إصلاح شامل..

تقرير: نظام المحاصصة في العراق في عين العاصفة.. هل يتفكك؟

عدد سكان العراق سنوياً قرابة مليون نسمة، ويدخل في كل عام سوق العمل قرابة نصف مليون لا يجدون وظائف

وكالات

بعدما طفح كيل العراقيين من الفساد، والوتيرة البطيئة للتعافي من الدمار الناتج من الحرب ضد داعش، خرجوا، منذ بداية أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، في مسيرات احتجاج عمت أنحاء العراق.

عدد سكان العراق سنوياً قرابة مليون نسمة، ويدخل في كل عام سوق العمل قرابة نصف مليون لا يجدون وظائف

وكما هو الحال في لبنان، لفتتت كارولين ألكساندر، كاتبة وصحفية لدى موقع "بلومبيرغ"، لتحويل المنتفضين مطالباتهم إلى إلغاء النظام الطائفي الذي تبنته الولايات المتحدة بعد قضائها على نظام صدام حسين في عام 2003. كما يريد العراقيون استعادة السيطرة على العراق من قبضة إيران. وبسبب عدم اتفاقهم على قرار موحد، شن كبار المسؤولين حملة قمع شديدة ضد المتظاهرين، ما وضع العراق في مواجهة أزمة جديدة.

سبب الاحتجاجات
وتلفت ألكساندر لخروج الاحتجاجات بسبب الكسب غير المشروع وشح فرص العمل وانقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه. وقد انطلقت المظاهرات في بادئ الأمر عبر حركة صغيرة من مدينة الصدر، حي واسع وفقير نسبياً في شرق بغداد. ولكن بعدما ردت قوات أمنية عراقية بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، امتدت الاحتجاجات نحو جنوب العراق وأصبحت عنيفة. وخلال الأيام الأولى للمسيرات، رفع متظاهرون صور عبد الوهاب الساعدي، نائب قائد جهاز مكافحة الإرهاب الذي أصبح بطلاً قومياً لدوره الرئيسي في إلحاق الهزيمة بداعش في عام 2017، والذي أحيل على التقاعد. وعندما قاد حملات لاستعادة مدن وبلدات رئيسية من الجهاديين، همش ميليشيات إيرانية، ما أغضب فصائل موالية لطهران في بغداد. واعتبر قوميون عراقيون أن عزل الساعدي بمثابة انتقام إيراني. وقد أحرق متظاهرون صور رجال دين إيرانيين، وأطلقوا شعارات ضد إيران، وأحرقوا قنصليتي إيران في كربلاء والنجف.

إصلاح شامل
وحول مطالب المنتفضين، تشير الكاتبة لرغبتهم في إصلاح شامل لنظام الحكم في البلاد. ويدعو المحتجون إلى استقالة كامل القيادة السياسية، وإصلاح النظام القضائي لضمان المحاسبة، وتفكيك النظام الطائفي الذي أنشأه الأمريكيون.

وحسب كاتبة المقال، رغم اكتساح المظاهرات مناطق غالبية سكانها شيعة، وهم يشكلون معظم العراقيين، يقول محللون سياسيون إن هذه ليست انتفاضة طائفية. وعوض ذلك، هي حركة شعبية مع منتفضين يريدون تجاوز الهويات العرقية والدينية. وترفع الأعلام العراقية في كل مكان، كما استخدم متظاهرون عراقيون صوراً ولوحات تمجد التاريخ العراقي، وغالباً ما أنشدت حشود النشيد الوطني.

لماذا استهدف النظام الطائفي؟
تشير الإحصاءات لزيادة عدد سكان العراق سنوياً قرابة مليون نسمة، ويدخل في كل عام سوق العمل قرابة نصف مليون لا يجدون وظائف. ويلقي المنتفضون باللائمة على "نظام المحاصصة" الذي أنشئ بعد الغزو الأمريكي في 2003، والذي يوزع السلطة بين أحزاب تدعي أنها تمثل الشيعة والسنة والأكراد، لكنها تعمل على ترسيخ الطائفية وإهدار الأموال والسماح بازدهار المحسوبيات والفساد. وقد حل العراق في المرتبة 168 من بين 180 دولة على المؤشر الدولي للفساد في 2018. وأنشأت الولايات المتحدة نظام المحاصصة في العراق ضمن محاولة لتوفير الأمن، بعد قلب نظام هيمنت عليه الأقلية السنية.

حالة الاقتصاد
وتلفت الكاتبة لاستعادة العراق نموه الاقتصادي بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وانتعاش جزئي في أسعار النفط والإنتاج في خامس أكبر منتج للبترول في العالم.

وفي الوقت نفسه، لا توجد فرص عمل لـ 25٪ من الشباب العراقي، كما لم يشهد العراق إلا تقدماً بسيطاً في مجال إعادة إعمار البنية التحتية. وما زال حوالي 1.8 مليون من النازحين داخلياً في حاجة إلى سكن. ويقدر البنك الدولي كلفة إعادة إعمار سبع محافظات تأثرت بالحرب مع داعش بقرابة 90 مليون دولار على مدى خمس سنوات. ولكن يعتبر الفساد من الأسباب الرئيسية التي تمنع تقديم الخدمات العامة.

وترى الكاتبة أن توقيت الاحتجاجات فاجأ السلطات العراقية التي حاولت استعادة النظام عبر فرض حظر للتجول، وقطع شبه تام لخدمة الانترنت. لكن لم ينفع ذلك سوى في إشعال توترات. كما أثارت تقارير حول قيام بعض القناصة التابعين لميليشيات مدعومة من إيران بإثارة مزيد من الغضب بين المنتفضين، وكذلك إطلاق عبوات غاز مسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين، فضلاً عن اختفاء نشطاء واستهداف طواقم طبية. ومنذ الإطاحة بصدام وإعدامه، شهد العراق عدداً من الاحتجاجات ولكن ليس على هذا النطاق.

مخاطر
وحسب الكاتبة، تنظر إيران إلى حلفائها في العراق ولبنان وسوريا كعناصر رئيسية لتوسيع نفوذها ومحاربة خصومها بمن فيهم الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

ويقول مسؤولون عراقيون إن طهران قلقة جداً بشأن ظهور مشاعر مناهضة لإيران ما اضطرها لإرسال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، أكبر قوة عسكرية ضمن الحرس الثوري الإيراني، إلى بغداد كي تؤكد دعمها جهوداً لوقف الاحتجاجات، وضغطت على رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي كي لا يستقيل.