تقارير وتحليلات
جبهة عريضة في مواجهة المشروع الإيراني بالمنطقة..
اجتماع بالرياض يؤشر إلى تغييرات قادمة في الملف اليمني
احتضنت العاصمة السعودية الرياض، الأحد، أول اجتماع مشترك لوزراء خارجية ورؤساء أركان جيوش دول تحالف دعم الشرعية اليمنية في مؤشر على تحولات جذرية سيشهدها الملف اليمني خلال الأيام القادمة.
وجاء الاجتماع عقب تصريحات لولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان كشف خلالها عن استمرار الحرب في اليمن حتى تحقيق أهدافها الاستراتيجية والحيلولة دون نشوء حالة مشابهة لحزب الله في لبنان.
وكشفت كلمات الوزراء المجتمعين عن إصرار التحالف العربي على الدخول في مرحلة الحسم على المسارين السياسي والعسكري. ولفت عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، في كلمته إلى الدور الذي لعبه النظام الإيراني في إطالة أمد الحرب والذي أراد “تغيير وجه اليمن عبر تهريب الأسلحة لميليشيات الحوثي وصالح، في خرق واضح للقرارات الدولية”. ولفت إلى أنّ “التحالف يزداد إصرارا على تطهير اليمن”، مضيفا “نتعامل بجدية مع تحديات الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها وندعم المساعي الدولية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن”.
وفي ذات الاتجاه جاءت كلمة وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي الذي تحدث عن خلفيات الحرب التي فرضها الحوثيون “من خلال اقتحامهم العاصمة صنعاء منذ 3 سنوات”، مشيرا إلى أن التحالف العربي استعاد أكثر من ثمانين بالمئة من أراضي اليمن بتضحيات الجيش الوطني وقوات دول التحالف.
وأكد المخلافي في كلمته على التورط الإيراني في دعم ميليشيا الحوثي قائلا “إن إيران أمدّت الميليشيات الانقلابية بالصواريخ بعيدة المدى في صعدة ولا بد من ضغط دولي عليها لوقف تدخلها”.
وفي تأكيد على تجاوز تداعيات الحرب مساحة اليمن الجيوسياسية والعسكرية بعد تورط إيران في دعم الحوثيين على استهداف الميليشيات للأراضي السعودية، قال رئيس هيئة الأركان العامة السعودية الفريق أول الركن عبدالرحمن البنيان إنّ “ميليشيات الحوثي وصالح تهدد السعودية بالصواريخ الباليستية بتمويل ودعم غير محدود من إيران“. وأضاف “إننا نتوخى الدقة لحماية المدنيين في اليمن وفق قواعد اشتباك واضحة ومحددة وآليات متطورة ومدروسة”.
وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية أن هذا الاجتماع يضع الحسم طريقا وحيدا لإنقاذ اليمن، مضيفا أن طريق السلام المستدام والمسألة اليمنية لا يقبلان أنصاف الحلول وأن طريق الحل واضح ويكمن في استعادة الدولة اليمنية بالسلم كطريق تطالب به الشرعية والتحالف العربي والمنظومة الدولية، وبالعمل العسكري كخيار لا مفر منه في ظل تعنت وكيل إيران الحوثي وحلفائه الذين جعلوا من الحرب وظيفة للتخريب واستنزاف اليمن تنفيذا لأجندات طهران.
وأشار غلاب إلى أن الاجتماع يبعث برسالة قوية مفادها ان العمل العسكري والسياسي متكاملان وأن الخيار الأممي ومرجعياته ستظل المحددات الأساسية، وليس العمل العسكري إلا من أجلها ولتحقيقها.
وعن دلالات اجتماع وزراء خارجية ورؤساء هيئة أركان التحالف، لفت المحلل السياسي اليمني فهد الشرفي إلى أن هذا الاجتماع وما سبقته من تصريحات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الملف اليمني لا يزال هو القضية الاستراتيجية التي توليها القيادة السعودية اهتمامها، كما تؤكد كذلك على أن الملف اليمني عاد بزخم قوي جدا للمشهد وهو ما يفند كل الشائعات التي ظلت تتردد خلال الشهور الماضية والتي عمد مروجوها إلى محاولة إحباط الرأي العام اليمني من خلال الحديث عن أن التحالف العربي لم يعد يتعامل مع ملف اليمن كأولوية وأنه لا توجد هناك آفاق حقيقية للحسم وإعادة الشرعية وكسر الانقلاب.
ونوه الشرفي في تصريحه لـ”العرب” إلى الإصرار الذي تحدث عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والذي يعبر عن إصرار السعودية والتحالف على الانتصار في اليمن وتفكيك المشروع الإيراني وأن الجميع مجمعون على ضرورة الحسم في اليمن، بما يعمل على تفكيك الميليشيات وكسر الأذرع الإيرانية التي تسعى للعبث بأمن المنطقة والأمن القومي العربي عموما، وكل ذلك يشير إلى أن مرحلة الحسم باتت وشيكة وان الملف اليمني لن يظل مفتوحا إلى ما لانهاية.
ووفقا لمصادر إعلامية في العاصمة السعودية الرياض فإن من أهداف الاجتماع رسم خارطة طريق جديدة لآلية التعامل مع الملف اليمني من جوانبه السياسية والعسكرية والإنسانية، وتحديث قائمة الأولويات في ضوء التحولات والاستنتاجات التي خلصت إليها دول التحالف خلال ما يقارب العامين والنصف من بدء عمليات عاصفة الحزم في مارس 2015.
وفي هذا السياق قالت وكالة الأنباء السعودية إن الاجتماع يناقش “ضمان تحقيق أهداف التحالف وصولا إلى استكمال بسط الحكومة الشرعية سيادتها على كامل الأراضي اليمنية”.
وأضافت الوكالة أن من مهام الاجتماع بحث “متطلبات المرحلة المقبلة للتحالف وجهود مختلف الأطراف المشاركة، إضافة إلى دوره في تعزيز الأمن والسلم الدوليين من خلال تقليل التهديدات والحفاظ على سلامة الممرات الدولية ومنع التدخلات الإيرانية في دول المنطقة”.
وترافق الاجتماع مع فشل كافة المبادرات التي رعتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي نتيجة لتصلب مواقف الانقلابيين الحوثيين وحليفهم على عبدالله صالح، وتصاعد المواجهات في عدد من الجبهات بما في ذلك على الحدود اليمنية السعودية، عقب معاودة الحوثيين إطلاق الصواريخ الباليستية على مدن المملكة وصدور تهديدات متكررة عن قادة في الجماعة بتصعيد عمليات الاستهداف لتطال دولا أخرى في التحالف.