رفض سياسي وشعبي عارم لقرارات اتخذها الجمعة..

تقرير: "هادي".. جعل الرئاسة إخوانية فأصبح هشيماً لرياح العزل

الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر - ارشيف

سلمان صالح
مراسل ومحرر متعاون مع صحيفة اليوم الثامن

أعلنت قوى سياسية يمنية وجنوبية رفضها لقرارات اتخذها الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، منتصف ليل الجمعة، مثلت تحولا خطيراً، ونسفا لجهود المصالحة التي تقودها للسعودية قائدة التحالف العربي، لإعادة تصويب الحرب ضد الحوثيين شمالاً، بعد ان حرف إخوان اليمن من يفترض انهم "حلفاء هادي" مسارها صوب الجنوب المحرر من الاذرع الإيرانية المحلية.

وقالت مصادر يمنية مقربة من الرئاسة في الرياض ان "هادي أصدر قرارات جمهورية تخالف الدستور اليمني النافذ، بتعيين وكيل وزارة الداخلية ومتورط في قضايا فساد"؛ وهي القرارات التي قوبلت برفض المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب المؤتمر الشعبي العام أكبر الأحزاب اليمنية، ونادي القضاة الجنوبية، ومنظمات حقوقية، اعتبرت جميع المواقف ان هذه القرارات تنسف التوافق السياسي في إعادة تصويب الجهود نحو استعادة مدن اليمن الشمالي من قبضة الحوثيين الموالين لإيران.

هادي رئيس انتهت ولايته في العام 2014م، ساهم الانقلاب الحوثي وفراره صوب عدن، في تمديد فترة حكمه بـ7 سنوات إضافية، ويرى الرئيس الذي جاءت به المبادرة الخليجية في العام 2011م، كرئيس توافقي بديلا لعلي عبدالله صالح، الذي ازيح استجاب للمبادرة منعنا لانهيار اليمن، اثر الانتفاضة التي شهدها صنعاء ومدن يمنية أخرى.

في الـ5 من نوفمبر العام 2019م، وقع هادي اتفاقا مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بشأن الدخول في شراكة وطنية تحفظ للجنوب حقه السياسي، على اعتبار انه صاحب قضية وطنية، ناهيك عن انه صاحب الانتصار الوحيد في معركة التصدي للمشروع الإيراني في المنطقة

وأعلنت القوى السياسية اليمنية والجنوبية رفضها لقرارات هادي الخاصة بـ"مجلس الشورى والنائب العام"؛ غير الشرعية بعد ان جاءت مخالفة لـ"بنود إتفاقية الرياض"، التي منحت المجلس الانتقالي احقية المشاركة في القرارات ضمن العمل الحكومي.

ووصف نادي القضاة الجنوبي قرار هادي رقم أربعة لسنة 2021م الذي قضى بتعيين د. أحمد صالح الموساي نائباً عاماً بالجمهورية بالقرار المخالف لأحكام الدستور وقانون السلطة القضائية.

وأعرب النادي عن خيبة أمله لصدور هذا القرار دون أن يمر بالإجراءات التي حددها قانون السلطة القضائية في شأن تعيين النائب العام.. معتبراً القرار بالمتنافي مع مبدأ استقلالية السلطة القضائية والديمقراطية الناشئة وللمعايير الدولية بشأن القضاء واستقلاليته.

وعبّر النادي عن أسفه في تعيين الضابط الأمني بوزارة الداخلية ومن خارج السلطة القضائية نائب عام للجمهورية وهي وظيفة من وظائف القضاء.. مشدداً على أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بتحمل مسؤولياته وواجباته في الاعتراض والتصدي للقرار والى الامتناع عن العمل به احتراماً للدستور ولقانون السلطة القضائية.. موضحاً بأن النادي سيتخذ كافة الاجراءات الكفيلة في التصدي للقرار المخالف للدستور والقانون.

وبين نادي القضاة الجنوبي عدم شرعية قرار التعيين من خلال "الناحية الأولى إذا تم صدور هذا القرار دون أن يكون هناك اقتراحاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد موافقة المجلس حسبما أوجبته نص المادة (60) من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 1991م وتعديلاته بالقانون رقم 27 لسنة 2013م والتي تنص :يعين النائب العام والمحامي العام الأول بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد موافقة المجلس".

 ومن الناحية الثانية -يؤكد النادي – "أن القرار المذكور كان قد أتى في تعيينه نائباً عاماً (للبلد) من خارج السلطة القضائية ولم يتدرج فيها مطلقاً، فقد جاء به القرار كرجل أمن من وزارة الداخلية مع بالغ احترامنا للمؤسسة الأمنية ولكنه أمر مؤسف جداً، وعلى ذلك فإن قرار هادي إذا تم على هذا النحو من الناحيتين فإنه جاء بالمخالفة الصريحة لأحكام الدستور وأحكام قانون السلطة القضائية".

وعبر النادي عن سفه أن "يمارس الرئيس سلطاته التي أنابه الشعب فيها بالخروج عن حدود ما رسمه له الدستور والقانون، فقد أوجبت المادة (105) من الدستور بأن يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور، كما أوجبت المادة (110) منه بأن يعمل رئيس الجمهورية على تجسيد إرادة الشعب واحترام الدستور والقانون، وقد أقسم اليمين الدستورية على ذلك بحسب المادة (160)منه".

ويرى النادي وعلى نحو ما ذكر آنفاً أن رئيس الجمهورية بشأن ما أصدره من قرار بتعيين الأخ/ د. أحمد أحمد صالح الموساي نائباً عاماً للجمهورية كان قراراً فيه مخالفة صريحة لأحكام المواد: 105، 109، 110، 149، 150، 151، 152، 160 من الدستور وتعديلاته، ولأحكام المواد: 60، 65، 66 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 1991م وتعديلاته بالقانون رقم 27 لسنة 2013م، ويتنافى مع مبدأ استقلالية القضاء، والديمقراطية الناشئة التي تتماشى مع المجتمع الليبرالي، ويتنافى ذلك مع المعايير الدولية بشأن القضاء واستقلاله.

وإزاء هذه المخالفة الصريحة لأحكام الدستور والقانون، أكد نادي القضاة الجنوبي انه "يتوجب على مجلس القضاء الأعلى القيام بمسئولياته وواجباته في الاعتراض والتصدي لهذا القرار الرئاسي المخالف، والامتناع عن العمل به، وأن يتخذ المجلس الموقف الجاد لصيانة الدستور والقانون واحترامهما من أي سلطة أو جهة عليا كانت.. ما لم فإن نادي القضاة الجنوبي بعموم منتسبيه سيتخذ الموقف الحاسم والجاد والمسؤول في اتخاذ الإجراءات المناسبة للتصدي ضد هذا القرار المخالف وضد مجلس القضاء الأعلى جراء عدم القيام بمسؤولياته، وانسياقه في عدم احترام الدستور والقانون".

حزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر الأحزاب اليمنية أعلن هو الأخر رفضه لقرارات هادي، ووصفها بالخروقات والتجاوزات المتتالية التي ترتكبها قيادة الشرعية اليمنية والمخالفة للدستور اليمني والمبادرة الخليجية والتوافق السياسي، منذ وصولها الرئاسة لقيادة البلاد كرئيس انتقالي".

وأكد المؤتمر "أن قرارات ليل الجمعة، والمتضمنة بتعين رئيس مجلس الشورى ونوابه وقرارات أخرى والتي تمثل خرقا واضحا وفاضحا للدستور اليمني واتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية الشقيقة بين القوى اليمنية والذي لم يجف حبره بعد".

وقال "إننا في المؤتمر الشعب العام نرفض رفضا قاطعا لكل هذه القرارات وندين كل الخطوات والقرارات التي تستهدف اختراق اتفاق الرياض والتنصل عنه، ونجدد دعوتنا للقوى السياسية الداعمة للشرعية التماسك والالتفاف حول بعضها من أجل إنجاح اتفاق الرياض ورفض التجاوزات".

 وندد ناشطون بقرارات هادي، معتبرين انها تؤكد على مواصلة انقلابه على مفهوم الشرعية القائم على التوافق بين مختلف القوى السياسية، معتبرين ان إعادة الإخوان هيمنتهم على الرئاسة اليمنية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان "سلطة هادي أصبحت هشيما تذروه رياح العزل"، بعد ان تنصل من رفاق الحرب ضد الانقلاب، وتحول الى أداة اخوانية في مواجهة القوى السياسية والعسكرية المناهضة للمشروع الإيراني في اليمن، وهو الأمر الذي يجعل من الضرورة إعادة هيكلة الرئاسة اليمنية بما يمكن القوى السياسية الأخرى الرافضة للانقلاب الحوثي الى إعادة ترتيب اوراقها بما يعيد الأمن والاستقرار إلى البلد وخاصة في مدن اليمن الشمالي الخاضعة لسيطرة حلفاء ايران.