اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):

السفر الى الماضي: العالم قبل 26 عاما

كان حلم الاجيال ان تقوم بسفرة للماضي وترى ما كان يحصل, وهو اليوم سهل يسير عبر مطالعة أخبار الأرشيف وصحف عتيقة, خصوصا ان هنالك مراكز للحفظ والتوثيق لكل شيء ولكل مجالات الحياة, وقد قررت ان اسافر الى الماضي بالتحديد الى يوم 1-2-1999 لشاهد العالم العربي كيف كان يتشكل, وماذا كان يحصل, مع التركيز على العراق وقضية فلسطين, وهو أمر مهم خصوصا ان الاغلبية التي عاشت تلك الايام اصابها النسيان, اما الاجيال التي ولدت بعد عام 2000 فهي لا تعرف شيء, فقط ترى حسب ما يتم تلقينها من معلومات عبر مواقع التواصل والاغلب معلومات غير صحيحة ومشوشة, وذات دوافع مريبة, لذلك سأحاول ان انظر الى العالم كيف كان قبل 26 عاما, خصوصا الشرق الاوسط, والحمد لله على نعمة وجود الصحف الارشيفية التي توثق التاريخ.

 

 

·     السعودية تنصب صواريخ باتريوت شرقا

بسبب الرعب الذي زرعه الأمريكان في قلوب حكام السعودية من نظام صدام, قام النظام السعودية بتنفيذ الرغبة الامريكية وشراء صواريخ باتريوت ونصبها شرق المملكة لردع اي هجوم عراقي محتمل, حيث التحركات الامريكية عام 1999 كانت توحي بهجوم امريكي قريب على العراق وتغيير النظام, وهذا الامر قبل حادثة برجي التجارة, وكانت الطائرات الامريكية والبريطانية تحلق في جنوب العراق و تضرب اهدافا, وفي شمال العراق حيث فرض خطوط عرض قسمت العراق الى ثلاث اقسام, وكانت أمريكا في نشاط حيث زار مساعد وزير الخارجية الأمريكي مارتن انديك الكويت وقطر والسعودية وعرض عليهم خطة الاطاحة بالطاغية صدام, واخبرهم المبعوث الامريكي: ان امريكا لا يمكن ان تنجح في اسقاط نظام صدام من دعم دول الخليج.

مع ان الجيش العراقي كان يمر بحالة من الفساد والتراجع, لكن امريكا جعلت من جيش صدام بعبع لإجبار دول الخليج لشراء السلاح الامريكي و لافتتاح القواعد, ثم ذريعة لاحتلال العراق, فالتفت لحجم الخدمة التي قدمها (صدام التكريتي) لأمريكا والامبريالية العالمية, فهو أفضل خادم لأمريكا خلال الخمسين سنة الأخيرة.

 

·     عرفات يريد إعلان دولته ومصر تعترض

في تلك الايام من عام 1999 أعلن ياسر عرفات في مؤتمر دافوس ان إعلان الدولة الفلسطينية سيكون في شهر أيار من عام 1999 ولن يتراجع عن هذا الموعد, الذي تم تثبيته حسب اتفاقات أوسلو 1993 الخاصة بالسلام, وصرح بأن هنالك خلافات مستمرة مع الصهاينة حول مساحة تلك الدولة الفلسطينية التي سيتم الإعلان عنها.

بالمقابل صرح الرئيس المصري حسني بأنه يطالب بتأخير الاعلان لفترة اخرى كي لا يعطي الفرصة "للمتطرفين" لاثارة المشاكل, ويقصد التيار الاسلامي الذي اصبح لاحقا حماس, وقد تعرض عرفات في تلك الاشهر لضغوطات امريكية واوربية لتاخير الاعلان تلبية لرغبة الصهاينة.

 

·     امريكا تعارض تولي المعارضة الحكم بعد صدام

شنت جماعة من المعارضة العراقية تصريحات وردت على لسان مسؤول امريكي رفيع, حيث قال المؤتمر الوطني العراقي ان التصريحات التي أدلى بها الجنرال انطوني زيني قائد القوات البحرية الامريكية في الخليج, حيث قال احمد علوي: "ان وجهة نظر زيني القائلة بان العراق سينقسم على نفسه, وأن المجتمع العراقي لن يتحمل انهاء دكتاتورية صدام, قد جانبها الصواب هذه التصريحات, وتكشف عن نقص في المعلومة والمعرفة.

وقد صرح زيني ان المعارضة لا تمثل تهديد لنظام صدام, وليس لها القدرة على الاطاحة بالنظام البعثي في بغداد, وقد قرار الكونغرس الامريكي عام 1998 بعنوان قرار تحرير العراق مع تخصيص مبلغ (97 مليون دولار) للمعارضة العراقية, لغرض دعمها في الاطاحة بنظام صدام, وخصصت الأموال لسبع جماعات من المعارضة من بينها المؤتمر الوطني العراقي.

وصرح مسؤول امريكي رفيع ان العراقيين يؤيدون شكلا من أشكال القيادة التي لا تتفق مع الانظمة الديمقراطية, حيث لا يقدرون التخلي عن النظام الشمولي.

 

·     بشرة سارة للشعب العراقي الجبن المعلب وصل

اعلنت وزارة التجارة العراقية في بداية عام 1999 انه سيتم اضافة مادة الجبن المعلب للحصة التموينية, حيث ستحصل كل عائلة على كمية معينة, حيث كان الحصار الاقتصادي موجه للشعب العراقي فقط, اما السلطة والمقربين منها والحزب الحاكم فكانوا في بحبوحة من العيش, وهكذا خبر كان هاما للشعب العراقي ويمثل فسح امل وسط سنوات من الحرمان, بسبب سياسة السلطة وحروبها العبثية التي جلبت الويل والدمار للعراق والشعب العراقي, اما السلطة فبقيت في قصورها تعيش اجمل الايام.

لكن مع الايام تبين ان الأمر مجرد كذبة صدامية الهدف منه الضحك على الشعب, وإرسال رسائل للخارج ان الشعب العراقي يعاني وجائع, اي ان صدام كان يتاجر بجوع الشعب العراقي لتحقيق اهدافه السياسية في الاستمرار بالحكم.

 

·     ايران تطالب بوقف الهجمات الغربية على العراق

وسط الصمت العربي المطبق نجد الجمهورية الاسلامية الايرانية وقبل 26 عام وحدها من تتكلم وتقول وتطالب, حتى مع نظام حاربها, لكنها تقف مع الشعب العراقي, ففي عام 1999 قال وزير الخارجية الايراني كمال خرازي : ان على الولايات المتحدة وبريطانيا التوقف عن استخدام القوة العسكرية ضد العراق, ومحاولة الوصول الى اجماع دولي بشأن كيفية انهاء الازمة, واضاف خرازي في اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان: لن يكون اي اجراء من جانب واحد مفيدا".. وتابع: ان ما فعلته الحكومتان الامريكية والبريطانية حتى الان لا يفيد لانه خلق فجوة داخل مجلس الامن.

وتم سؤاله من قبل رويترز: إن كانت ايران تعتقد ان من المتعين وقف الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الامريكية كل يوم تقريبا في اطار سعيها لفرض الحظر الجوي على شمال وجنوب العراق؟.. فقال: نعم, نعتقد أنها ضربات غير مبررة.

هكذا هي ايران مواقفها الانسانية منذ عقود لم تتزحزح, واضحه غير منافقة ولا خاضعة للقوى العالمية.

   

·     الكتب الاكثر مبيعا في الوطن العربي

في 1-2-1999 كانت الكتب الأكثر رواجا ومبيعا في الوطن العربي هي كالاتي:

الأول: كتاب العرب والعولمة, وهو ندوة فكرية, وبحوث ومناقشات التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية حول موضوع العولمة والعرب.

ثانيا: كتاب عالم صوفي المؤلف جوستاف غاردر يتحدث الكتاب عن العالم الصوفي وأنه مدخل مهم لمعرفة الفلسفة.

ثالثا: كتاب الخليج العربي المكشوف المؤلف محمد حسنين هيكل ويتناول التداعيات الخطيرة لتفجيرات محتملة في شبه القارة الهندية والخليج العربي.

رابعا: كتاب أوراق من دفاتر شجرة الرمان المؤلف مي منسي هي رواية ملونة بالوان مبالغة, حادة, احمرها دماء ورماديها ظلام, انها في الطرف الأقصى من الحياة, إلقاء الضوء على سيرة الانسان من الولادة الى الموت محفوفة بالخيبات ومغلقة بالأسئلة.

خامسا: كتاب إسرائيل و هويتها الممزقة للكاتب عبدالله عبد الدايم, عن دويلة اسرائيل المتفوقة عسكريا وتقنيا, والصراعات القديمة والحديثة , وانها ليست صراعات عارضة بل هي باطنة ولا علاج لها.

 

·     مقالات ذلك اليوم

كتبت القدس العربي مقالا بعنوان "اعلان الدولة وموعده المقدس" فهي تؤكد على اهمية الالتزام بموعد الإعلان ولا يجب عرقلة هذا الأمر, ومقال آخر للكتاب عبدالله الحوراني بعنوان " جامعة عربية لا تحسن الجمع وامين تعوزه الامانة, ومقال للكاتب رشاد أبو شاور بعنوان "العلاقة بين مؤتمر القمة والانتخابات الاسرائيلية", وكتب الكاتب مطاع صفدي مقالا بعنوان " حرب خليجية ثالثة وصوملة عراقية دائمة", وكتب عادل الياس مقالا بعنوان " الالمان سئموا معاملتهم من العالم كمجرمين" حول خطاب مفكر ألماني يثير اول نقاش حقيقي حول العلاقة اليهودية – الالمانية, ومقال اقتصادي بعنوان " خسائر العراق العام الماضي من هبوط أسعار النفط تجاوزت 5 مليارات دولار, ومقال بعنوان " شيفرون تتوقع ارتفاع النفط الى 18 دولار للبرميل خلال عدة سنوات".