خفايا واسرار زيارة معين عبدالملك إلى السعودية..

تقرير: "الشرعية" تتفكك والإخوان يفتحون النار مجددا على السعودية

يعتقد معين عبدالملك ان المسألة قد اقتربت للإطاحة به من رئاسة الحكومة، الأمر الذي دفعه الى القيام بزيارة مستعجلة الى السعودية، على أمل الحصول على دعم من الحكومة السعودية في مواجهة المعسكر الرافض له.

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مع المبعوث الدولي مارتن جريفيث في قصر معاشيق بعدن - ارشيف

نصر محسن
كاتب صحافي متعاون مع صحيفة اليوم الثامن
عدن

خلافات عديدة وجديدة تضرب الحكومة اليمن الشرعية، وتزيد من تفككها، وملفات فساد بدأت تطفو إلى السطح، يقابل ذلك تلويح إخواني بالحنف والتصعيد السياسي تجاه السعودية التي يبدو انها تعمل على رأب الصدع وانتشال حكومة الرئيس اليمني الانتقالي من التفكك والانهيار.

الخلافات التي بدأت تطفو الى السطح لا يبدو ان لها علاقة بالصراع حول من يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر الأحزاب اليمنية والذي تعرض لضربه قوية عقب قتل الحوثيين لرئيسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

لكن الخلاف الأخر هو الأكثر عمقا والذي يدور بين معسكر يتزعمه رئيس الحكومة معين عبدالملك، ونائب مدير مكتب الرئيس هادي، رجل الاعمال احمد صالح العيسي والذي يمتلك نفوذا كبيرا في السلطة ويمتلك أسلحة تبدو فتاكة وقد تقود الى الإطاحة بمعين عبدالملك من رئاسة الحكومة اليمنية.

محرر صحيفة "اليوم الثامن"، حاول البحث لمعرفة تفاصيل حول الخلافات في معسكر الحكومة الشرعية، وما هي الأسلحة التي يستخدمها الأصدقاء الخصوم فيما بينهم.

مصدر مسؤول في قصر معاشيق، كشف عن ان الخلافات الحاصلة في الحكومة وصلت إلى مراحل صعبة تداركها وان الأمر وصل الى تلويح محسوبين على معين عبدالملك بكشف ملفات فساد متورط فيها مسؤولون بينهم نائبه أحمد بن أحمد الميسري والذي يشغل منصب وزير الداخلية اليمني.

وأكد المصدر ان "معين يتهم وزير الداخلية بنهب المال العام واستغلاله في تمويل مواقع الكترونية وحملات إعلامية ممولة ضد الحكومة".. مشيرا الى ان ما يصرفه وزير الداخلية على الاعلام وشراء الولاءات مهول جدا".

وقال ان معين يدافع عن ما يقوم به من عمليات توزيع أموال على أساس "جهوي"، يأتي ردا على ما يقوم به أحمد الميسري.. مشيرا الى ان المال العام أصبح يهدر بطريقة المكايدة بين معين والميسري".

ويعتقد معين عبدالملك ان المسألة قد اقتربت للإطاحة به من رئاسة الحكومة، الأمر الذي دفعه الى القيام بزيارة مستعجلة الى السعودية، على أمل الحصول على دعم من الحكومة السعودية في مواجهة المعسكر الرافض له.

 وقال مصدر حكومي وثيق الصلة برئيس الحكومة "إن معين عبدالملك تجاهل وزراء حكومته وذهب منفردااً لأول مرة في تاريخ الحكومات بالزيارات الرسمية".. موضحا في تصريح خاص لـ(اليوم الثامن)، مشترطا عدم الإفصاح عن اسمه "السبب الذي دفعت الدكتور معين عبدالملك رئيس الوزراء اليمني إلى لقاء ولي العهد السعودي منفردا دون مشاركة اي عضو من الحكومة او حتى سفير اليمن لدى المملكة العربية السعودية، منها ان عبدالملك طالب بتعديل حكومي شامل يضم جميع اعضاء الحكومة الحالين والسفراء المعتمدين لبناء دولة النظام والقانون بعيد عن الولاءات الحزبية".. مؤكدا "انه تحدث بصراحة مع ولي العهد بذلك انه يريد احداث تغير في الجمهورية اليمنية وان لدية رؤية مشابهة لروية ولي العهد السعودي 2030، ولكن لن يصنعها الا الشباب وأشار بيده باتجاه مرافقيه الذي قال انهم أعدوا الخطة وسوف يعرضونها على السفير السعودي محمد آل الجابر".

وأبلغ رئيس الحكومة اليمنية، ولي العهد السعودي، تحفظ الرئاسة اليمنية على الخطة التي اعدها فريقه، مطالبا من ولي العهد ممارست ضغطا على الرئاسة لتنفيذها، وترك له صلاحيات باختيار اعضاء حكومته الذي يراهم مناسبين".

ووصف المقرب من الدكتور معين ان الزيارة كانت ناجحة الا ان ولي العهد قال ان التغييرات الوزارية امر داخلي لا يعني المملكة العربية السعودية في شيء وانه ستقف إلى جانب اليمن سياسيا واقتصاديا، وانه الرئيس هادي ونائبه هما أصحاب القرار الأول في الحكومة الشرعية".

وكشفت مصادر مقربة من وزير الداخلية أحمد الميسري ان هناك بعض الأطراف في الرئاسة والحكومة اليمنية تدفع بأحمد الميسري لأن يكون رئيسا للحكومة اليمنية خلفا لمعين عبدالملك المتورط في قضايا فساد كبير، من بينها التصرف بأموال الوديعة السعودية وصرفها على أساس جهوي.

وذكر مصدر وثيق الصلة بالميسري ان "الأخير يعمل بقوة على تنصيب عبدربه منصور هادي رئيسا لحزب المؤتمر الشعبي العام، مقابل ان يتم الدفع به رئيسا للحكومة بدلا لمعين عبدالملك.

ويحظى الميسري بدعم مطلق من رجل الاعمال النافذ أحمد صالح العيسي الذي دخل في خلافات عاصفة مع معين عبدالملك، الذي كان يعول على دعم السفير السعودي لدى اليمن محمد ال الجابر.

وقال مصدر في شركة النفط بعدن "إن الأزمة في المشتقات النفطية التي ضربت العاصمة والمدن الجنوبية مؤخرا تعد واحد من وسائل الضغط للإطاحة بحكومة معين عبدالملك.

وأكد مسؤول نقابي في شركة النفط ان مصافي عدن تعمل على اختلاق أزمة وقود لصالح التاجر النافذ احمد العيسي محتكر النفط .

وقال ياسر الحبيل الامين عام لنقابة شركة النفط بعدن  في تصريح صحفي " ان مصافي عدن ضخت للتجار قرابة (5000) طن بنزين تحت مسمى (تجاري) لصالح التاجر وضخت (1000) طن لشركة النفط عدن".

وأضاف" أن الكمية لا تكفي لتغطية طلب شركة النفط لتزويد محطات الشركة ووكلائها من محطات القطاع الخاص عدن لحج أبين الضالع.

ووجه الحبيل تساءل قائلا : إلى متئ سيستمر العبث والمتاجرة بمعاناة المواطنين.

وأكدت المصادر ان الخلاف نشب بين الطرفين على خليفة مطالبة معين عبدالملك بتنفيذ قرارات رئيس الجمهورية اليمنية "والقاضية بتحرير بيع المشتقات النفطية"، وهو القرار الذي نجح العيسي في الغائه مستغلا زيارة الرئيس هادي الى الولايات المتحدة الأمريكية لأجراء فحوصات طبية.

وتشير مصادر الى ان مسألة الإطاحة بمعين عبدالملك لم تعد الا مسألة وقت، فيما برر مسؤولون مناهضون لرئيس الحكومة انه يعمل على اقصاء المسؤولين الجنوبيين وتمكين الشماليين، بما معنى ان توجهاته أصبحت أكثر جهوية.

وقال مصدر جنوبي مسؤول في الحكومة لــ(اليوم الثامن) " معين عبدالملك توعد  بعض الوزراء الجنوبيين في حكومته بالإقالة ان هم لم يقفوا معه في مواجهة الميسري والعيسي.

وتحصلت اليوم الثامن على رسالة بعث بها مصدر قريب من الحكومة انه "في بادرة خطيرة أقدم رئيس الوزراء معين عبدالملك خلال زيارته الأخيرة للسعودية طالب بضرورة تغيير الوزراء الجنوبيين وقد حددهم مسبقاَ برغم من وجودهم في العاصمة عدن والذين أثبتوا ولو بالحد الأدنى مقارنة بالوزراء الشماليين ".

ولفت المصدر المسؤول الى ان معين عبدالملك يسعى الى امتلاك صلاحية واسعة من التحالف العربي للإطاحة بنائبه وزير الداخلية أحمد الميسري وتعيين بدلا عنه المرشح الأبرز  والمدعوم سعوديا "رشاد العليمي"، الذي سبق له ومنح حقيبة وزارة الداخلية ابنان نظام علي عبدالله صالح.

ولم يقتصر الأمر على الخلاف بين معين عبدالملك من طرف والعيسي والميسري من طرف أخر، بل ان الخلاف في الشرعية بات أكثر عمقا، وانعكس الخلاف على رئاسة المؤتمر الشعبي العام الى خلاف بين التيارات السياسية داخل الحكومة الشرعية، الأمر الذي دفع الأطراف المتصارعة الى فضح بعضها بقضايا فساد من بينها عملية اختلاس وقعت في البنك المركزي في عدن، ناهيك عن الأموال التي يقول مسؤولون ان رئيس الحكومة صرفها لكسب مؤيدين له في تعز وعدن.

وأظهرت وثائق حكومية تورط مسؤول في البنك المركزي في عملية اختلاس اكثر من مليار ريال يمني، قبل ان يصل الأمر الى اختطاف مستشار لمحافظ البنك المركزي كان في طريقه للأدلى بشهادة حول عملية الاختسلاس تلك.

والخميس، اختطف مسلحون مجهولون، ظهر ي، في العاصمة عدن، مستشار محافظ البنك المركزي رشيد الآنسي، عقب أيامٍ فقط، من كشفه وثائق تثبت تورط نائب محافظ البنك المركزي شكيب الحبيشي بقضايا فساد واختلاس أكثر من مليار ريال.

وقالت وسائل إعلام محلية إن مستشار محافظ البنك المركزي رشيد الانسي، اختطف عقب خروجه من نيابة الأموال العامة، والتي ذهب إليها للإدلاء بشهادته في واقعة اختلاس مالية جرت في البنك المركزي قبل نحو عام، إبان فترة المحافظ السابق للبنك المركزي محمد زمام.

وكان المستشار الآنسي، قد كشف تفاصيل واقعة الإختلاس، والتي التي أحيلت الى النائب العام، ليوجه بعدها بفتح باب التحقيق في القضية، وتحويلها لنيابة الأموال العامة.

وقال محافظ البنك المركزي حافظ معياد ان تم الافراج عن مستشاره عقب تدخل من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي عمل على احتواء الموقف الذي صعده تنظيم الإخوان المناهض لمحافظ البنك المركزي الجديد والمحسوب على تيار الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.

وليس بعيدا عن تفكك حكومة الشرعية التي يتحكم فيها تيار الاخوان المدعوم قطريا، فقد فتح الأخير النار مجددا على السعودية التي يبدو انها توجهت لدعم القوى المحسوبة على الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، الأمر الذي اعتبره الإخوان تهديدا لهم.

وشنت مواقع إخبارية تمولها الدوحة هجوما حادا على السعودية التي تقود التحالف العربي، وزعمت ان الرياض طلبت من هادي التوقيع على اتفاق يمني سعودي يقضي بالتزام اليمن بالامتناع عن التنقيب على النفط والغاز في المناطق الحدودية بين البلدين ولمدة 100 عام.

وبحسب تلك المزاعم فأن "السعودية عرضت على هادي منح مالية كبيرة مقابل اتمام الصفقة، الى جانب التزامها بإسناد سلطته في اليمن والتصدي لكافة الفصائل التي تعارضه، لكنها في مقابل ذلك لوحت بمعاقبته إن هو رفض التوقيع على الاتفاق الذي لا يزال محاطاً بسرية تامة".

وقالت مواقع إخبارية يديرها موالون لنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر "إن من بين المناطق التي تطالب السعودية بعدم التنقيب فيها من قبل اليمن، صحراء الربع الخالي، والمناطق الواقعة بين محافظتي الجوف ومأرب الى جانب محافظة المهرة، وهي مناطق غنية بالنفط والغاز وفقا لأبحاث ودراسات مختصة كشفت عن وجود مخزون كبير من النفط والغاز في هذه المناطق".

وكشفت مصادر وثيقة الصلة ان من يديرون الحملات الإعلامية ضد السعودية، هم ضباط في قوات الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها علي محسن الأحمر، ويتقاضون مرتبات شهرية من الرياض التي يقولون انها تسعى لمنع اليمن من التنقيب على النفط.

ويقف الإخوان في صف الدوحة التي تخوض حربا ضد جيرانها من خلال دعم التنظيمات الإرهابية ومليشيات الحوثي، لكن المثير للاستغراب هو الصمت السعودي حيال الهجوم الإعلامي والسياسي الذي يديره موالون للأحمر ضد الرياض التي تحتضنه منذ فراره من صنعاء في سبتمبر من العام 2014م.