باول يؤكد قوة اقتصاد بلاده رغم المخاطر..

العالم يترقب مباحثات أكثر انفتاحاً بين أميركا والصين

أرشيفية

واشنطن

في الوقت الذي أظهر فيه الاقتصاد الأميركي إشارات متضاربة حول مدى قوته خلال الأسبوع الماضي، ما أدى إلى اضطرابات سوقية واسعة النطاق، تتركز الأنظار خلال الأسبوع الجاري على انطلاق عجلة جولة جديدة من المباحثات الصينية الأميركية، والتي استبقتها واشنطن بأصوات أقل حدة من ذي قبل، بينما يترقب العالم أي بوادر أوروبية عن خطواتها الانتقامية المتوقعة، رداً على الرسوم العقابية التي أعلنها الجانب الأميركي عقب قرار منظمة التجارة فيما يخص قضية الدعم الأوروبي غير الجائر لشركة «إيرباص».
وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو إن فريق مفاوضي الولايات المتحدة يذهب «بعقل منفتح» إلى أحدث جولة من محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين هذا الأسبوع، التي ستشمل اجتماعات على مستوى نواب الوزراء يومي الاثنين والثلاثاء، واجتماعات على المستوى الوزاري يومي الخميس والجمعة.
وامتنع كودلو عن الإدلاء بأي تكهنات بشأن المحادثات، لكنه قال إن البلدين كليهما أظهرا بوادر على تخفيف التوترات على مدار الشهر المنقضي، مع تأجيل الولايات المتحدة بعض الزيادات في الرسوم الجمركية وقيام الصين بمشتريات متواضعة من المنتجات الزراعية الأميركية.
وأضاف مستشار البيت الأبيض أن المحادثات التي تنطلق غدا قد تظهر تقدماً في فتح سوق الخدمات المالية الصيني. وقال أيضا إنه لا يعتقد أن تحقيقاً بشأن مساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيكون له تأثير على محادثات التجارة مع الصين.
ومن جانبه، قال ترمب الجمعة إنه لن يربط اتفاقا للتجارة طال انتظاره مع الصين برغبته المعلنة في أن تجري بكين تحقيقا بشأن نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وهو منافس محتمل له في انتخابات الرئاسة الأميركية في 2020. وأبلغ الصحافيين أن المفاوضات لإنهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين منفصلة عن أي تحقيق بشأن بايدن الذي يتهمه الرئيس الأميركي بفساد في الخارج. وسئل ترمب عما إذا كان عقد اتفاق مع الصين سيكون مرجحا بشكل أكبر إذا أجرت بكين تحقيقا بشأن بايدن، فأجاب قائلاً: «هذا شيء وذاك شيء آخر... أنا أريد إبرام اتفاق للتجارة مع الصين، لكن فقط إذا كان في مصلحة بلدنا».
- تراجع العجز التجاري مع الصين
ويأتي تخفيف حدة الخطاب الأميركي، مع تراجع عجز التجارة الأميركي مع الصين، وهو محور اهتمام إدارة ترمب التي ترفع شعار «أميركا أولاً». وقالت وزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة إن العجز التجاري العام زاد 1.6 في المائة في أغسطس (آب) الماضي إلى 54.9 مليار دولار. ولم تعدل الوزارة بيانات العجز التجاري لشهر يوليو (تموز) الماضي البالغ 54 مليار دولار. وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا أن يرتفع العجز التجاري بشكل طفيف إلى 54.5 مليار دولار في أغسطس.
وانخفض العجز في تجارة السلع مع الصين، الذي ينطوي على حساسية سياسية، بنسبة 3.1 في المائة إلى 31.8 مليار دولار على أساس غير معدل مع هبوط الواردات 0.8 في المائة. وارتفعت الصادرات إلى الصين 8 في المائة في أغسطس بفعل زيادة في شحنات فول الصويا. وقفز العجز في تجارة السلع مع الاتحاد الأوروبي 23.7 في المائة إلى 15.3 مليار دولار.
والولايات المتحدة والصين منخرطتان في حرب تجارية مضى عليها 15 شهرا. وأعلنت واشنطن هذا الأسبوع فرض رسوم جمركية على الطائرات وغيرها من المنتجات الصناعية وأيضا منتجات زراعية من الاتحاد الأوروبي في أعقاب قرار لمنظمة التجارة العالمية بخصوص قضية بشأن دعم صناعة الطائرات.
ويتوقع خبراء التجارة أن يفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية على بضائع أميركية العام القادم بسبب الدعم الحكومي لبوينغ. وأكدت الحكومة الإسبانية الجمعة أنها استدعت السفير الأميركي في مدريد للتعبير عن رفضها الكامل لأي رسوم جمركية أميركية جديدة على بضائع من الاتحاد الأوروبي. وقالت مدريد إنها مستعدة لأن تكون وسيطا في محادثات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لكن إذا فشلت المفاوضات، فإنها ستدعو إلى إعادة تفعيل رسوم جمركية من نزاع سابق في منظمة التجارة العالمية في عام 2004 فاز فيه الاتحاد الأوروبي، تقول إسبانيا إن قيمتها تزيد على 4 مليارات يورو (4.4 مليار دولار).
- اقتصاد جيد رغم المخاطر
وبينما تتأرجح رياح الحروب التجارية بين اللين والعصف، فإن تأثرات ذلك على الاقتصاد الأميركي والشكوك حول قوته باتت على أشدها.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن الاقتصاد الأميركي يسير قدماً رغم الرياح المعاكسة التي يواجهها، وهي تعليقات لا تقدم إشارات إضافية تذكر بشأن مسار السياسة النقدية.
وفي تعليقات مقتضبة أدلى بها في مقر البنك المركزي الأميركي في واشنطن، قال باول مساء الجمعة: «الاقتصاد يواجه بعض المخاطر... في المجمل فإنه، كما يروق لي أن أقول، في وضع جيد. مهمتنا هي الإبقاء عليه في ذلك الوضع لأطول فترة ممكنة».
- جدل الفائدة مستمر
وفي سياق ذي صلة، قال بيتر نافارو المستشار التجاري للبيت الأبيض يوم الجمعة إن معدل البطالة المنخفض في الولايات المتحدة، ونموا مطردا للوظائف، يجب ألا يردعا مجلس الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة.
وقالت وزارة العمل الجمعة إن معدل البطالة في أكبر اقتصاد في العالم هبط إلى أدنى مستوى في نحو 50 عاما عند 3.5 في المائة الشهر الماضي، وإن نمو الوظائف تزايد بخطى معتدلة رغم أن نمو الأجور يبقى راكداً.
وقال نافارو في مقابلة مع محطة تلفزيون «سي إن إن»: «هذا الرقم رغم أنه رقم جيد جدا يجب ألا يردع مجلس الاحتياطي عن أن يخفض بشكل نشط أسعار الفائدة لسبب واحد بسيط... ليس لأن الاقتصاد يتباطأ؛ لكن لأن الدولار أعلى من قيمته الحقيقية وذلك يقتل صادراتنا».
وتأتي تعليقات نافارو بينما أثارت بيانات اقتصادية قلقا بشأن تباطؤ وشيك وسط حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين تبادل فيها كل من البلدين فرض رسوم جمركية على واردات من البلد الآخر. وحث ترمب مرارا مجلس الاحتياطي على خفض أسعار الفائدة بوتيرة سريعة، وقال إن قوة الدولار تلحق ضررا بالصناعات الأميركية.
وخفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة في يوليو للمرة الأولى منذ عام 2008، وأعقبه بخفض آخر لتكاليف الاقتراض في سبتمبر (أيلول) الماضي للإبقاء على أطول نمو اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الآن في عامه الحادي عشر، في مساره.
وتتراوح تقديرات النمو للربع الثالث من 1.3 في المائة إلى 1.9 في المائة على أساس سنوي. ونما الاقتصاد الأميركي بوتيرة بلغت 2.0 في المائة في الربع الثاني متباطئا من معدل بلغ 3.1 في المائة في الربع الأول.
وبينما وصف باول وآخرون خفض الفائدة الأخير بأنه «تأمين» ضد المخاطر على الاقتصاد، فإن هناك اختلافاً داخل اللجنة صانعة السياسة النقدية في مجلس الفيدرالي حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى المزيد من الخفض لتكاليف الاقتراض. وسعر الفائدة القياسي للإقراض لليلة واحدة حالياً في نطاق بين 1.75 في المائة و2.0 في المائة.