سالم المسعودي يكتب لـ(اليوم الثامن):

التحركات المصرية في المنطقة العازلة.. بين الأمن القومي والضغط السياسي

المنطقة العازلة بين مصر وإسرائيل تُعدّ نتاجاً لاتفاقيات السلام التي أُبرمت بين الدولتين بعد حرب أكتوبر 1973، وأبرزها اتفاقية كامب ديفيد عام 1978. نصت هذه الاتفاقية على إنشاء منطقة منزوعة السلاح أو محدودة التسليح على جانبي الحدود، بهدف تقليل التوترات العسكرية وضمان الاستقرار بين البلدين. وفقاً للمعاهدة، لا يُسمح لأي من الطرفين بالسيطرة الكاملة على هذه المنطقة أو خرق الشروط المتفق عليها إلا بموافقة متبادلة أو في ظروف استثنائية محددة.

تشير المعلومات إلى أن مصر قامت مؤخراً بنشر نحو 50 ألف جندي وضابط، مدعومين بالدبابات، في المنطقة العازلة، وهو تحرك يمثل خروجاً عن الوضع الطبيعي المتفق عليه. هذا الانتشار العسكري يمكن تفسيره في سياق التوترات الإقليمية المتزايدة، خاصة مع استمرار الصراع في قطاع غزة والضغوط السياسية والعسكرية المرتبطة به. تحركات مصر قد تكون هدفت إلى تعزيز أمنها القومي، خاصة في ظل التقارير عن تهديدات أمنية محتملة عبر الحدود مع غزة، أو ربما كانت رسالة سياسية موجهة لأطراف إقليمية ودولية.

وفقاً للمعلومات، أثارت هذه الخطوة المصرية قلقاً كبيراً لدى إسرائيل والولايات المتحدة، اللتان يُشار إليهما في النص بـ"العدو الصهيوأمريكي". من وجهة نظر إسرائيلية، قد يُنظر إلى هذا التحرك على أنه تهديد محتمل للأمن القومي، خاصة إذا تم تفسيره كمقدمة لعمليات عسكرية أوسع. بعض المحللين العسكريين، كما ورد في النص، يعتقدون أن مصر قد تكون تستعد لسيناريو تصعيدي يشمل التدخل في غزة أو حتى التوجه نحو أهداف داخل إسرائيل مثل تل أبيب. ومع ذلك، لا توجد أدلة ملموسة في النص تدعم هذه الفرضية، مما يجعلها تظل في نطاق التكهنات.
من جانب آخر، يمكن أن يكون الهدف المصري أكثر محدودية، مثل تعزيز الضغط السياسي لدفع إسرائيل نحو قبول هدنة في غزة، كما يُشير النص. مصر، بصفتها وسيطاً تاريخياً في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، قد تستخدم وجودها العسكري كأداة تفاوضية لتحقيق استقرار إقليمي دون الدخول في مواجهة مباشرة.

يُطرح في النص دعوة للدول العربية للتصعيد والضغط على إسرائيل والولايات المتحدة من خلال رفع الجاهزية العسكرية أو إصدار تهديدات. هذه الدعوة تعكس رؤية تعتمد على فكرة التضامن العربي كورقة ضغط استراتيجية. ومع ذلك، تاريخياً، تباينت مواقف الدول العربية تجاه مثل هذه الدعوات بسبب اختلاف المصالح الوطنية والتحالفات الدولية. على سبيل المثال، بينما تُظهر مصر واليمن (حكومة صنعاء) مواقف قوية في هذا السياق، قد تتردد دول أخرى في الانخراط في تصعيد عسكري مباشر نتيجة التكاليف الاقتصادية والسياسية المحتملة.

من الناحية المهنية، يبدو أن التحرك المصري في المنطقة العازلة يحمل أبعاداً متعددة: أمنية تتعلق بحماية الحدود، وسياسية تهدف إلى التأثير على مسار الأحداث في غزة، وربما رمزية لإظهار قوة الجيش المصري ودور مصر الإقليمي. لكن التكهن بأن هذا التحرك يمهد لاجتياح عسكري واسع النطاق يظل غير مؤكد في ظل غياب بيانات رسمية أو تحركات ميدانية تدعم ذلك.
في المقابل، يثير هذا الوضع تساؤلات حول مدى التزام الأطراف باتفاقيات السلام، وكيفية إدارة التوترات الناشئة دون التصعيد إلى نزاع مفتوح. الدور العربي المطلوب، كما يُطرح في النص، قد يكون فعالاً إذا تم توجيهه نحو ضغوط دبلوماسية واقتصادية بدلاً من التركيز فقط على الخيارات العسكرية، نظراً للتداعيات المحتملة للتصعيد العسكري في المنطقة.

التحركات المصرية الأخيرة في المنطقة العازلة تُظهر توازناً دقيقاً بين تعزيز الأمن القومي وإرسال رسائل سياسية. في حين أنها أثارت قلق إسرائيل وحلفائها، فإنها قد ساهمت أيضاً في دفع عجلة المفاوضات نحو هدنة محتملة. الدعوة لتكاتف عربي تظل هدفاً مشروعاً من منظور التضامن، لكن نجاحها يعتمد على التنسيق الفعال والتوافق على استراتيجية مشتركة. في النهاية، يبقى الحوار والتفاوض الخيار الأكثر استدامة لتجنب تصعيد قد يجر المنطقة إلى صراع أوسع.