سمومهم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
2. أسباب الجزائرفوبيا:
من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الجزائرفوبيا:
الاحتلال الفرنسي: العلاقة المعقدة بين الجزائر وفرنسا بسبب فترة الاحتلال (1830-1962) تظل عاملًا رئيسيًا في تأجيج مشاعر العداء تجاه الجزائر. الجزائر ترفض التخلي عن حقوقها التاريخية وتطالب فرنسا الرسمية بالاعتراف بجرائمها خلال فترة الاحتلال، مما يسبب جروحًا عميقة لا يمكن أن تُشفى في قلوب بعض الفرنسيين الذين يعتبرون الجزائر جزءًا من ملكهم الاستعماري.
الخلافات السياسية الإقليمية: الخلافات المستمرة بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية تساهم في توتر العلاقات بين الدول المغاربية وتساهم في تعزيز الجزائرفوبيا في بعض الأوساط.
التأثير في القضية الفلسطينية: الجزائر، التي خاضت حرب الاستقلال ضد الاحتلال الفرنسي، تُعتبر ملهمة للكثير من الشعوب التي تناضل من أجل التحرر. لذلك، لا يُرضي الكثيرين في العالم أن ترى الجزائر وهي تتخذ مواقف مستقلة تُناصر فيها قضايا الشعوب المستضعفة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
الصورة النمطية في الإعلام: يتم الترويج لصورة سلبية عن الجزائر والشعب الجزائري من خلال الإعلام الغربي والمقاطع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم التركيز على الإساءات والتشويه الثقافي لصورة الجزائر.
الجهل الثقافي: عدم المعرفة الكافية عن تاريخ الجزائر العريق وثقافتها المتنوعة يُعد سببًا رئيسيًا في تفشي الجزائرفوبيا. فالكثير من الناس في العالم يجهلون واقع الجزائر ويغفلون عن إنجازاتها.
3. مظاهر الجزائرفوبيا:
تتجسد الجزائرفوبيا في العديد من المظاهر، منها:
نشر خطاب الكراهية: يتم تصوير الجزائريين في بعض الإعلانات على أنهم أشخاص متوحشون وغير إنسانيين، مما يعزز الكراهية تجاههم.
التعميمات السلبية: يتم الترويج لفكرة أن الجزائر تفتقر إلى الإبداع والابتكار في مجالات الثقافة والعلم، مما يشوه صورتها لدى الآخر.
التقليل من قيمة الثقافة الجزائرية: في وسائل الإعلام الغربية، غالبًا ما يتم تجاهل التراث الثقافي الجزائري أو تقليصه، والتركيز على ما يُسيء إلى الجزائر وشعبها أو يتم نسب أمور جزائرية لغيرها.
استخدام منصات التواصل الاجتماعي للتشويه: تُستخدم منصات مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب وتيكتوك لنشر صورة مشوهة عن الجزائر، إذ يُستغل بعض الأفراد وأحيانًا مؤسسات معارضة لضخ معلومات خاطئة ومغلوطة.
4. كيفية مواجهة الجزائرفوبيا:
لمكافحة الجزائرفوبيا يجب تبني استراتيجيات فعالة:
التثقيف والوعي: يجب نشر الوعي بتاريخ الجزائر وثقافتها المتنوعة من خلال برامج تعليمية وحملات إعلامية تبرز الجوانب الإيجابية في الهوية الجزائرية.
التواصل الثقافي: تبادل التجارب الثقافية بين الجزائر ودول أخرى يمكن أن يكون له دور كبير في كسر الصور النمطية.
محاربة الأكاذيب: يجب الرد على المعلومات الخاطئة والتحيزات التي يتم نشرها ضد الجزائر بالحقائق والأدلة.
تعزيز الخطاب الإيجابي: تسليط الضوء على إنجازات الجزائر في المجالات المختلفة، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اقتصادية، لتغيير الصورة السلبية التي تم الترويج لها.
5. تعزيز صورة الجزائر عالميًا:
دعم الإنتاج الثقافي والفني الجزائري: يجب الترويج للإنتاج السينمائي والفني الجزائري عالميًا، وتعريف الجمهور بإنجازات الفنانين الجزائريين.
تسليط الضوء على الإنجازات الجزائرية: من خلال المؤتمرات الدولية والمعارض الثقافية، يمكن إبراز ما حققته الجزائر في مختلف المجالات.
تعزيز السياحة: يمكن الترويج للجزائر كوجهة سياحية غنية بالتاريخ والثقافة، مما يساعد على تعزيز صورتها الإيجابية في العالم. واستضافة مشاهير محترمين لنقل صورة ايجابية.
استخدام الإعلام بفعالية: يجب على الإعلام الجزائري أن يلعب دورًا أكبر في توصيل صورة حقيقية وإيجابية عن الجزائر.
في الختام، إن الجزائرفوبيا ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي ظاهرة عميقة الجذور تتطلب تحركًا جادًا من المجتمع الدولي، خصوصًا من الجزائر نفسها، لتغيير الصورة السلبية المرسومة عنها. ومن الواجب أن يُدرج هذا المصطلح في القاموس السياسي والثقافي الجزائري، ويُتبنى قانون يشدد على معاقبة كل من يروج للجزائرفوبيا، سواء كانت فردية أو جماعية.
نورالدين خبابه كاتب جزائري مقيم في فرنسا