الحوثيون والشق الإخواني في الشرعية..

اليمن: عيوب في اتفاق تبادل الأسرى تقلل أثره على السلام

أكبر المستفيدين

عدن

الاتفاق الذي أعلن عنه مؤخّرا بشأن إجراء عملية تبادل للأسرى واسعة النطاق بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين، يبدو بلا أفق سياسي وقليل الفاعلية في المساعدة على تحقيق تقدّم في جهود السلام. بل إنّ العيوب التي شابته قد تجعل له أثرا عكسيا، إذ سيصبح دافعا لمواصلة الحرب إذا أعاد الحوثيون الزجّ بمن يطلق سراحهم في إطار عملية التبادل، مجدّدا في جبهات القتال.

 قلّلت مصادر يمنية من الأهمية السياسية لاتّفاق تبادل الأسرى الذي تمّ التوصّل إليه مؤخّرا في العاصمة الأردنية عمّان بين الشرعية والمتمرّدين الحوثيين، مستبعدة أن يكون له أي أثر في الدفع بجهود السلام التي تراوح مكانها منذ فترة طويلة.

ورأت ذات المصادر أن عيوبا شابت الاتفاق من شأنها أنّ تمس بالجانب الإنساني فيه وأن تجعله يصب في خدمة المصلحة السياسية وحتى العسكرية للمتمرّدين. كما قد تطال فوائد الاتفاق الشق الإخواني في الشرعية اليمنية والذي يتولى بشكل أساسي إدارة ملف الأسرى.

واعتبرت المصادر أن الإعلان عن صفقة التبادل لا يخرج عن كونه محاولة لترحيل فشل الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن في إحراز أي تقدم في ما يتعلق بتنفيذ اتفاقات السويد.


وقالت إنّ استمرار تجزئة الحلول في الملف اليمني تأكيد لتعثر مسار السلام في اليمن مع تصاعد المواجهات المسلحة في العديد من الجبهات، ومظهر لفشل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي توصف تحركاته بأنها تأتي على هامش الأزمة اليمنية ومحاولة لكسب عامل الوقت.

والتقى المبعوث الأممي إلى اليمن، الاثنين في القاهرة، الأمين العالم لجامعة الدول العربية في زيارة وصفت بالبروتوكولية والخالية من المضامين السياسية بالنظر لغياب أي تأثير لجامعة الدول العربية في الملف اليمني.ونقلت مصادر إعلام مصرية عن أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي استقبل غريفيث في مقر الأمانة العامة للجامعة ترحيبه بالإعلان عن التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

وأوضح مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن “أبوالغيط عبّر عن أمله أن يُمثل هذا التطور خطوة على طريق خفض التصعيد العسكري بما يُسهم في زيادة فُرص التسوية السلمية للنزاع اليمني، مؤكدا أن هذه التسوية سوف تصبُّ في النهاية في صالح الشعب اليمني الذي تحمّل ويلات الحرب وكلفتها الإنسانية الباهظة عبر السنوات الماضية، ومُشددا على أهمية أن تحقق التسوية أيضا الأمن لجيران اليمن، وأن تضمن استقلال هذا البلد وسيادته”.

وبموجب الاتفاق الذي توصل إليه ممثلو الحكومة اليمنية مع الحوثيين في العاصمة الأردنية عمّان برعاية الأمم المتحدة، من المفترض أن تتضمن صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين إطلاق سراح 1420 أسيرا ومعتقلا من كلا الطرفين في المرحلة الأولى من بينهم سعوديون وسودانيون بالإضافة إلى واحد من الأربعة المشمولين بالقرار الأممي 2216 يرجح أن يكون شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي.

ويعتبر الكثير من الناشطين والإعلاميين المناهضين للحوثي صفقة تبادل الأسرى مجحفة بحق الحكومة الشرعية، حيث من المفترض أن تفضي لإطلاق سراح أسرى حرب حوثيين مقابل معتقلين ومختطفين مدنيين اعتقلهم الحوثيون من منازلهم ومقار عملهم.

بيان مشترك من مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن مخرجات...
وافق ممثلي أطراف النزاع في اليمن على خطة مفصلة لإتمام أول عملية تبادل رسمية واسعة النطاق للأسرى والمحتجزين منذ بداية النزاع، وهي خطوة أولى نحو الوفاء بالتزامات الأطراف بالإفراج المرحلي عن جميع الأسرى...


ويقول الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى، إن الحوثيين سعوا منذ وقت مبكر إلى عقد صفقات ثنائية خلال الحرب مع الوحدات العسكرية التي تقاتلهم لإطلاق سراح أسراهم المنتمين سلاليا للجماعة عبر صفقات تبادل بوساطات محلية، مشيرا إلى أن الاتفاقية الأخيرة تهدف لإطلاق سراح بقية الأسرى الحوثيين من منطلق عنصري عبر صفقة تبادل جزئية برعاية المبعوث الأممي. ورجح مصطفى أن تكون الاتفاقية التي تم إبرامها في العاصمة الأردنية عمّان هي الأخيرة مؤكدا أنها بمثابة التفاف على قاعدة تبادل الأسرى والمختطفين على قاعدة “الكل مقابل الكل”.

ولفت مصطفى إلى أن بقية أسرى الميليشيا الحوثية من أبناء القبائل لا يمثلون ورقة ضغط على قيادة الميليشيات لذلك سيتم تجاهلهم إلى أن يطلق سراحهم تلقائيًا لأنهم لن يمثلوا أي أهمية يمكن أن تضغط بها الأطراف التي تقاتل الحوثي، بينما سيترك بقية الأسرى في سجون المليشيات للمصير المجهول بعد استنزاف كافة أوراق الضغط لإطلاق سراحهم، عدا من المصير المجهول الذي سيؤول إليه مصير المختطفين والمعتقلين والمخفيين لدى الميليشيا ومن ضمنهم وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي واللواء فيصل رجب المشمولين بالقرار الأممي 2216، خاصة وأن ملف المختطفين والمخفيين هو ملف من طرف واحد باعتبار ميليشيا الحوثي الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الملف ولا يوجد لها معتقلون لدى الأطراف الأخرى.


وأضاف مصطفى “مرد هذه الانتكاسة التي ستلحق بهذا الملف أن المباحثات في شأن إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين جرت بين الحوثيين من جهة وبين جماعة الإخوان المسلمين التي سيطرت على إدارة هذا الملف ممثلة للشرعية”.

وتوقع مراقبون يمنيون أن يمثل إطلاق سراح المئات من القادة الميدانيين والمقاتلين الحوثيين بموجب صفقة التبادل رافدا جديدا للحوثيين لدعم جبهات القتال، كما سيشجعهم على إطلاق موجة جديدة من حملات الاعتقال العشوائي بحق معارضيهم بهدف المساومة عليهم في صفقات قادمة.

وتتزامن صفقة تبادل الأسرى التي ينظر إليها المبعوث الأممي إلى اليمن بأنها إنجاز سياسي على طريق المباحثات الشاملة مع تصعيد عسكري غير مسبوق في جبهات مأرب والجوف والحديدة، ومعلومات عن تحضير الحوثيين لاستئناف معركة تعز، في ظل تفاقم الخلافات داخل المعسكر المناهض للحوثيين وتعثر تنفيذ اتفاق الرياض.

وحذرت مصادر سياسية من استمرار حالة الترهل السياسي والعسكري في الشرعية وتبديد إمكانياتها في فتح صراع جديد مع المجلس الانتقالي في الوقت الذي يهدد فيه الحوثيون العديد من المحافظات المحررة، مع ورود معلومات عن ضبط خلية حوثية كبيرة تضم ضباطا عسكريين بارزين في محافظة مأرب كانوا يعملون لصالح الميليشيات الحوثية من داخل الجيش الوطني، في مؤشر خطير على حجم الاختراق.