تحليلات
ميدل ايست أونلاين:
جهود إماراتية كبيرة تمنح الحياة لعدن
الوجه الآخر للحضور الإماراتي في عدن
الإمارات تتجاوز أدوارها العسكرية بعدن اليمنية وتوسع جهودها بين إعادة الإعمار وتقوية الأمن وتوفير مرافق ومستلزمات الحياة المستقرة.
بالتزامن مع صخب الحرب وضجيج العمليات العسكرية في اليمن الدائرة بين قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والحوثيين وأتباع صالح لاستعادة الشرعية في البلاد والحد من التدخل الإيراني في البلاد، تجري على نفس الجبهة عمليات أقل صخبا وأكثر فاعلية تتعلق بعملية إعادة الحياة لليمنيين وإعمار البلد الذي أنهكته سنوات من الحرب. وقد كان للإمارات نصيب الأسد في هذه العملية بما تبذله من جهود كبيرة على المستوى العمل الإنساني لا سيما في الفترة الأخيرة في مختلف المحافظات المحررة وخاصة عدن.
فمنذ تحرير عدن في 17 من يوليو تموز العام 2015 من سيطرة المليشيات المتمردة بمساندة من قوات التحالف العربي، شرعت الإمارات في تعزيز الجوانب الأمنية من خلال تأهيل وترميم ودعم المرافق الأمنية التي دمرت جراء عدوان مليشيات الحوثي وصالح في المدينة التي تحظى بأهمية كبيرة على أكثر من صعيد.
فباعتبارها العاصمة المؤقتة للشرعية، أولت الإمارات أهمية قصوى لتأمين عودة الرئاسة والحكومة، عبر بذل جهود كبيرة لإصلاح المرافق الكبرى والهامة لاستعادة نشاطها السياسي، على غرار قصور الرئاسة ومطار المدينة ومينائها الاستراتيجي.
وفي البداية وفي إطار مساع توفير متطلبات الإقامة المؤقتة لهادي وحكومته عملت الإمارات على تأهيل وصيانة فندق القصر احد اكبر الفنادق في عدن، في انتظار انتهاء جهود تامين الإقامة الدائمة والتي سرعان تمت. حيث تمت إعادة تأهيل قصور معاشيق في كريتر أكثر المواقع التي تعرضت للتدمير بسبب الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي على عدن.
وكانت تحتوي على القصور الرئاسية ومقر الحكومة، وتسببت الميليشيات في تدمير كامل للمنطقة مما تسبب في تدمير القصور والمباني الملحقة بها لذلك سارعت الإمارات إلى إعادة بناء القصور الرئاسية، وصيانة المباني المحلقة بها، وتوفير كافة ما تحتاجه هذه القصور من متطلبات لعودة الرئيس هادي وحكومته.
في الأثناء كانت الأنظار متجهة أيضا إلى مطار عدن الدولي كواجهة للمدينة، ولهذا نجحت الإمارات في صيانة وإعادة تأهيله وترميمه، وإزالة أثار الخراب والدمار الذي خلفته ميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح الانقلابية قبل طردها ودحرها من عدن بدعم مباشر من قوات التحالف العربي.
ميناء عدن يستعيد عافيته
يحتل ميناء عدن الدولي موقعا استراتيجيا جغرافيا، وملاحيا واقتصاديا وتجاريا فريدا ومتميزا، حتى أنه يكاد يتوسط منتصف المسافة الملاحية بين الشرق والغرب، لكنه تعرض لدمار وخراب كبيرين فترة احتلال المليشيات ما جعله في حاجة لإعادة التأهيل لاستعادة نشاطه. وهي المهمة للجانب الإماراتي الذي تولي مهام تجهيزه وإصلاح الخراب والدمار الذي خلفته مليشيات الحوثي وصالح في الميناء.
ولعبت الإمارات وما زالت تلعب دوراً كبيراً في إعادة الحياة إلى طبيعتها في الميناء وفي عدن بشكل عام، حيث تكفلت بتأهيل وإعادة إعمار المؤسسات والمرافق الخدمية في العاصمة المؤقتة عدن.
وبدأ ميناء عدن، الذي يعد أحد أهم الموانئ العالمية، يستعيد عافيته منذ بداية أكتوبر تشرين الأول بشكل غير مسبوق، وإن كان قد عاود نشاطه نهاية أغسطس آب، بعد زهاء أربعة أشهر من التوقف بسبب الحرب التي خلفت دماراً كبيراً في المنشآت الاقتصادية والتجارية، وأعاقت الكثير منها عن العمل، الأمر الذي تسبب بشل الحركة التجارية في عدن وبقية المحافظات، غير أن عودة الاستقرار والجهود المتسارعة التي قدمتها دولة الإمارات لإعادة تأهيل الميناء ساهمت بإعادة الحركة التجارية النشطة للميناء، وشهدت انتعاشاً غير مسبوق منذ سنوات عدة.
ويقع ميناء عدن على بعد أربعة أميال من خط الملاحة البحري الدولي الذي يستأثر بنحو 10 -15 بالمئة من إجمالي شبكة الخطوط البحرية العالمية القادمة من المحيط الهادي، وكل الحركة الملاحية القادمة من شمال البحر الأحمر، غير القادمة من رأس الرجاء الصالح وشرق أفريقيا.
ويمتد ميناء عدن للحاويات على طول 700 متر، وعمق بحري 16 متراً، وينقسم إلى رصيفين يبلغ كل رصيف منهما 350 متراً، وتنتصب فيه سبع رافعات جسرية، منها 5 رافعات نوع ريجيانا، تبلغ الحمولة الآمنة لكل منها 40 طنا، وتصل إلى مسافة 48 متراً من مقدمة الرصيف، في حين هناك رافعتان من نوع لييهر، حمولة الواحدة الآمنة 65 طناً، وتبلغ المساحة الأرضية لخزن الحاويات 5705 حاويات فئة 20 قدماً، أما مساحة الخزن، بارتفاع ثلاث رصات، فتبلغ 17065حاوية.
الأمن
كما عملت الإمارات على دعم عملية تثبيت الأمن في عدن والمحافظات المجاورة وعيا منها بأن الحرب التي شنها الانقلابيون على عدن خلفت فراغا أمنيا كبيرا، استغلته بعض الجماعات الإرهابية للتوغل في مديريات عدن، وشكل خطرا كبيرا على عودة الرئيس هادي وحكومته إلى عدن. لذلك عملت على دعم قطاع الأمن العام بإعادة تأهيل مباني الشرطة، وتزويد شرطة عدن بأكثر من 130 مركبة وآلية.
كماساهمت الإمارات بإنشاء قوات أمنية حديثة من عناصر المقاومة بعد دمجها بقوات الجيش والأمن أطلق عليها قوات الحزام الأمني، وكان لها دور كبير وبارز في محاربة الجماعات الإرهابية في عدن ولحج وأبين، وأسهمت بدعم من دولة الإمارات في تطهير عدن ولحج وأبين ومدينة المكلا، من الجماعات الإرهابية، مما أدى إلى تحسن الوضع الأمني في المحافظات المحررة.
وقامت في الأثناء أيضا بتدريب وتأهيل الحرس الرئاسي ولتوفير الحماية الأمنية للرئاسة والحكومة، فضلا عن إعادة تأهيل وتدريب عناصر المقاومة، وإخضاعهم لدورات عسكرية متخصصة في الحماية الرئاسية ليكونوا قادرين على توفير الحماية للرئيس وحكومته والوفود الأجنبية التي تزور عدن، وهم ما تم بالفعل وخلال ثلاثة أشهر من التدريب تم إعادتهم وتسليمهم الأمن في منطقة معاشيق.
وتثمينا لحالة الاستقرار الأمني في المدينة عملت الإمارات إلى جانب ما قدمته لعدن من مساعدات إنسانية شملت الغذاء والصحة والتعليم، قامت بافتتاح حديقة الشعب بمدينة البريقة بعدن، وهي إحدى أكبر الحدائق في المحافظة، وقامت بدعم وتمويل هذا المشروع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وذلك ضمن الجهود التي تبذلها من أجل الارتقاء بمستوى الحياة في المناطق التي تمت استعادة السيطرة عليها من قبل القوات الشرعية.
وضمت الحديقة التي تم افتتاحها يوم 13 مارس/آذار ألعابا خاصة بالأطفال وملعبين لكرة الطائرة، بالإضافة إلى تشجير أرضية الحديقة، كما احتوت على معارض تجارية للأعمال الخيرية سميت بأسماء المحافظات الجنوبية.
وأعادت هذه الحديقة الحياة لأطفال بلد تبدو عود الحياة إليه أشبه بالمعجزة في ظل الحرب الدائرة والتي أسفرت عن كوارث إنسانية كبيرة على جميع المستويات.
لعدن أهمية تاريخية وسياسية واقتصادية كبيرة لم تفرضها فقط المعطيات والظروف القائمة ولكنها حصيلة رصيد تاريخي حافل.
فقد اكتسبت عدن شهرتها التاريخية من أهمية موقع مينائها التجاري الذي يعد أحد أهم المنافذ البحرية لليمن وما يتميز به من أهمية إستراتيجية منذ أزمنة موغلة في القدم، وكان ذلك المدخل بمثابة حلقة وصل بين قارات العالم القديم مهد حضارة الإنسان.
ومن خلال ميناء عدن قام اليمنيون القدماء بدور التاجر والوسيط التجاري بين إقليم البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا والعكس وبذلك صارت عدن بمثابة القلب النابض لتنشيط حركة التجارة العالمية قديما.
كما أن جميع المصادر التاريخية الكلاسيكية متفقة حول عدن التاريخية كميناء تجاري هام منذ القرون الأولى قبل الميلاد حيث ورد اسمها في الكتب المقدسة التوراة والإنجيل وكذلك في مختلف النقوش والأسفار.
كما تتميز مدينة عدن بطراز معماري يختلف اختلاف تام عن باقي المدن اليمنية التي تميز معمارها بالتفرد، فامتزجت فيها العمارة التقليدية بين ما جاء في المعمار اليمني والمعمار الأوربي الذي تأثر بالاحتلال البريطاني لمدينة عدن.