تحليلات

العقوبات الأمريكية على إيران..

تقرير: العراق بين فكي النفوذ الإيراني والغزو الأمريكي

بدأت الصراعات بين القوى السياسية والأحزاب الموالية لإيران للفوز بحقيبة الداخلية

دعاء عبدالنبي

لتلافي العقوبات الأمريكية على إيران، بات العراق منطقة صراع استراتيجية بين واشنطن وطهران، يسعى كل طرف منهما لضم العراق إلى ملعبه، بانتظار إما إنهاء الصراع الأمريكي الإيراني أو بسط النفوذ الإيراني على بغداد، ومن ثم تهيئة المجال لاحتلال العراق مرة أخرى من قبل الأمريكان.

وفي خضم الصراع الوشيك، تسعى واشنطن لقطع دابر التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي الإيراني في العراق باعتباره الأكثر تأثيرًا وكمقدمة لتحجيم دورها في المنطقة برمتها، بينما تسعى طهران لتوثيق علاقاتها الاقتصادية مع بغداد في محاولة منها للالتفاف حول العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

الداخلية بوابة طهران

مع دخول العقوبات الأمريكية الثانية على إيران حيز التنفيذ، بدأت الصراعات بين القوى السياسية والأحزاب الموالية لإيران للفوز بحقيبة الداخلية في الحكومة العراقية باعتبارها البوابة الرئيسية لتلافي الحظر الأمريكي.

ويأتي صراع الأحزاب الموالية لإيران على حقيبة الداخلية العراقية بسبب الصلاحيات الممنوحة لها وفقًا للدستور، ومنها الإشراف على الحدود المشتركة بين طهران وبغداد، والتي يبلغ شريطها الحدودي نحو 1458كم ، وهو ما قد يمثل رئة للاقتصاد الإيراني في ظل الحصار الدولي الخانق الذي تتضمنه حزمة العقوبات الأمريكية على طهران.

وبحسب المراقبين، فإن واشنطن تدرك جيدًا حجم التأثير الإيراني على تشكيل الحكومة، ومن ثم فمن المُرجح حدوث تسوية أمريكية لتمرير حكومة عادل عبد المهدي دون انهيار، على أن تحتفظ الأحزاب الموالية لإيران بحقيبة الداخلية مع الاتفاق على شخصية تكون أقل ولاءًا لإيران ، لاسيما بعد استبعاد فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي.

ولا يزال الصراع مستمر لاختيار المرشحين لحقيبتي الداخلية والدفاع عبر المفاوضات المُكثفة بين القوى السياسية لتبادل الحقائب واستبدال المرشحين، وهو ما دفع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي للتهديد بتقديم استقالته إذا لم تتوافق الكتل على تسمية الحقائب الأمنية، التي تشكل بوابة طهران للالتفاف على العقوبات الأمريكية.

إصرار إيراني

يأتي تمسك حلفاء إيران في بغداد بالحقائب الأمنية لدورها في فتح منافذ تجارية مع طهران، بعد أن وضعت الولايات المتحدة العراق ضمن قائمة محدودة للدول المستثناة من تطبيق بعض العقوبات على إيران، ومن ثم فلن يسمح حلفاء طهران بتقييد للتعاملات التجارية والمالية مع بغداد.

ووفقا للائحة الاستثناءات المحدودة، فإن القطاعات التي يسمح للعراق باستمرار تعامله فيها مع إيران تختص بجملة احتياجات عراقية مُلحة كالغاز اللازم لتشغيل محطات الطاقة والكهرباء، على أن يلتزم العراق بالامتناع عن التداول بالدولار الأمريكي في أي من هذه التعاملات مع إيران.

ولم يقتصر الضغط على حكومة المهدي من قبل حلفاء طهران في بغداد، بل تجاوز الأمر لتدخل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله للضغط على أطراف عراقية بشأن مرشح حقيبة الداخلية .

جدير بالذكر، أن التجارة بين العراق وإيران تعادل حاليًا نحو 12 مليار دولار سنويًا، وقد ترتفع إلى 20 مليار سنويًا لتسهيل الاستثمارات وتنمية التجارة الثنائية، بحسب تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني.

يأتي ذلك في وقت يستورد العراق كميات كبيرة من مختلف البضائع من إيران، من بينها المنتجات الزراعية والغذائية والأجهزة والمعدات المنزلية ومكيفات الهواء فضلًا عن قطع غيار السيارات.

أمريكا تُهدد

كانت الخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قد تصاعدت بشكل كبير في الفترة الأخيرة التي أعقبت انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقيتها النووية مع إيران، وخاصة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي تهدف إلى وضع حد للتمدد الإيراني في المنطقة وإعادة إيران إلى داخل حدودها الجغرافية.

واليوم، انتقلت التهديدات بالحرب بين أمريكا وإيران من وسائل الإعلام وتهيئة الرأي العام، إلى مستوى الإجراءات الوقائية والاستعدادات اللوجيستية، فقد أغلقت أمريكا قنصليتها في البصرة، وطالبت رعاياها بمغادرة العراق، وسعت لتشكيل حلف دولي من تسع دول وبقيادتها لمواجهة الخطر الإيراني، ناهيك عن التهديدات الصريحة من قبل دونالد ترامب ووزير خارجيته وأركان حربه بتوجيه ضربات ساحقة لإيران، قابلتها تهديدات أكثر نارية لقادة إيران ضد أمريكا وإسرائيل. 

وتأتي محاولات إدارة ترامب لتضييق الخناق على العراق، في ظل قوة التأثير الإيراني ووجود عشرات الأحزاب والميليشيات التابعة لإيران في بغداد، يتبعه وجود حكومة عراقية تعاني من التشتت وهيمنة الاستقطابات الطائفية، وهو ما يجعل العراق مسرحًا مفتوحًا لصراع الآخرين.

مراوغة عراقية

من جهته، سعى الرئيس العراقي برهم فالح لتهدئة الصراع المحتدم بين واشنطن وطهران، وفتح أفاق لتلاقي وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، لاسيما وأن انتهاء الصراع لأي طرف لن يخدم العراق، ففى حال أصرت إيران على مواجهة الولايات المتحدة على أرض العراق، سيزداد الأمر تعقيدًا في وقت لم تسمح فيه واشنطن ببسط النفوذ الإيراني.

وعلى غرار غزو العراق في 2003، قد تُعيد الولايات المتحدة احتلالها مرة أخرى لتحجيم الدور الإيراني، وهو ما دعمه تصريحات لمسؤولين في التحالف الدولي بقيادة أمريكا والتي أشار فيها إي بقاء القوات الأمريكية في العراق"إذا دعت الحاجة إليها".

من جهة أخرى، قد تسعى الأحزاب العراقية الموالية لإيران لتهدئة الأوضاع لاسيما وأنها تدير استثمارات بملايين الدولارات، التي لن تجعلها أهداف لواشنطن إذا ما احتدمت الخلافات بينهما، وقد تتجه الأوضاع للتهدئة مع الحفاظ على حيز العقوبات لترضية واشنطن على أن يتم السماح ببعض المعاملات التجارية بين بغداد وطهران، وهو ما تضمنه تصريحات الرئيس العراقي ورئيس حكومته لتفادي تحويل بلادهم لساحة حرب مفتوحة بين الطرفين يصبح فيها العراق الخاسر الأكبر.

تقرير: جولة ترامب الخليجية تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط وتهمش إسرائيل


دراسة تحليلية: كيف يُهرَّب السلاح إلى الحوثيين في اليمن؟ الفاعلون والمسارات من 2014 حتى 2025


محادثات روسية أوكرانية مباشرة في إسطنبول: آمال حذرة بغياب بوتين وزيلينسكي


الحوثيون يلتزمون بوقف الهجمات على أمريكا ويستثنون إسرائيل: مستقبل غامض في البحر الأحمر