نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
بدء حقبة التغيير في إيران: نهاية الأزمات فيها وفي المنطقة
بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك کثيرا ولاسيما وإنه کان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي کانت أقسى مفاجأة من نوعها بالنسبة للنظام الإيراني، لا يجب إعتبار تأثيره مقتصرا على مستوى المنطقة فقط بل وحتى على مستوى الداخل الإيراني"وهو الاکثر أهمية" وعلى المستوى الدولي بجعله النظام يفقد قوة ورونق ورقة الوکلاء کما کانت قبل هذا التغيير.
تأثير التغيير الذي جرى في المنطقة على الداخل الإيراني، هو تأثير کبير جدا وإن قوته تتعاظم أکثر مع تزايد قوة تأثير العقوبات الدولية على النظام وخصوصا بعد أن دخلت سياسة الضغط الاقصى حيز التنفيذ، وإن حالة الانقسام والاختلاف والتخبط في التصريحات والمواقف الصادرة من قبل النظام، تؤسس لمرحلة وعهد جديد لم يسبق وإن شهد النظام الإيراني من مثيل له. سقوط نظام بشار الاسد بالطريقة التي شهدناها في 8 ديسمبر2024، کان في حد ذاته رسالة تهديد مبطنة للنظام الإيراني الذي سبق وإن لوح لأکثر من مرة بأن سقوطه سينعکس سلبا على المنطقة وذلك من خلال حدوث فلتان أمني في إيران في زعم واضح بعدم وجود أي بديل سياسي له، إذ أن سقوط بشار الاسد لم يؤدي الى أي تأثير سلبي على أمن وإستقرار المنطقة بل وزادها قوة، وهو ما يؤکد إمکانية سحب نفس الشئ على النظام الإيراني ولاسيما وإن هناك قوة سياسية فعالة في داخل وخارج إيران متمثلة في منظمة مجاهدي خلق سبق وإن لعبت دورا مهما ومؤثرا في معظم الانتفاضات التي إندلعت بوجه النظام.
وإستنادا الى ما قد سردنا ذکره، فإن النظام الإيراني يعلم جيدا بأن واحدة من الخيارات المطروحة تکمن في تغيير النظام، فإنه يعمل جاهدا من أجل أن يحرف الانظار عن هذا الخيار ويعمل بکل ما بوسعه من أجل التکيف مع مسار الاحداث والتطورات شريطة منحه مساحة محددة وبعض من المزايا التي تمنحه بعض الاعتبار بمثابة ماء وجه له، أي أن النظام الإيراني اليوم قد جند کل طاقاته من أجل ضمان بقائه وإستمراره والحيلولة دون حدوث أي أمر أو تطور من شأنه أن يقود الى حدوث تغيير سياسي في إيران. التصورات المطروحة من قبل بعض من الاوساط السياسية بأن تقليم أظافر النظام النووية وتحديد دوره في المنطقة، بإمکانه أن يزمن الامن والاستقرار في المنطقة والعالم وينهي الدور والتأثير السلبي للنظام، هي تصورات في غير محلها، إذ أن النظام يريد البقاء ليس من أجل البقاء وإنما لکي يعود الى سابق عهده، ولاسيما وإن نهجه يفرض عليه ذلك وهو لا يستطيع التخلي عن نهجه أو حتى تغييره لأن ذلك کفيل بفتح باب لن يتمکن من إغلاقه فيما بعد، ولذلك فإن الرهان الوحيد من أجل إستتباب سلم وأمن وإستقرار في المنطقة يکمن في التغيير السياسي الحقيقي في إيران.
ومن هنا، يجب التأکيد على أن تغيير النظام في إيران ليس مجرد خيار بعيد المنال، بل هو أمر ممکن وفي متناول اليد. فهناك بديل سياسي منظم جيدا يتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة مريم رجوي، والذي يتمتع بحضور فاعل ومؤثر على الساحتين الداخلية والدولية. نشهد يوميا أنشطة هذا المجلس التي تعکس التزامه بالتغيير. وفي الداخل الإيراني، تعمل "وحدات المقاومة" بشکل يومي، حيث تقاوم الإجراءات القمعية للنظام وتنفذ أنشطة تهدف إلى مواجهة سياسات التخنيق التي يمارسها. وعليه، فإن تحقيق التغيير المنشود يتطلب الاعتراف الرسمي بالمقاومة الإيرانية وأنشطة وحدات المقاومة کمحور أساسي لإسقاط نظام الدکتاتورية في إيران.