ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):
كارثة إيرانية جديدة: أسرار المواد المتفجرة
في صباح يوم مشؤوم، هز انفجار هائل مدينة بندر عباس الإيرانية، مخلفاً دماراً واسعاً وخسائر بشرية ومادية لا تزال أبعادها الحقيقية مجهولة بعد مرور أكثر من ثلاثين ساعة. النظام الإيراني، بتعتيمه المعتاد، يحجب الحقائق، تاركاً المواطنين في حيرة وسط تصريحات متضاربة. التقارير الأولية أشارت إلى حرائق متتالية وانفجارات إضافية، مع تصاعد أعمدة الدخان وتحطم نوافذ المباني في دائرة تمتد لكيلومترات. السلطات أقرت بمقتل 40 شخصاً وإصابة أكثر من 1200، لكن مصادر غير رسمية تشير إلى أرقام أعلى بكثير.
وكالة أسوشيتد برس، نقلاً عن شركة "آمبري" الأمنية، كشفت أن الميناء استقبل في مارس الماضي شحنة من مادة "بيركلورات الصوديوم" القادمة من الصين، وهي مادة حيوية لتصنيع وقود الصواريخ. سوء إدارة هذه المواد المتفجرة يُعتقد أنه السبب الرئيسي وراء الحريق الذي تسبب في الكارثة. هذا الإهمال يثير تساؤلات خطيرة حول تخزين مواد خطرة في ميناء تجاري، خاصة بعد كارثة بيروت 2020 التي حصدت أرواح أكثر من 200 شخص.
صور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت ألسنة اللهب الحمراء وأعمدة الدخان الكثيف، مما يدعم فرضية تورط مواد كيميائية. تقارير حكومية ألمحت إلى اشتعال منتجات نفطية وبتروكيماوية، تسيطر عليها شبكات مافيوية تابعة للحرس الثوري الإيراني. حميد حسيني، عضو غرفة تجارة النظام، حذر من تأثير الحادث على صادرات النفط والبتروكيماويات والصلب، مما يكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية المحتملة.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين عكست ارتباكاً واضحاً. المتحدث باسم وزارة الدفاع، طلائي نيك، نفى وجود شحنات عسكرية أو وقود صاروخي في الميناء، بينما ردد نائب برلماني في بندر عباس النفي ذاته. صحيفة "فرهيختغان"، المقربة من مستشار خامنئي، علي أكبر ولايتي، اعترفت بغياب تقرير شامل عن الحادث، واقترحت فرضيتين: عمل تخريبي مرتبط بالمفاوضات الدولية، أو إهمال داخلي. وزير الداخلية، مومني، وعد بمحاسبة المسؤولين، لكن وعوده تبدو جوفاء وسط غياب الشفافية.
منظمة مجاهدي خلق، في بيان لها، اتهمت الحرس الثوري وخامنئي بالمسؤولية المباشرة عن الكارثة، مشيرة إلى تهريبهم لمواد متفجرة لتصنيع الأسلحة. البيان دعا إلى حل الحرس فوراً، معتبراً إياه السبب الجذري لمثل هذه الفواجع. هذا الاتهام يتماشى مع تقارير سابقة عن سيطرة الحرس على قطاعات حيوية في الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك الموانئ والصناعات البتروكيماوية.
هذه الكارثة تسلط الضوء على فشل النظام الإيراني في إدارة موارده وسوء تعامله مع المواد الخطرة، مما يهدد حياة المواطنين واستقرار المنطقة. غياب الشفافية وسيطرة الحرس الثوري تؤكدان ضرورة إصلاحات جذرية. يجب على المجتمع الدولي مراقبة هذه التطورات عن كثب، لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث ولحماية الشعب الإيراني من إهمال نظامه.