د. عيد النعيمات يكتب لـ(اليوم الثامن):
فرصة غير مسبوقة لإنهاء النظام القمعي وبداية الديمقراطية
في السنوات الأخيرة، شهدت إيران تحولات عميقة ومعقدة تشير إلى أن نظام ولاية الفقيه يواجه تحديات غير مسبوقة.. هذا النظام الذي حكم البلاد منذ عام 1979 فرض سياسات قمعية، وساد حكمه فساداً واسع النطاق ترافقه نفقات عسكرية وأمنية ضخمة أثقلت كاهل الاقتصاد وحياة المواطنين.. ولقد توافرت الآن الظروف الداخلية والإقليمية التي تتيح فرصة تاريخية لإنهاء هذا النظام الاستبدادي واستبداله بحكومة ديمقراطية علمانية حقيقية بمجرد رفع عن سياسة التراضي والمهادنة والمساومة التي ينتهجها الغرب مع هذا النظام كونه إحدى أدواته ووسائله في صنع الأزمات وإدارة الصراعات.
البرنامج النووي وتداعياته
كشفت المعارضة منذ أوائل الألفية الثالثة عن برنامج نووي سري للنظام الإيراني يهدف إلى الحصول على أسلحة نووية.. وعلى الرغم من التزامات إيران الدولية بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية؛ واصلت طهران تطوير هذا البرنامج سراً، ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في حل أزمة هذا البرنامج بما في ذلك المفاوضات والاتفاق النووي لعام 2015، ولم تتمكن من ردع النظام عن مساره العسكري.. بل على العكس فقد سمح تحرير أصول مالية ضخمة للنظام بتعزيز قدراته العسكرية ودعم جماعات مثل حماس وحزب الله والحوثيين.
الأزمات الداخلية وضغوط الشعب
على الصعيد الداخلي تعيش إيران أزمة حادة.. حيث القمع الوحشي للمعارضين، والاعتقالات الجائرة الواسعة وغير المبررة، والإعدامات اليومية.. قد خلقت جميعها أجواءً من الرعب والخوف.. في المقابل تتزايد الاحتجاجات الشعبية بسبب الفقر، والفساد، والبطالة وانتهاكات حقوق الإنسان، وأما الشعب الإيراني الذي عانى لسنوات من الحرمان والقمع فيطالب بتغيير جذري لإنهاء حكم يُنفق موارد البلاد على الحروب والقمع الداخلي بدلاً من خدمة المواطنين.
التكاليف العسكرية والاقتصادية الباهظة
تشير التقديرات إلى أن النظام الإيراني أنفق خلال أربعة عقود ما بين أربعة إلى خمسة تريليونات دولار على البرامج العسكرية والنووية، دعم الميليشيات، والحفاظ على جهاز القمع، وكان بإمكان هذه الموارد الهائلة أن تُستخدم لتطوير البنية التحتية، التعليم، الصحة، الرفاه الاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة.. وتزيد هذه الحقيقة المُرة من عمق المأساة التي يعيشها الشعب الإيراني.
ضرورة الدعم الدولي للمقاومة
في هذه الظروف الحساسة يؤكد الناشطون والمعارضون أن الطريق الوحيد لإنقاذ إيران هو الدعم السياسي والاقتصادي للمقاومة الديمقراطية، ويجب أن يشمل هذا الدعم قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل مع النظام، وفرض عقوبات مالية واسعة عليه، والاعتراف بالمجموعات المعارضة الشرعية والديمقراطية.. وإن استمرار سياسات التهدئة والدبلوماسية الناعمة أمرٌ يمنح النظام الفرصة لمواصلة نشاطاته التخريبية وتعقيد الوضع.
الحل «الخيار الثالث»؛ رؤية الديمقراطية في إيران
خَيار «الحل الثالث» الذي طرحته السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية يُعتبر خياراً ديمقراطياً وعلمانياً للنظام الحالي يطرحه بديل ديمقراطي حقيقي.. ويؤكد هذا البرنامج على فصل الدين عن السلطة، المساواة بين النساء والرجال، سيادة القانون، العدالة المستقلة وإجراء انتخابات حرة، وتقدم هذه الرؤية أملاً حقيقياً لمستقبل حر وديمقراطي في إيران.
النظرة المستقبلية
تشكل التطورات الحالية لأوضاع النظام الهشة فرصة غير مسبوقة للتغيير في إيران، وتتطلب هذه المرحلة الحساسة إرادة قوية وإجراءات حاسمة من المجتمع الدولي لإنهاء سياسات التهدئة والبدء بضغوط سياسية ودبلوماسية واقتصادية مكثفة.. ولن يكون ذلك إلا من خلال الدعم الفعال للمقاومة الديمقراطية وفرض عقوبات مستهدفة يمكن تمهيد الطريق لإيران حرة وديمقراطية.
ختاما.. وجب التأكيد على أن مستقبل إيران يرتبط ارتباطا مباشرا بإرادة شعبها والدعم الدولي الذي يمكن أن ينهي هذا النظام القمعي ويمهد لقيام حكومة تحترم حقوق الإنسان والعدالة والحرية؛ بدلاً من القمع والفساد.. ولا يجب إضاعة هذه الفرصة التاريخية كما يجب أن تُستغل بعزم وإرادة ومصداقية عالمية لتحقيقها.
د. عيد النعيمات- نائب برلماني أردني سابق