الهجرة إلى كورونا..

كورونا يسلط الأنظار على جماعة التبليغ.. نشاط عابر للدول دون رقابة

باكستان والهند وماليزيا تطارد آلافا من أنصار الجماعة تسببوا في تفشي الفايروس.

إسلام أباد

فتح فايروس كورونا الأنظار على جماعة التبليغ التي ينتشر أعضاؤها في دول عديدة ويتحركون بحرية تامة مع أنهم ينقلون أفكارا متشددة إلى عامة الناس، خاصة أنهم يكتفون بالحد الأدنى من الأفكار والفتاوى ودون معرفة عميقة بالدين.

وتتهم الجماعة، التي يجري البحث عن عشرات الآلاف من أتباعها في باكستان ويطاردون في الهند بعد اجتماع ضمّ الآلاف منهم وساعد على انتشار الفايروس في العديد من دول آسيا. وتقول الجماعة إن الأعمار بيد الله وتتحرك دون أن تأبه لإجراءات التباعد الاجتماعي المشددة التي اتخذتها الدول.

ويمارس أعضاء هذه الجماعة الملتحون بملابسهم المتواضعة، في جنوب آسيا، نشاطهم من باب إلى باب ضمن مجموعات صغيرة لنشر الدعوة.

ويؤكد خورشيد نافيد العضو في المجلس الإسلامي لباكستان أن هذه الجماعة التي تأسّست في شمال الهند في 1927 “مهمتها نشر الإسلام”، مشددا على طابعها “غير السياسي”.

ويضيف نافيد “لم يطلبوا يوما من أحد القتال في كشمير أو فلسطين أو أفغانستان، لذلك اعتبروا معادين للجهاديين واستهدفتهم” العديد من الهجمات.

ففي الـ18 من مارس أسفر هجوم انتحاري لحركة طالبان باكستان على أحد أهمّ أماكن عبادتهم في رايوند بالقرب من لاهور بشرق باكستان، عن سقوط تسعة قتلى وعشرين جريحا.

جماعة التبليغ لا تأبه لإجراءات التباعد الاجتماعي وتعتقد أن الأعمار بيد الله

لكنّ متخصّصين في الجماعات الدينية يلفتون إلى أن عدم اهتمام “التبليغ” بالمسائل السياسية سهّل أمامها نشر أفكار دينية بدائية ساعدت في أماكن كثيرة على تهيئة الشباب لفائدة جماعات متشددة تتبنّى العنف، بالرغم من أنها تقتصر في دعوتها على حثّ الناس على العودة إلى الصلاة وتلقينهم بعض الأفكار البسيطة.

وترسل الجماعة أعضاءها في مهام لبضعة أيام وأحيانا لبضعة أشهر للترويج لأفكارها البسيطة.

وانتشرت جماعة التبليغ خارج حدود آسيا أيضا، فقد جذبت في أوروبا الآلاف من الأشخاص ومعظمهم من الفقراء. كما تنشط في دول عربية راهنت عليها في مواجهة التنظيمات المتشددة.

وقال موسى خديم الله الخبير في شؤون جماعة التبليغ إن “معظم ناشطيها في فرنسا من المهاجرين الأميين”، موضحا أنها “قامت بتمشيط المساكن” المخصصة للعمال الأجانب.

وأوضح أن الجماعة معروفة بتجمعاتها التي تنظم “لنشر الجوانب الروحانية”، مشيرا إلى أن كل مجموعة في أيّ بلد تعقد تجمعا واحدا على الأقل أسبوعيا. كما تعقد تجمعات أوسع تعرف باسم الاجتماعات بشكل منتظم على المستوى الإقليمي والدولي.

وقال خديم الله إن “الاجتماع والدعوة هما الطابعان الأساسيان للتبليغ”، مشيرا إلى أن “هذه هي المشكلة أيضا اليوم مع انتشار الفايروس”، والنداءات التي أطلقت من أجل التباعد الاجتماعي والحجر.

ويشير خديم الله إلى أن جماعة التبليغ “لديها رؤية روحانية وأعضاؤها يغلّبون كفة الإيمان على العلوم”.

واتهمت السلطات الباكستانية والماليزية والهندية ثلاثة تجمعات نظمتها “التبليغ” في مارس الماضي بالمساهمة في انتقال عدوى كورونا داخل حدودها وخارجها.

وشارك أعضاء من سبعين بلدا في “الاجتماع” الباكستاني الذي ضم مئة ألف شخص.

وأول إصابتين سجلتا في قطاع غزة الفلسطيني كانتا لشخصين عائدين من هذا الاجتماع. وحتى الآن بلغ عدد أعضاء الجماعة المصابين بالفايروس نحو 650. وقد توفّي اثنان منهم بينما توفّي عشرة في الهند على إثر اجتماع آخر.

ويجري البحث عن عشرات الآلاف من أعضاء الجماعة في باكستان بينما وُضع عشرون ألفا آخرون في الحجر الصحي.

وقال الطبيب جعفر أحمد مدير معهد أبحاث في كراتشي بجنوب باكستان “كان يمكن أن تتجنّب الحكومة كل ذلك. كان يجب وقفهم عند وصولهم، ما كانوا ليحتجوا” على ذلك.

من جهته، أكد نعيم بوت الداعية المعروف في الجماعة “أوقفنا تجمعنا عندما طلبت السلطات ذلك”، مؤكدا “التعاون الكامل” للجماعة. وقال متسائلا إن “الفايروس منتشر في كل مكان، فلماذا يتّهموننا؟”.

وقال محمد ظفر جانغدا أحد أعضاء الجماعة في كراتشي “الآن، أمرنا مسؤولونا بألا نعقد أيّ اجتماع في البلاد”.

لكن النشاط الدعوي مستمر. وقد زار عدد من أعضاء الجماعة في بيشاور (شمال غرب) صحافياً من وكالة فرانس برس، إذ طرق خمسة رجال بينهم اثنان لا يرتديان قناعا واقيا، باب منزله.

وقال الصحافي “مد أحدهم يده لمصافحتي. ثم طلبوا مني أداء الصلاة في المسجد المجاور”. وتابع “قالوا لي إن الحياة والموت بيد الله”.

وتوقع خورشيد نافيد أن تضطر جماعة التبليغ لتغيير طرق عملها. وقال إن “ماليزيا كانت متساهلة معهم، لكن الأمر لن يستمر كذلك”، بعد مئات الوفيات التي تم تحميلهم مسؤوليتها.