ذراع إيران في اليمن..

كيوبوست: تأييد الحكم بإعدام حامد بن حيدرة يزيد معاناة البهائيين

حامد بن حيدرة أحد زعماء الأقلية البهائية في اليمن

صنعاء

قال موقع Qposts المتخصص في متابعة حركات الاسلام السياسي المسلحة "إن معاناة البهائيين في اليمن لا تتوقف على أيدي ميليشيا الحوثي، التي تمارس انتهاكات جسيمة بحقهم منذ سنوات؛ وهو ما يتماشى مع السياسة الإيرانية التي تنكِّل بهذه الطائفة منذ عام 1979، وكان آخر مظاهر هذا الاضطهاد تأييد محكمة الاستئناف الخاضعة للحوثيين، الأحد الماضي، حكمًا بالإعدام بحق حامد بن حيدرة، الذي يُعد واحدًا من زعماء الطائفة البهائية في اليمن.

وذكر الموقع في تقرير له "ان سبب اعتقال حامد بن حيدرة منذ عام 2014 يعود إلى اتهامه بالتخابر مع إسرائيل، والسعي لتأسيس وطن قومي للبهائيين في اليمن، رغم أنه منذ توقيع الوحدة اليمنية عام 1990، لم يصدر أي أحكام بحق معتنقي هذه العقيدة في اليمن؛ ولذلك يعد الحكم على ابن حيدرة تاريخيًّا، ما دفع المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين إلى إصدار بيان يصف الحادث بالانتكاسة الأخلاقية والإنسانية، ويؤكد أن ثمة خروقات قانونية كثيرة بشأن المحاكمة التي منعت ابن حيدرة من الحضور وحرمته بالتالي من حقِّه في الدفاع عن نفسه.

حقبة جديدة

الباحث في التاريخ اليمني محمد الغربي عمران، يقول في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن الحكم على حامد بن حيدرة يعد تأكيدًا على الدخول في حقبة جديدة في التاريخ اليمني، الذي ظل ينادي بقبول الآخر ويطالب بالتعددية منذ توقيع الوحدة؛ غير أن أحكام السجن والإعدام بحق البهائيين تؤكد أن الحوثيين يسيطرون بالفعل على مقاليد الأمور، ويفرضون كلمتهم التي تعتبر انعاكسًا واضحًا لما تراه السياسة الإيرانية”.

وطالب إيروين كوتلر، وزير العدل الأسبق في كندا ومؤسس ومدير مركز “راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان”، في تغريدة له، بالإفراج الفوري عن حامد بن حيدرة، مستنكرًا أن يحكم الحوثيون عليه بالإعدام بسبب رغبته في ممارسة إيمانه بسلام.


تغريدة إيروين كوتلر
وحسب مجلة “غلوب بوست” الأمريكية، تتعرض الأقلية البهائية في اليمن إلى اضطهادات واسعة على أيدي الحوثيين لا تتعلق فقط بأحكام الإعدام الصادرة بحقهم منذ عام 2013؛ بل أيضًا مصادرة ممتلكاتهم وحل جميع المؤسسات البهائية وحرمانهم تمامًا من ممارسة طقوسهم الدينية.

يعلق الغربي عمران: “الحوثيون يضطهدون المسيحيين أيضًا وجميع الأقليات الدينية. وبالمناسبة فإن التقديرات بأن عدد البهائيين لا يزيد على ثلاثة آلاف بهائي تعتبر تقديرات غير دقيقة؛ لأن هناك العشرات وربما المئات الذين يخفون انتماءهم إلى البهائية، هربًا من التنكيل بهم وملاحقتهم وتدمير حياتهم على أيدي الحوثيين، ولذلك فمن الوارد جدًّا أن تكون هناك أرقام أخرى تفوق المعلنة؛ فالأعداد التي يتم الحديث عنها تفتقر إلى كثير من الدقة والتعبير عن الواقع”.


معاناة مستمرة

وبالعودة إلى المجلة الأمريكية، فإن “ما يلقاه البهائيون في اليمن يعد استمرارًا لمعاناتهم على أيدي إيران منذ عام 1979، عندما أعدمت السلطات 200 زعيم بهائي، وحكمت بالسجن على المئات منهم، وبحلول عام 1991، أصدرت الحكومة الإيرانية بيانًا تطالب فيه بالقضاء تمامًا على البهائيين ليس في إيران فقط؛ بل في العالم كله”، وهكذا جاءت ميليشيا الحوثي لتنفذ الأوامر الإيرانية بحق المنتمين إلى الطائفة البهائية؛ والتي تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عددهم لا يتجاوز ثلاثة آلاف.

وحسب إذاعة “إس بي إس” الأسترالية، تستهدف الأحكام الحوثية النساء والأطفال أيضًا؛ حيث إن الانتهاكات الجسيمة تتزايد يومًا بعد يوم، من أجل إرضاء إيران التي تستخدم الحوثيين كذراع لتنفيذ سياساتها؛ حيث إن معاناة البهائيين لا تقتصر على اليمن فقط، بل إن هناك نماذج أخرى تعاني اضطهاد النظام الإيراني؛ مثل ميهرزاد مومتهان الذي طُرد من جامعة إيرانية وأحرق منزله بسبب اعتناقه البهائية.

يقول عمران: “الحوثيون يريدون القضاء على جميع الطوائف الدينية في اليمن؛ كي يحتفظوا لأنفسهم بالكلمة الأولى والأخيرة عند إجراء أي مفاوضات سياسية.. هم لا يكتفون بالانتصارات العسكرية أو السياسية، بل يريدون احتكار السلطة الدينية؛ كي تصبح لهم اليد الطولى، وهذا لن يحدث إلا باستبعاد وتهميش كل ما عداهم من طوائف وجماعات دينية”.

ووَفقًا لموقع “RNS”، يبلغ عدد المنتمين إلى الطائفة البهائية نحو خمسة ملايين شخص حول العالم، ونشأت هذه الطائفة في إيران عام 1844، معلنةً وحدة الجنس البشري والمساواة بين الجميع، وضرورة أن يسير العلم والدين جنبًا إلى جنب في تناغم.

وكما جاء على الموقع الرسمي للطائفة عبر شبكة الإنترنت: “يؤمن البهائيون بأن البشرية في حاجة ماسة إلى رؤية موحدة تجاه مستقبل المجتمع البشري، وطبيعة الحياة والهدف منها، وبأن هذه الرؤية تتكشَّف في الآيات والآثار الكتابية التي جاء بها حضرة بهاء الله”.

إذاعة أسترالية تكشف معاناة الطائفة البهائية:

بقلم الصحفي الأسترالي توم ستينر.

تؤكد مؤسسات حقوق الإنسان المختلفة أن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران يستهدفون أتباع الطائفة البهائية في اليمن بشكل متزايد، ويلاحقونهم قضائيًا لأسباب لا تتجاوز “دوافع دينية”. وقد تتبعنا هذه الملاحقات عبر إجراء مقابلات مع يمنيين من الطائفة البهائية، بغرض الاستقصاء عما وراء كواليس اضطهاد الحوثيين لهم.

تحدثنا إلى البهائية “لقاء صيفي” القاطنة في أستراليا، وأفادت بأن أختها وأخاها لا يزالان في اليمن ويخشيان القمع الحوثي كل يوم. وبالطبع، اخترنا في إذاعة “أس بي أس” عدم الكشف عن اسميهما الحقيقيين حفاظًا على سلامتهما. وقد علمنا بأن أخويها مجرد اثنين من 24 آخرين يواجهون تهمًا “إجرامية” في المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية، ستؤدي بهما حتمًا إلى عقوبة الإعدام. وبالطبع، استعلمنا من مجموعات حقوق الإنسان، وأكدت لنا أن التهم الحوثية لهما “لا أساس لها من الصحة”، وأن “الأمر مدفوع بدوافع دينية بحتة”.

قالت لنا السيدة صيفي إن أختها “اضطرت إلى الاختباء منذ أيلول/سبتمبر 2018 خشية من الملاحقات الحوثية، وهذا لا يعني أنها في مأمن نظرًا لسيطرة الحوثيين على الأجزاء الشمالية من البلاد”. وقد علمنا كذلك أن الحوثيين استهدفوا أختها، من بين فتيات أخريات، لمجرد إدارتها لبرنامج شبابي في مجتمعها. جرى اعتقالها في السابق لمدة شهر قبل الإفراج عنها فيما بعد، لكن الحوثيين صادروا جواز سفرها وجمدوا حسابها المصرفي. وعلى غرار الأخريات، أجبر الحوثيون الفتاة على التوقيع على تعهدات بعدم الاستمرار في العمل المجتمعي كشرط مسبق للإفراج عنها. واليوم، تختبئ الفتاة مع غيرها في أماكن أكثر أمانًا”.

وقالت لنا الباحثة في منظمة العفو الدولية رشا محمد: “إن اضطهاد الحوثيين ازداد سوءًا خلال الحرب الأهلية على يد الحوثيين”، وأضافت أن “الاضطهاد والمحاكم يلاحقان الطائفة البهائية في المناطق الحوثية بشكل كبير”. وفي تحليلها، تعتقد رشا أن “الحوثيين يفعلون ذلك من أجل امتلاك اليد العليا في المفاوضات خلال أي اجتماعات مع لجنة تبادل السجناء”.

لقد حصلت “سي بي أس” على وثائق تؤكد بأن الحوثيين حقًا يوجّهون تهمًا بالتجسس الأجنبي والتخلي عن الدين ضد البهائيين، دون الاستناد إلى أي أدلة مهما كان نوعها. من بين أولئك المتهمين المعروفين، حامد بن حيدرة، أحد زعماء الطائفة في اليمن، الذي يواجه عقوبة الإعدام حاليًا. وكان ابن حيدرة قد مثل أمام محكمة صنعاء في 19 شباط/فبراير لكن القاضي أجل الجلسة حتى 12 مارس/آذار. من الجدير ذكره أن ابن حيدرة ليس إلا واحدًا من 6 آخرين قابعين في سجون صنعاء ينتظرون الموت.

تؤكد لنا السيدة رشا بأن المحتجزين في سجون الحوثيين تعرضوا للتعذيب وحُرموا من الحصول على الرعاية الصحية، وقالت إن “من بين البهائيين الذين يواجهون محاكم الحوثي 8 نساء وأطفال”. ووفقًا لها: “لم نر أي إجراءات محاكمةٍ عادلة في المناطق الخاضعة للسيطرة الحوثية”. علاوة على ذلك، أكدت رشا أن هناك عددًا كبيرًا من البهائيين يهربون ويختبئون من الحوثيين في كل مكان.

بينما قالت لنا المراقبة الأسترالية نتالي موبيني إن “أفراد الطائفة البهائية يواجهون اضطهادًا واسع النطاق بسبب معتقداتهم الدينية، وأن الأمر لا يقتصر على البهائيين في اليمن فحسب، بل في إيران كذلك، ونحن نشعر بالفزع إزاء هذه الحالات”. وبالفعل، أفادت معلومات أن أفرادًا من الطائفة البهائية في إيران تعرضوا لاضطهاد تقشعر له الأبدان، مثل ميهرزاد مومتهان الذي طرد من جامعة إيرانية وأحرق منزله بسبب معتقده الديني. وقال لنا مومتهان: “تعرضت للاضطهاد في إيران، والشيء نفسه يحدث ضد البهائيين في اليمن على يد الحوثيين… على الإيرانيين والحوثيين أن يدركوا أن العالم يشاهد ويراقب ما يحدث”.

وقد أعرب سياسيون أستراليون كذلك عن غضبهم إزاء الممارسات الحوثية في اليمن، إذ قال النائب عن حزب العمال في البرلمان، بيتر خليل، إن “الأستراليين يدينون اضطهاد البهائيين على يد جماعة الحوثي… هنالك أدلة واضحة على وجود دوافع دينية وراء ما يحصل في صنعاء”. ووفقًا له: “يصعب فتح قنوات دبلوماسية لمساعدة البهائيين بسبب الغطرسة الحوثية واستمرار الحرب الأهلية”.

وقد علمت “أس بي أس” أن الحكومة اليمنية الشرعية، التي رفضت ممارسات الميليشيات والاعتقالات التعسفية، قد أدرجت بعض أسماء البهائيين المعتقلين في قائمة تبادل السجناء. ومن الجدير ذكره أن الحكومة اليمنية الشرعية دعت مرارًا وتكرارًا للضغط على الميليشيات لإطلاق سراح المعتقلين من البهائيين، الأمر الذي لاقى اهتمامًا هنا في أستراليا.