م. أحمد مراد يكتب لـ(اليوم الثامن):
المقاومة الإيرانية.. تنظيم متماسك وكشف لإرهاب النظام
في ظل الاستبداد المستمر الذي يخيم على إيران منذ عقود؛ برزت المقاومة الإيرانية كرمز للوحدة والتفاني في سبيل الحرية.. حيث تمثل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (MEK) العمود الفقري لهذه المقاومة التي تستمر في نضالها لأكثر من ستة عقود في مواجهة قمع نظام الملالي؛ هذا التنظيم المبني على استراتيجية واضحة وقيادة حاسمة يجمع أطيافاً متنوعة من الشعب.." عمال مثقلين بالضغوط الاقتصادية، مثقفين أصحاب رؤية وحملة قضية، طلاب وشباب ثوار ونساء ثائرات يتقدمن صفوف التضحية يقدن النضال تحت شعار "المرأة، المقاومة، الحرية".، وإن هذا التنوع ليعكس قوة الحركة التي أصبحت البديل الشعبي الوحيد للنظام الحاكم ونقطة خوف رئيسية لدى الدكتاتورية.
يمتد تاريخ نضال الشعب الإيراني لأكثر من 120 عاماً.. بدءاً من الثورة الدستورية وصولاً إلى مجزرة 1988، التي وثقها تقرير جاويد رحمان مقرر الأمم المتحدة الخاص.. وثقها كجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية؛ في تلك المجزرة أعدم النظام 30 ألفاً من أعضاء منظمة مجاهدي خلق بفتوى من خميني، واليوم تُعد قاعدة أشرف 3 مركزاً استراتيجياً ورمزاً للأمل في مستقبل ديمقراطي، وكما قالت السيدة مريم رجوي في تجمع أخير في إيطاليا: "نحن من ذلك الغد، والغد لنا"، وهو ليس شعاراً بل وعداً قابلاً للتحقيق.
تكريم الشهداء يشكل جزءاً أساسياً من رسالة المقاومة.. ومن شهداء مجزرة 1988 إلى ضحايا الانتفاضات الأخيرة هم منارة النضال، والتكريم لا يقتصر على الاحتفاء بل يتجلى في مواصلة السير على دربهم للإطاحة بالنظام.. كما يعكس احترام النشيد الوطني الإيراني في تجمعات "إيران الحرة" الهوية والتفاني، والمطلب الأساسي للشعب هو الإطاحة بهذا النظام القمعي.. النظام الذي يظهر وجهه الفاسد عبر مذابح السجناء السياسيين وقمع الأقليات العرقية والدينية، وغياب كلمة "إيران" من اسم "قوات الحرس" يدل على عدائه للشعب؛ إذ يحمي هذا الحرس نظام ولاية الفقيه ولا يعنيه الوطن ولا الشعب.
تقود المقاومة شخصيات مثل مسعود رجوي الذي وضع أسس البديل الديمقراطي ونقله إلى الخارج لحمايته، ومريم رجوي التي تؤكد في خطاباتها على مبادئ التضامن: التمييز مع الدكتاتورية، الإطاحة بالنظام، وفصل الدين عن السلطة.. هذا البديل يرفض دكتاتورية الشاه والتطرف الديني، معلناً الجمهورية الديمقراطية كشعار. لماذا الجمهورية؟ لأن العودة إلى الشاه الذي يتقرب ابنه من قوات الحرس خيانة لتضحيات الشعب.. ولماذا ديمقراطية؟ لأنها تضمن الحرية والعدالة.
المعركة الرئيسية تكمن في قلب المجتمع الإيراني بدعم "الحل الثالث" المتضمن: نبذ سياسة الاسترضاء مع النظام ورفض الحرب الخارجية الأمر الذي يعزز مقاومة الشعب، وفي هذا المخاض الشاق يروي تاريخ إيران مفارقة مريرة تمتد من حقبة الشاه إلى حقبة الملالي التي عبأت فراغه بجدارة، والآن هناك محاولات عبثية للعودة إلى الماضي.. لكن كما قالت السيدة مريم رجوي: "ضرورة العصر لا تسمح بالعودة إلى الأمس".
كشفت المقاومة في الآونة الأخيرة عن هيكل الإرهاب في النظام خلال مؤتمر صحفي في واشنطن يوم 7 أغسطس 2025.. حيث أعلن علي رضا جعفر زاده أن الولي الفقيه علي خامنئي يتخذ قرارات العمليات الإرهابية الكبرى عبر "مقر قاسم سليماني" بقيادة نائب وزير المخابرات سيد يحيى حسيني بنجكي بالتنسيق مع حسين صفدري، وهذا الهيكل ينسق بين وزارة المخابرات، وحرس النظام وقوة القدس لتنفيذ اغتيالات خارج إيران.
إن مقاومة الإيرانيين بتماسكها وبرنامجها الواضح تسير نحو إطاحة النظام وبناء إيران حرة ديمقراطية.. وقدسية دماء الشهداء ونضال الشعب يضمنان النصر مع توسيع الجبهة ضد الدكتاتورية، وهذا الطريق النضالي مدعوماً بكشوفات حديثة تجول دون نشوب حروب أوسع ويؤكد أن الغد للشعب الإيراني.