عبدالواسع الفاتكي يكتب:
اليمنيون في مفترق الطرق: كفاح دائم وأزمة قيادية
بين الفينة والأخرى، يطل على اليمنيين بعض مسؤولي السلطة الشرعية أو بعض قادة النخب السياسية اليمنية بتصريحات بأن الحرب في اليمن معقدة وان حسمها عسكريا من قبل السلطة الشرعية غير ممكن، وأنها لن تنتهي إلا بحل سياسي.
أولئك المسؤولون أو السياسيون، لا يعيشون اجواء الحرب، ولا تنالهم آثارها، ولا يكترثون لما يدفعه الشعب اليمني من أثمان باهظة جراءها. ولأنهم مستفيدون من الوضع القائم مناصب وامتيازات مالية وإقامة خارج اليمن، بعيدا عن الشعور بما يعانيه الشعب اليمني جراء انقلاب الحوثيين، لذلك فتصوراتهم عن سبل إنهاء الحرب واستعادة مؤسسات الدولة في منأى عن معاناة اليمنيين.
لعلهم يعتقدون أن إسقاط الانقلاب الحوثي عبر ميادين القتال، ربما سيقضي على مستقبلهم السياسي، في المشهد السياسي اليمني المتشكل بالفعل الوطني النضالي، من ساحات البطولة وجبهات الكرامة، ولعلهم يرسلون رسائل اطمئنان للحوثيين أن قضية الحسم العسكري غير مطروحة، وان عليهم الاستعداد لتقاسم السلطة معهم.
الغريب بأن تصريحات بعض مسؤولي السلطة الشرعية عن الحل السياسي لانقلاب الحوثيين تكثر وتتكرر بشكل لافت، عندما تتخذ إجراءات سياسية أو اقتصادية ضد الحوثيين، كتصنيفهم جماعة إرهابية أو فرض عقوبات اقتصادية ضد الشبكات أو الجهات المتهمة بتقديم تسهيلات مالية للحوثيين، وغسل أنشطتها الاقتصادية الممولة لقتالها اليمنيين.
رؤى بعض مسؤولي السلطة الشرعية وسياسييها عن مشكلات اليمنيين انعكاس تام لحالة الاغتراب التي يعيشها أولئك المسؤولون، عما يعانيه اليمنيون، وبونهم الكبير عن ملامسة جوهر تلكم المشكلات، ناهيك عن فقدانهم الشعور بالتضحيات، التي يقدمها الشعب اليمني، إن كانوا في الداخل يحظون بامتيازات سلطوية مالية، وممارسة أعمالهم في مكاتب وثيرة، دون معرفة ما يجري خارجها، لا يخافون كاليمنيين، ولا يقلقون، ولا يصيبهم نصب ولا تعب، ولا فقر أو فاقة. كلما اشتدت الأزمات وضاق حال المواطن اليمني كلما ازدادوا ثراء، وظهرت عليهم ملامح الترف، وازدادت فرص بقائهم في السلطة.
أما إن كانوا في الخارج فهذا أمر آخر وفرصة كبيرة؛ لأن يظهروا على الشعب اليمني منظرين ومقدمين الأفكار والرؤى، التي ترشد اليمنيين للطريق الصحيح المرسومة في أذهانهم، المتخلقة من مصالحهم ومصالح مرجعياتهم السياسية أو المناطقية، التي يدينون لها بالفضل في قعودهم على كراسي السلطة، لا يعاني اليمنيون من نقص في العقيدة الوطنية وإرادة النضال، بل لديهم فائض نضالي، وكرم منقطع النظير في بذل التضحيات، يعوزهم للأسف غياب من يوظف ويستثمر كل ذلك، لصالح تخليص اليمنيين من كل المؤامرات المحدقة بهم داخليا وخارجيا، غير أن ما نشاهده اليوم هو توظيف مآسي اليمنيين؛ لاستمرار الاحتراب والفوضى والأزمات؛ لبقاء نخب وفئات معينة في صدارة المشهد السلطوي والسياسي، تستمد بقاءها من دائرة تحاصص العنف وتقاسم الأدوار مستندة لعوامل خارجية، تظل تتكئ عليها؛ لتضمن استمرارها في المسرح السياسي أو العسكري لفترة طويلة.