د. عيد النعيمات يكتب لـ(اليوم الثامن):
إيران والرئاسة الجديدة.. هل من تغير في سياستها داخلياً وخارجياً؟
نحن وإيران في إقليم واحد تترابط مصالحه وتتقاطع، وأن أي اضطراب أو انفلات في دولة من دول الإقليم يتأثر به الجميع بطريقة أو بأخرى، فقد وقف نظام شاه إيران ضد جيرانه العرب مسايرا رؤى الغرب ومطالبه، ثم سار على هديه منه خلفاؤه الملالي وفاقوه عدوانية؛ فشنوا حرباً ضروساً ضد العراق بحجة أن طريق تحرير القدس يمر عبر كربلاء، والعراق ليس بلداً حدودياً مع فلسطين المحتلة، وربما سيكون الاجتياح لدول المنطقة العربية المحيطة وليس للعراق وحده، وبما أن لبنان مستثناةٌ من ذلك بحسب توجيهات زعيمهم عندما سحب قواته من لبنان قائلا : ارجعوا فطريق تحرير القدس عبر كربلاء.
وبقراءة الأحداث والتصريحات نجد أن الهدف كان احتلال العراق ومن ثم باقي الدول العربية، وهذا ما إستشعرته القيادة الأردنية عند نشوب حرب العدوان على العراق في ثمانينيات القرن الميلادي الماضي كون العراق هو بوابة العرب الشرقية وقد صمد وانتصر، وبهذا الصمود قد جنب المنطقة كوارث كادت أن تُلم بهم، وبعد احتلال العراق بدعم من النظام الإيراني وهدم الدولة فيه عام 2003 ومساهمة النظام الإيراني في صياغة التشريعات الدستورية في العراق حكمه وتمكن منه وبات النظام المتواجد أساساً كحليف في سوريا بات مطلاً ومشرفاً على الحدود البرية للأردن من جهتين وكذلك السعودية، وتحولت عملية تحرير القدس اليوم لتكون عبر الأراضي الأردنية، ولم يعد شعار كربلاء شعاراً مناسباً للمناورة، وهم لا يريدون تحرير القدس من دمشق أو بيروت رغم التواجد المكثف لهم فيهما، ووفقاً للمخطط الجديد يبدو أن تهريب وتجارة المخدرات عبر الأردن كانت إحدى الاستراتيجيات الرامية إلى تحرير القدس عبر الأردن، وعلى ضوء ما سلف فإن ما يجري وسيجري ويكون في إيران يعنينا بالدرجة الأولى نظراً لارتباط أمننا واستقرارنا وحياتنا بذلك.
الجديد والقديم
وهنا نتساءل عما كان ممن سبقوا الرئيس الجديد من أول القائمة حتى الوصول إليه حيث لم نر منهم سوى مناورات لكسب الوقت من أجل تحقيق هيمنتهم إقليميا، ولم تحدث تغييرات في الداخل الإيراني حتى نتأمل على إثرها شيئا في الخارج، وقد كان خاتمي أكثرهم إبداعا في ذلك.. ولم يخرج خاتمي ولا أحمدي نجاد ولا حسن روحاني عما يرسمه الولي الفقيه فهل سيخرج هو؛ وهو القائل في أول تصريحاته أنه لن يخرج عما يرسمه الولي الفقيه..
ذاك كان قديمهم منذ نظام الشاه إلى خلفائه، ومنذ أن احتلوا العراق بعد عام 2003 لم نر خيراً في نواياهم ولم نلمس صدقاً في أقوالهم، وبقي الحال هو الحال، ورئيس بعد رئيس وشعار بعد شعار لم يحدث أن تعامل جديدهم ولا قديمهم بمنطق الدولة الملتزمة التي تحفظ الجيرة، ولم نر على طول هذه المسيرة سوى المناورة وكسب الوقت لتمرير المخططات والمشاريع واستنزاف القدرات وتهديد الأمن والاستقرار وضرب مجتمعاتنا بالمخدرات والسلاح ونشر التطرف، والنتيجة المؤلمة أن تهاوت أربع دول عربية واحدة تلو الأخرى أسيرة في أيديهم، ولم ولن يكتفوا لطالما هناك توافقٌ بينهم وبين الغرب.. فما الفرق بين جديدهم وقديمهم لطالما كان النهج واحدا والحاكم هو الولي الفقيه ومن يعتلي السلطة من عماله مع الاختلاف في طريقة تأدية الشعارات والخطابات.
يقولون لا يُلدغ المرء من جحر مرتين، وإذا كنا نحن العرب قد تركنا غزة وحالها ومآلها في مواجهة شيطان أشر؛ مما ادى إلى فراغ سياسي استغله الملالي وتدخل عبثيا بها ونالها من التدمير والقتل والتشريد والتجويع ما جعلها حطاما خالصا، وبعد أن لُدِغنا كثيراً من هذا الجحر هل سيأتي الرئيس بجديد فيما يتعلق بالشأن الداخلي في إيران حتى يضيف جديداً على الشأن العربي.
ثلاثة أحداث متزامنة حدثت فيما يتعلق بالشأن الإيراني المرتبط رباطاً وثيقاً بالشأن العربي.. الحدث الأول كان مقتل رئيسي أحد المتشددين في النظام الإيراني وأحد ركائز وجوده.. الحدث الثاني كان مؤتمر القمة السنوية العالمية للمقاومة الإيرانية وما جاء فيه.. والحدث الثالث كان الانتخاب الصوري لمسعود بزشكيان، ومن وجهة النظر الشخصية المبنية على تجارب عديدة ورؤية واقعية فإن أهم الاحداث الثلاثة كان الحدثين الأول والثاني ولنا أسبابنا ودوافعنا في الأول، ولنا مصالحنا ومستقبل منطقتنا في الثاني كبديل مشروع تقدمي مقتدر ومنظم.
عسى أن يكتب الله خيرا ونجاة لأهل غزة المستضعفين وفلسطين الحبيبة وحرية وسلام لكافة شعوب المنطقة.
د. عيد النعيمات / نائب برلماني أردني