د. عيد النعيمات يكتب لـ(اليوم الثامن):

مظاهرة بروكسل عرض لتضامن الإيرانيين من أجل الحرية والمقاومة المنظمة

عندما يحتشد عشرات الآلاف من الإيرانيين في السادس من سبتمبر 2025 بهذا الحجم والتنسيق والروح الثورية العالية والفكر الوطني الحر فإن ذلك ليس إلا تعبير واضح وصريح بأن الشرعية للمقاومة الإيرانية التي تمكنت من تحويل ساحة أتوميوم في بروكسل عاصمة بلجيكا إلى مسرح مهيب لتضامن الإيرانيين في المنفى وأنصارهم الدوليين وعزيمتهم الجماعية.. وقد أُقيمت هذه المظاهرة الضخمة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في عرض يعد أكبر التجمعات السياسية للإيرانيين في الخارج، ولم تكن هذه الفعالية مجرد عرض لتضامن الإيرانيين بل كانت دعوة عالمية لدعم نضال الشعب الإيراني من أجل الديمقراطية والحرية، وأظهرت أن المقاومة الإيرانية، بقيادة المجلس الوطني للمقاومة هي البديل الوحيد الموثوق لتغيير النظام في إيران.

حجم المظاهرة غير المسبوق في هذا التجمع الذي نظمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كان فريدًا من حيث عدد المشاركين والتنسيق اللوجستي، وتوافد عشرات الآلاف من الإيرانيين المقيمين في أوروبا من دول مثل السويد، النمسا، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا، بمئات الحافلات والقوافل إلى بروكسل. امتلأت ساحة أتوميوم، بمعمارها الرمزي، بأعلام إيران الوطنية المزينة بشعار الأسد والشمس، ولافتات تطالب بإنهاء القمع، ووقف الإعدامات، ودعم حق الشعب الإيراني في تقرير مصيره.. إلى جانب ذلك أضاف حضور شخصيات سياسية بارزة مثل مايك بنس نائب رئيس الولايات المتحدة السابق، وغي فيرهوفستاد رئيس وزراء بلجيكا السابق، وجون بيركو رئيس البرلمان البريطاني السابق، وباتريك كينيدي عضو الكونغرس الأمريكي السابق، وفيدال كوادراس السياسي الإسباني البارز ورئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة؛ أضاف مصداقية دولية لهذا التجمع وعكس دعمًا عالميًا واسعًا للمقاومة الإيرانية المنظمة.

من الرسائل الأساسية الموجهة من داخل هذه الحشود كان: الحل الثالث والمقاومة كبديل وحيد.. حيث ركزت المظاهرة على طرح "الحل الثالث" الذي قدمته السيدة مريم رجوي رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.. الحل الذي يركز على تغيير النظام بيد الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة، ويقدم هذا الطرح بديلاً للسياسات الحربية أو المهادنة مع النظام الإيراني، ويدعو إلى فرض عقوبات أكثر شمولاً على النظام خاصة إدراج الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي، وقد أظهرت المظاهرة بقوة أن المقاومة الإيرانية هي البديل الوحيد الموثوق للإطاحة بالنظام، وأن جميع البدائل الوهمية والمصطنعة التي روجت لها بعض القوى الأجنبية في السنوات الماضية قد دُفنت أمام إرادة الشعب الإيراني.. رفع المتظاهرون بدورهم شعارات مثل "يجب أن يرحل النظام القمعي" و"الديمقراطية والحرية مع مريم رجوي"، ولجذب انتباه العالم إلى الوضع المتدهور لحقوق الإنسان في إيران حظيت هذه الرسائل بتغطية إعلامية واسعة من قبل وسائل الإعلام الدولية بما في ذلك القنوات الإخبارية الأوروبية.

دور خلايا وحدات المقاومة في ربط المقاومة الداخلية والخارجية كان أحد الجوانب البارزة لهذه المظاهرة هو ارتباطها بأنشطة خلايا وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران.. هذه المجموعات التي تعمل كشبكات مقاومة شعبية في مدن إيران المختلفة حافظت على روح النضال في الداخل من خلال أعمال مثل نشر رسائل المقاومة، كتابة الشعارات، إحراق مراكز ومؤسسات القمع التابعة للنظام، وتنظيم الاحتجاجات المحلية، وقد كانت مظاهرة بروكسل كحدث عالمي مكملة لهذه الجهود لِتُظهِر أن المقاومة الإيرانية هي حركة موحدة تتمتع بدعم واسع داخل البلاد وخارجها، وقد دعمت أكثر من 300 منظمة ومجموعة حقوقية بما في ذلك مؤسسات برلمانية في أوروبا وأمريكا هذه المظاهرة من خلال إصدار بيانات تدعو إلى إنهاء الإعدامات، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ودعم حقوق الشعب الإيراني.

الأثر والمنظور التاريخي سجلت مظاهرة بروكسل 2025 كنقطة تحول في تاريخ نضالات الشعب الإيراني، ولم تعرض هذه الفعالية قوة التنظيم والتضامن بين الإيرانيين في المنفى فحسب بل كشفت عن هشاشة النظام الإيراني أمام الإرادة الجماعية للشعب والضغوط الدولية، وأرسل الحضور الواسع للإيرانيين بدعم من شخصيات سياسية بارزة ومنظمات دولية رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي تفيد بأن: الشعب الإيراني مصمم على تحقيق الحرية والديمقراطية، والمقاومة المنظمة هي البديل الوحيد الموثوق القادر على إحداث التغيير.. كما أكدت المظاهرة بدفنها للبدائل الوهمية والمصطنعة على حقيقة أن الحل الثالث أي تغيير النظام بيد الشعب والمقاومة المنظمة هو الطريق الوحيد الموثوق لمستقبل حر وديمقراطي في إيران.

ختاماَ.. لم تُعزز مظاهرة بروكسل 2025 صوت الشعب الإيراني في قلب أوروبا فحسب بل شكلت خطوة هامة نحو تحقيق الطموحات الديمقراطية لإيران بفضل التنظيم المثالي، والحضور الواسع، والدعم الدولي، وأظهرت هذه الفعالية أن مستقبلًا حرًا وديمقراطيًا لإيران ليس ممكنًا فحسب بل هو في متناول اليد. المقاومة الإيرانية بقيادة المجلس الوطني للمقاومة وطرح الحل الثالث، وأثبتت مرة أخرى كبديل وحيد ومؤهل للإطاحة بالنظام وإقامة الديمقراطية عزمها وإرادتها واقتدارها أمام العالم.

د. عيد النعيمات - نائب أردني سابق