"اليوم الثامن" تبحث في "قمة الضرار" وهجوم تميم على السعودية..

تحليل: قطر مجددا بصف إيران وتركيا.. هل نُسفت المصالحة الخليجية؟

خليجيون وعرب أعتبروا "قمة كوالالمبور" بأنها نسفت جهود المصالحة الخليجية والعربية مع قطر

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

أثارت قمة اسلامية احتضنتها العاصمة الماليزية كوالالمبور الأربعاء جدلا وغضباً عربياً واسعا، حضرها زعماء إيران وتركيا وقطر، واعتذرت السعودية ودول عربية واسلامية عن المشاركة فيها، لكن ذلك فسر على ان القمة موجهة ضد الرياض التي تتزعم العالمين الإسلامي والعربي.

واحتضنت كوالالمبور القمة، التي أعلن أنها خصصت  لمناقشة القضايا التي تثير قلق المسلمين حول العالم، من الاربعاء إلى السبت.

 

السعودية تقاطع القمة

وسائل إعلام دولية، أبدت اهتماما بمقاطعة السعودية للقمة المصغرة، فيما فتح ساسة سعوديون النار على التحالف الثلاثي "قطر وتركيا وإيران"، وقالوا إن هذه الدول تقود تحالفا معاديا لبلادهم، مبدين امتنانهم بمقاطعة دول اسلامية للقمة من بينها باكستان وإندونيسيا.

ولم يتم نشر أجندة قمة كوالالمبور التي يعقدها ممثلو نحو 20 دولة إسلامية لكنهاـ وفقا لتقرير وكالة رويترزـ  قد تتناول النزاعات القائمة منذ زمن طويل في إقليم كشمير وفي الشرق الأوسط والصراعات في سوريا واليمن ومحنة أقلية المسلمين الروهينجا في ميانمار وتنامي الغضب من معسكرات الصين للمسلمين الويغور في شينجيانغ، وهو ما سيغضب بكين بلا شك، إضافة إلى سبل مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم.

وشارك في القمة، كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس إيران حسن روحاني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وقالت السعودية إن سبب قرارها عدم الحضور هو أن القمة ليست الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهم مسلمي العالم البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة،  لكن (دويتشه فيله) الألمانية قالت إن "المملكة تخشى العزلة الدبلوماسية في القمة من خصومها في المنطقة إيران وقطر وتركيا".

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن اتصالا هاتفيا جرى بين مهاتير والعاهل السعودي الملك سلمان (الثلاثاء) قبل يوم من انعقاد القمة، أكد الملك خلاله "على أهمية العمل الإسلامي المشترك من خلال منظمة التعاون الإسلامي بما يحقق وحدة الصف لبحث كافة القضايا الإسلامية التي تهم الأمة.

وقال مصدر سعودي- وفق الإذاعة الالمانية - إن المملكة تلقت دعوة للحضور "لكنها لن تحضر إلا إذا عقدت القمة تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي".

وتؤكد (دويتشه فيله) الألمانية أن قمة "منبر الدول الإسلامية" في كوالمبور هي محاولة لاستبداله بمنظمة التعاون الإسلامي التي تسيطر عليها السعودية ويقع مقرها في جدة.

لكن الملفت للانتباه هو اتخاذ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي كان من المحركين الأساسيين لعقد القمة مع مهاتير وأردوغان، قرارا في اللحظة الأخيرة بعدم الحضور.

أمير قطر تميم بن حمد، الذي لم يشارك في قمة مجلس التعاون الخليجي الاسبوع الماضي، وجه خلال مشاركته في قمة كوالالمبور المصغرة خطابا مبطنا للسعودية، واتهمها بعدم احترام الديمقراطية والتنوع الإسلامي والمذهبي. ودعا أمير قطر إلى "القبول بالتعددية والتنوع والديمقراطية"؛ التي تفتقدها بلاده.

وقال تميم الذي يرفض التخلي عن تنظيم الإخوان ودعم الأنشطة الإرهابية "إنّ التعصب العنيف الذي يحاول البعض أن يلصقه بدينٍ وثقافةٍ معيّنة مشكلة عالميّة يغذّيها التعصب الديني، وكذلك الأيديولوجي غير الديني".

 

تميم يهاجم المملكة

وهاجم أمير قطر تميم بن حمد المملكة العربية السعودية بشكل مبطن نتيجة تدخلها في اليمن لمحاربة المد الإيراني قائلا "إن الاستقرار يتطلب علاقات متوازنة بين الدول تقوم على المصالح المشتركة والمسؤوليات الإقليمية والدولية المشتركة، والاحترام المتبادل للسيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم الإملاء في السياسة الخارجية".

واستمر تميم في مهاجمة السعودية ودول المقاطعة الأخرى، واتهم تلك الدول باحتضان من وصفهم "بمجرمي الحرب، ممن ارتكبوا جرائم ضد شعوبهم، بوصفهم حلفاء، فيما يحاربهم البعض الآخر".

ورفض أمير قطر دعم السعودية للجيش الوطني في ليبيا واليمن، واصفا ذلك بدعم "مليشيات مسلحة ترتكب أعمالاً إرهابيّة". وقال "إن البعض ينسى بلاغته الكلامية ضد الإرهاب والإرهابيين حين يتبنى مليشيات مسلحة تعمل خارج القانون المحلي والدولي، وترتكب جرائم ضد المدنيين".

أمير قطر الذي يرفض الحوار مع جيرانه او تخليه عن دعم التنظيمات الارهابية وعلى رأسها الإخوان، جدد رفضه ما أسماه "استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع وإملاء الرأي"؛ في اشارة الى مقاطعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين لبلاده.

 

"قمة الضرار"

وعبر سعوديون وخليجيون وعرب عن غضبهم من القمة الإسلامية المصغرة، واسموها "قمة الضرار"، تأكيدا على انها تشق الصف الإسلامي والعربي، وتستهدف منظمة التعاون الإسلامي، وهي منظمة إسلامية دولية تجمع 57 دولة إسلامية وتعتبر ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، مقرها في مدينة جدة السعودية".

وقال سعوديون ان "من يحاول الخروج بقمم إسلامية خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي سيكون مصيرها الفشل كقمة الضرار التي يحاول مثلث الشر عقدها في ماليزيا"؛ في اشارة الى قمة كوالالمبور. وقال الخبير والمحلل السياسي السعودي عبدالله غانم القحطاني "إن السعودية لا تتحسس من قمة كوالالمبور، بل هناك موقف حريص من مختلف دول الاسلام وعلى رأسها السعودية".. مشيرا في حديث لقناة (روسيا اليوم) "إلى ان اجتماع الشقاق بماليزيا يضم ثلاث قيادات غير محترمة دولياً، هم قادة ايران وتركيا وقطر".

وأكد "أن اجتماع الضرار فشل قبل أن يبدأ فانسحب خان باكستان ورئيس اندونيسيا، واتصل مهاتير محمد بالملك سلمان يبرر بخجل".

 

طوق نجاة لإيران

صحيفة (إندبندنت عربية) التي تملكها السعودية، اتهمت ماليزيا وتركيا بأنهما تسعيان للبحث عن طوق نجاة لإيران، وهو ما دفعهما لعقد التجمع الخماسي ومحاولة إفساد المصالحة الخليجية التي كانت على الأبواب". وقالت الصحيفة السعودية ومقرها لندن "إن رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد زار تركيا قبل أن يعلن ميلاد فكرة الكيان الجديد، إلا أن سلوك الدول التي تسميها أطراف في الخليج بـ"ثلاثي الشر"، وهي إيران وتركيا وقطر، نحو دول الثقل التي تمثلها السعودية ومصر والإمارات، جعلت المهتمين يعتقدون بأن الثلاثي المذكور هو الذي دفع لإقامة التكتل الجديد، لـ"محاولة ابتزاز بقية الدول الإسلامية الـ57 التي تضمها منظمة التعاون الإسلامي، لتساند إيران أمام العقوبات الأميركية عليها".

واعتبرت (اندبندنت عربية) أن هذا التكتل الموجه ضد منظمة التعاون الإسلامي لن يؤدي إلا لمزيد من تفريق كلمة المسلمين سياسياً". وأكد سياسيون خليجيون فشل القمة الخماسية، التي جاءت لتنسف جهود المصالحة الخليجية، معتبرين أن مشاركة قطر تأكيد على رفضها جهود المصالحة والسير حلف تركيا التي تقود من وصفوه بمحور الشر الثلاثي والذي يضم إلى جانب "قطر وتركيا" إيران.

الخبير والمحلل السياسي الإماراتي خلفان الكعبي، قال "فشل قطري جديد هم وسيدهم أردوغان في قمة التآمر ضد الاسلام والمسلمين". وقال "اعتذرت باكستان وإندونيسيا وبقيت ماليزيا وتميم وأردوغان يتبادلان المدح الكاذب والنفاق، مخططاتكم فشلت ولله الحمد، الدول الاسلامية لا يمكن أن تقاد من قبل الإرهابيين والخونة".

ووصف الخبير والمحلل السياسي السعودي حسن الشهري، قمة كوالالمبور بـ"مؤتمر خيانة الاسلام في ماليزيا".. مؤكدا ان هذا المؤتمر ولد ميتاً ومن حضره من الحمقى لا يدركون ان الجغرافيا والتأريخ هي الحاكمة على السياسة، واردغان وروحاني يقودان مع بنك متحرك عمليات قتل ممنهجة للمسلمين في كل مكان فكيف يداوي الناس من هو عليل".. مؤكدا ان "هذه القيادات البائسة التي تحاول شق الصف الاسلامي اسقطت اخر ورقة".

واعتبر الصحافي السعودي عضوان الأحمري "اعتذار رئيس وزراء باكستان للسعودية عن المشاركة في "قمة قطر الخماسية" التي كانت تهدف لضرب منظمة التعاون الإسلامي، وانسحاب اندونيسيا، وتراجع ماليزيا وتعهد مهاتير محمد بالعمل تحت مظلة "منظمة التعاون"، دليل جديد أن المشاغبات الطفولية ترتد على أصحابها.

نسف لجهود المصالحة الخليجية

واعتبر استاذ الاعلام السياسي السعودي عبدالله العساف، في مقابلة مع (دويتشه فيله) القمة الخماسية بأنها تنسف جهود المصالحة الخليجية، متهما قطر بالابتعاد عن محيطها الخليجي.

وقال أستاذ الإعلام السياسي د. عبدالله العساف إن تجمع ماليزيا المصغر إذا كان يهدف التجمع إلى جمع شتات دول العالم الإسلامي أليس من المفترض على من دعا إليه على الأقل استئذان باقي الاثنتين والخمسين دولة عبر منظمة التعاون الإسلامي الإطار الجامع والأشمل للدول الإسلامية بغاية الاجتماع وإيضاح تفاصيله كاملة؟ وهذا ما لم يحصل وهنا إشارة الاستفهام الأولى، وما الآلية التي اختيرت بها الدول الخمس!! ولا إجابة إلا رابطة الإسلام السياسي بعد فشل مشروعه في المنطقة العربية، فهرول إلى ماليزيا لالتقاط الأنفاس ورص الصفوف.

وأضاف: "لماذا لم تدع إسرائيل إلى هذا التجمع؟! أليست تحتل أرضًا عربية؟ وتقتل الفلسطينيين!! ما الفرق بينها وبين تركيا التي تحتل أرضا عربية وتستنسخ تجربتها السورية في ليبيا، من قتل وتشريد وسماح للمنظمات الإرهابية بالمرور من أراضيها عبر تسهيلات خاصة، وأما إيران فهي تحتل الأحواز العربية، وجزر الإمارات الثلاث وهي القاسم المشترك لمآسي منطقتنا العربية من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن ودول الخليج والمغرب العربي".

وأبان العساف أن أصدق تعبير عن هذا التجمع هو قمة الضرار، وبنظرة فاحصة تجد أن هدفها غير المعلن هو تمزيق الأمة الإسلامية، والتشجيع على قيام تكتلات مماثلة، ولعل تخفيض تمثيل باكستان- التي تم ضمها لهذا التجمع نظرا لما تمثله من ثقل إسلامي لا يُستهان به- لمستوى حضورها هو إدراكها لأمرين لا ثالث لهما، أحدهما رفضها أن تكون جزءًا من مشروع يستهدف تفتيت وحدة الأمة الإسلامية، وإيمانها بالدور الريادي لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

وأشار إلى أنه يثور تساءل مشروع عن الهدف من قمة الشقاق حول ما أهداف هذه القمة؟ وهل يمكن اختصار الأمة الإسلامية بهذه الدول؟ وهل تسعى لتكون بديلاً عن منظمة التعاون الإسلامي؟ ولماذا الآن؟.

وأوضح العساف أن الإجابة عن هذه التساؤلات كفيلة ببيان حقيقتها، وأهدافها، فهي تسعى لتكوين محور جديد ذي توجهات سياسية تتسق مع توجهاتهم ومشروعاتهم في المنطقة الإسلامية، هذا التجمع يزعم أنه سوف يحل أزمات العالم الإسلامي، وهو عاجز عن حل مشكلاته الداخلية والخارجية، انظر إلى حال تركيا وتدهور أوضاعها الداخلية وتوتر علاقاتها الخارجية، ثم تحول إلى قطر التي ليست بأفضل حال من تركيا في علاقاتها مع محيطها العربي والخليجي.