بدأت الخميس الجولة الثانية من المفاوضات بشأن النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية حول الصحراء المغربية، فيما تشارك الجزائر وموريتانيا بصفة مراقب في هذه الجولة الثانية التي ترغب الأمم المتحدة في أن تؤسس من خلالها لحل ينهي النزاع.
ويتزامن عقد هذه الجولة مع تصاعد الاحتجاجات في الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو، وسط توقعات بقرب رحيل النظام الذي يحكم البلاد منذ الاستقلال والذي شكّل على مدار الصراع حول الصحراء المغربية عنصرا معطلا لأي تسوية سلمية.
ووفر النظام الجزائري للجبهة الانفصالية غطاء ماليا وسياسيا وعسكريا وساهم في استقطاب اعتراف بعض الدول الإفريقية بالكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية الصحراوية.
وليس واضحا بعد ما إذا كان أي تغيير قادم في الجزائر سيدفع باتجاه إعادة تطبيع العلاقات التاريخية مع المغرب ويدفع قدما لحل النزاع في الصحراء المغربية.
لكن معظم الجزائريين يشعرون بضيق من استمرار النظام في توتير الأجواء مع المغرب البلد الجار الذي تربطه بالشعب الجزائري علاقات تاريخية وثيقة مع قناعة راسخة بأن جبهة البوليساريو باتت عبئا ثقيلا على الجزائر.
ويشكل هذا الشعور عاملا مهما في مسار العلاقات الجزائرية المغربية في مرحلة ما بعد بوتفليقة، حيث يزداد الخناق الشعبي على الرئيس الذي يحكم الجزائر منذ 1999.
ويلتزم المغرب بدبلوماسية تقوم على عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول بما في ذلك ما يحدث في الجارة الجزائر ولم يصدر عنه أي موقف رسمي تجاه الحراك الشعبي.
وتأمل الأمم المتحدة التي ترعى المفاوضات بين الرباط وجبهة البوليساريو في سويسرا أن يناقش الأطراف المجتمعون "كيفية بناء الثقة".
ويجتمع قرب جنيف وزراء خارجية المغرب والجزائر وموريتانيا وكبير مفاوضي جبهة بوليساريو مع هورست كولر الرئيس الألماني السابق الذي يقود جهود الأمم المتحدة للسلام.
وقالت الأمم المتحدة في بيان إنّ هدف المباحثات التي ستستمر ليومين هو اتخاذ "خطوة إضافية في العملية السياسية نحو التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم مقبول من جميع الأطراف يؤدي إلى تقرير المصير لشعب الصحراء المغربية".
وقاد كولر أول جولة من المحادثات في ديسمبر/كانون الأول 2018 في جنيف، إلا أنها لم تثمر.
وأفاد البيان أنّ "هدف اللقاء هو أن تبدأ الوفود مقاربة العناصر اللازمة للتوصل إلى حل دائم يستند إلى تسوية"، مضيفا "اللقاء سيشكل فرصة للوفود لإعادة مناقشة قضايا إقليمية ومناقشة كيفية بناء الثقة". وتحضيرا لهذا اللقاء، التقى كولر كل طرف من أطراف النزاع على حدة.
وفي أعقاب هذه المحادثات، ستنظم جنوب إفريقيا "مؤتمر تضامن" في 25 و26 مارس/اذار في بريتوريا للدفع من أجل استفتاء بشأن الصحراء المغربية وذلك برعاية مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية (سادك). وبريتوريا إلى جانب الجزائر من الدول الداعمة للبوليساريو.
وفشلت وساطات الأمم المتحدة مرارا في التوصل إلى تسوية بشأن النزاع في الصحراء المغربية. وخاضت المغرب وبوليساريو حروبا منذ العام 1975 حتى 1991.
وتم نشر بعثة أممية لحفظ السلام في المنطقة المتنازع عليها منذ العام 1991 لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الذي انتهكت الجبهة مرارا فيما التزمت الرباط ضبط النفس التزاما منها بالقوانين والمواثيق الدولية وأطلعت في أكثر من مناسبة الأمم المتحدة على خروقات الجبهة الانفصالية لاتفاق وقف إطلاق النار.
وتأتي جولة المحادثات الجديدة فيما تنتهي مهمة قوة حفظ السلام نهاية الشهر المقبل.
وحذّرت الولايات المتحدة من أنها ستسمح بإنهاء عمل البعثة أو تجدد لها لستة أشهر فقط.
وتلتقي أطراف النزاع حول إقليم الصحراء في اجتماع الطاولة المستديرة بمدينة جنيف السويسرية، فيما تطرح عدة تساؤلات عما يمكن أن يسفر عنه لحلحلة النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وفي 1975، بدأ النزاع حول الصحراء بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ثم تحول إلى مواجهة مسلحة بين المغرب والبوليساريو، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
ويتمسك المغرب بسيادته على كامل ترابه بما في ذلك الأقاليم الصحراوية وهي من الثوابت الوطنية التي لا تقبل المساومة أو التفاوض. وعلى هذا الأساس اقترحت المملكة المغربية حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها لإنهاء النزاع، فيما تتمسك الجبهة الانفصالية باستفتاء على تقرير المصير وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي عشرات الآلاف من الصحراويين المحتجزين في مخيم تندوف تحت حراب مسلحي البوليساريو.
وتقمع البوليساريو الصحراويين في مخيم تندوف المناصرين لطروحات المغرب والرافضين للانفصال، مستخدمة التجويع والتعذيب سلاحا لإخضاع معارضيها.
وفي نهاية سبتمبر/أيلول 2018، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الألماني هورست كوهلر، الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع طاولة مستديرة في جنيف، لبحث قضية الصحراء.
وعقد ذلك الاجتماع في ديسمبر/كانون الأول الماضي بمشاركة كل من المغرب والبوليساريو (طرفا النزاع) والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان).
وأفضى الاجتماع الذي دام يومين في مكتب الأمم المتحدة، إلى اتفاق على عقد اجتماع في الربع الأول من 2019.
ويأتي عقد الاجتماع الثاني قبل أيام من بدء مناقشة ملف الصحراء في مجلس الأمن الدولي، حيث يتضمن برنامجه لشهر أبريل/نيسان المقبل، أربع جلسات خاصة بالنزاع.
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى 2008 ولم يحدث تطور يُذكر منذ ذلك التاريخ.
ورجح سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي (خاصة) "عدم حصول أي تقدم في اتجاه حلحلة الوضع في الصحراء المغربية، خاصة في ظل غياب أي تغيير في المحددات الرئيسية للنزاع".
وقال الأكاديمي المغربي إنه "لا يمكن توقع أي نجاح لهذه الجولة، فهي ليست مفاوضات حقيقية، فضلا عن عدم استعداد أطراف النزاع لتقديم تنازلات من شأنها تعبيد الطريق لمفاوضات حقيقية".
ورأى أن هذه "الجولة كسابقاتها وكالتي ستليها، لا يُنتظر منها شيء وأحسن ما يمكن أن يتمخض عنها هو التعبير عن حسن النوايا والاستعداد لإيجاد حل سلمي للنزاع دون أي تأثير في أرض الواقع".
واعتبر أن "حصول تغيير في موقف الجزائر هو وحده الكفيل بإحداث تغيير في مسار النزاع".
وشدد الصديقي على أن "حل النزاع في الصحراء يتوقف بشكل أساسي على موقف الجزائر ومدى استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، باعتبارها طرفا في النزاع وليست مراقبا".
وبشكل متكرر دعا المغرب خلال الأشهر الأخيرة إلى "انخراط فعلي للجزائر في أي حل لنزاع الصحراء"، لكن الجزائر تشدد على أن النزاع بين المغرب والبوليساريو، وأنها فقط طرف مراقب.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس في 6 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة بما فيها الحدود المغلقة.
وبينما لم يصدر رد مباشر من الجزائر على دعوة العاهل المغربي، دعت الخارجية الجزائرية في 22 من الشهر ذاته إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في "أقرب وقت"، لبحث إعادة بعث التكتل الإقليمي، فيما بدا وكأنه رد غير مباشر على الدعوة المغربية.
ويرى سلمان بونعمان الباحث المغربي في العلاقات الدولية أن "الحل في حوار مغربي جزائري مباشر ومسؤول في سياق بناء تكتل مغاربي قوي ومجاوزة الإرث التنازعي والصراعي الذي غطى المرحلة التاريخية السابقة بعد استقلال الدول في شمال إفريقيا".
واعتبر أن الحراك الحالي في الجزائر ربما يسفر لاحقا عن تغير في الموقف الجزائري.
وسبق أن صرحت الخارجية الجزائرية على لسان القائمين عليها أكثر من مرة، بأن الجزائر "ليست معنية بهذا النزاع وبأنه ليست لها أية أطماع" في إقليم الصحراء، مؤكدة أن القضية "يجب أن تُحل على مستوى الأمم المتحدة".
وهذا الإعلان الرسمي يشكل تضليلا مكشوفا، حيث أن كل الوقائع على الأرض تؤكد دور الجزائر المعطل لحل الأزمة.
وأردف بونعمان أن "اختيار التكامل والتعاون بين البلدين (المغرب والجزائر)، بدل التنازع والتجزئة هو أحد مفاتيح إنهاء النزاع، خاصة أن المشتركات القائمة أقوى من الخلافات السياسية والإقليمية في المنطقة".
وتشكل اتحاد المغرب العربي عام 1989، بعضوية كل من الجزائر المغرب وليبيا وتونس وموريتانيا، لكن خلافات بينية، أبرزها دعم الجزائر للبوليساريو تسببت بتجميد عمل المنظمة الإقليمية ولم تعقد أي قمة منذ 1994.
وتقع الصحراء المغربية المستعمرة الإسبانية السابقة على الطرف الغربي للصحراء الكبرى وتمتد مسافة 1000 كلم على طول ساحل المحيط الأطلسي.
واستعاد المغرب سيادته على الصحراء عندما انسحبت إسبانيا منها عام 1975 بوصفها جزء لا يتجزأ من التراب المغربي.
وفي العام التالي أعلنت جبهة بوليساريو قيام الكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بدعم من الجزائر وليبيا.
الموصل تستفيق على فاجعة هلاك العشرات في غرق عبارة
الموصل (العراق) - أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي مساء الخميس الحداد الوطني لثلاثة أيام بعد مصرع العشرات معظمهم من النساء والأطفال جراء غرق عبارة في الموصل بشمال البلاد، وفق التلفزيون الرسمي العراقي.
وأفاد النقيب كريم العبيدي من الدفاع المدني العراقي بأن فرق الإنقاذ انتشلت 82 جثة، إثر غرق عبّارة في نهر دجلة بمدينة الموصل شمالي البلاد، فيما يعد 17 شخصا في عداد المفقودين، مضيفا أنه "تم إنقاذ 55 شخصا بينهم 19 طفلا".
وتوجه عبدالمهدي إلى مدينة الموصل حيث وقع الحادث المأسوي فيما كانت عائلات كثيرة تحتفل بعيد نوروز، رأس السنة الكردية، على ضفاف نهر دجلة.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق اليوم الخميس، توقيف 9 عمال على خلفية غرق العبّارة في نهر دجلة. وقال المجلس (أعلى سلطة قضائية) في بيان إن "محكمة تحقيق الموصل، قررت توقيف 9 من العمال المسؤولين عن العبارة وأصدرت مذكرة قبض بحق مالكها ومالك الجزيرة وأوعزت لجهات التحقيق بسرعة تنفيذها".
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، أوعز إلى المحاكم المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين في غرق العبّارة.
وتحدثت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن "مأساة رهيبة"، علما بأن آخر حادث غرق يعود إلى مارس/آذار 2013 حين غرقت عبارة مطعم في نهر دجلة في بغداد ما أسفر عن خمسة قتلى. ويعتبر هذا الحادث الأكثر مأساوية في العراق منذ سنوات طويلة.
وعند الطبابة العدلية وسط المدينة تجمع عشرات الأشخاص من نساء ورجال للبحث عن ذويهم، فيما قامت دائرة الصحة بتعليق صور الضحايا على جدران المبنى لإتاحة الفرصة لذوي الضحايا للتعرف عليهم.
وخيم الحزن على الجميع بانتظار معرفة مصير المفقودين من ذويهم. وقال أحمد عامل بأجر يومي وهو يجلس على الأرض مع آخرين، بحزن "خمسة من عائلتي ما زالوا مفقودين ، كانوا في العبارة في طريقهم إلى المدينة السياحية"
وحمّل هذا الشاب "المسؤولين عن الجزيرة السياحية مسؤولية غرق العبارة". وتجمع مئات من أهالي الضحايا في المكان وعملت سيارات الإسعاف والشرطة على نقل الضحايا إلى مستشفيات المدينة.
كما انتشر عناصر الأمن على امتداد مجرى النهر الذي تواجد على ضفتيه نساء وأطفال، البعض منهم تم نقله للتو.
وشملت عمليات البحث عدة كيلومترات في مجرى النهر في محاولة لإنقاذ آخرين جرفتهم المياه وقامت قوات الأمن بقطع الطرق المؤدي إلى مجرى النهر بهدف السيطرة على الأوضاع هناك.
وقال أحد الناجين مكتفيا بذكر اسمه الأول محمد إن "الحادث كارثة لم نكن نتوقع حدوثها"، مضيفا هذا الشاب الذي كانت ملابسه مبتلة تماما أن "العبارة كانت تحمل عددا يتجاوز طاقتها، أغلبهم نساء وأطفال".
ولم تتحدد بعد الأسباب الدقيقة لغرق العبارة، غير أن مصدرا بالشرطة النهرية، قال في تصريح للأناضول، إن العبارة كانت تحمل أكثر من 170 شخصا، وهو فوق طاقتها، ما تسبب بجنوحها وغرقها.
وكان الضحايا في طريقهم لعبور نهر دجلة للتوجه إلى المدينة السياحية الواقعة في غابات الموصل أحد المتنزهات الترفيه للمشاركة في احتفالات عيد نوروز، أو رأس السنة الكردية وهو يوم إجازة رسمية في العراق.
ويأتي الحادث بعد يوم واحد من تحذير وزارة الموارد المائية المواطنين للانتباه اثر فتح بوابات سد الموصل بسبب زيادة الخزين.
ونشر ناشطون صورا ومقاطع فيديو للمأساة في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الضحايا يدفعهم تيار نهر دجلة بسرعة فائقة.
وأظهرت الصور عدد من المتطوعين وهم يحاولون إنقاذ بعض الضحايا وبينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. ونشرت صور للأطفال الذين انتشلت جثثهم من النهر.
وأوعز وزير الصحة والبيئة الدكتور علاء الدين العلوان باستنفار وزارة الصحة في إقليم كردستان ودوائر الصحة في كركوك وصلاح الدين فضلا عن كوادر دائرة صحة نينوى المتواجدة حاليا في مكان الحادث.
ويحتفل بعيد نوروز ويعني "يوم جديد"، في 21 من مارس/آذار من العام الميلادي. ويعتبر أكبر الأعياد في إيران ولدى الأكراد خصوصا في شمال العراق وأفغانستان وتركيا.
الحراك الشعبي يهدد أبرز داعم مالي لبوتفليقة
يواجه رجل الأعمال البارز علي حداد، وهو أحد حلفاء الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة القلائل الباقين معه في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة، ضغوطا للاستقالة من رئاسة أكبر جمعية لرجال الأعمال، في خطوة ستسهم في مزيد من إضعاف رئيس البلاد المحاط بالأزمات.
وتخلى حلفاء إستراتيجيون قدامى عن بوتفليقة بدءا من أعضاء في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وحتى أعضاء النقابات، وهو ما تسبب في تآكل نخبته الحاكمة.
وكان الرئيس البالغ من العمر 82 عاما يعتمد أيضا على شخصيات قوية مثل علي حداد الذي جمع مليارات من مشاريع الأشغال العامة التي تمنحها الحكومة والاستثمارات في وسائل الإعلام.
كما قام حداد بتمويل حملات بوتفليقة الانتخابية وترأس منتدى رؤساء المؤسسات، وهي جمعية أعمال كبرى يؤيد قادتها الرئيس منذ فترة طويلة.
واستقال العديد من أعضاء المنتدى بعدما أداروا ظهورهم لبوتفليقة منذ بدء الاحتجاجات في 22 فبراير/شباط.
توجد أصوات داخل منتدى رؤساء المؤسسات دعت علانية إلى جمعية عمومية غير عادية لاختيار بديل لعلي حداد
وقال العيد بن عمر نائب رئيس المنتدى السابق والذي استقال من منصبه بعد بدء المظاهرات "توجد أصوات داخل منتدى رؤساء المؤسسات والتي دعت علانية إلى جمعية عمومية غير عادية لاختيار بديل لعلي حداد".
وأضاف "هو مرتبط اليوم بالمحسوبية والمحاباة. يجب أن يعود المنتدى إلى هدفه الأصلي، وهو حيز اقتصادي غير سياسي، لاستعادة المصداقية".
لا خليفة واضحا
ووصف رجل أعمال ثان حداد بأنه أحد رموز نظام بوتفليقة. وأضاف أنه يجب أن يرحل. مضيفا"لن يحدث تغيير حقيقي إذا رحل بوتفليقة وظل حداد".
ورضخ بوتفليقة، الذي نادرا ما ظهر في مناسبات عامة منذ إصابته بجلطة قبل خمس سنوات، لمطالب المحتجين الأسبوع الماضي وتراجع عن الترشح لولاية رئاسية خامسة.
لكنه لم يتنازل عن المنصب وقال إنه سيبقى في الحكم حتى يتم إقرار دستور جديد، وهو ما يعني فعليا تمديد فترة ولايته الحالية.
ولم ترض هذه الخطوة الجزائريين الذين يريدون أن يتنحى المحاربون القدامى، الذين خاضوا حرب الاستقلال عن فرنسا من 1954 إلى 1962 ويهيمنون على البلاد، حتى يتمكن جيل جديد من القادة من توفير وظائف ومكافحة الفساد وإتاحة مزيد من الحريات.
وخرج مئات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية قبل شهر.
وقال هيو روبرتس أستاذ تاريخ شمال أفريقيا والشرق الأوسط بجامعة تافتس "معسكر بوتفليقة لم يقدم تنازلا حقيقيا. فهم يسعون لتمديد ولاية بوتفليقة لأجل غير مسمى. هذا لا يحظى بشعبية على الإطلاق".
وحتى لو تنحى بوتفليقة، فقد يواجه الجزائريون أزمة جديدة. فلا يوجد خليفة واضح حصل على دعم الجيش دون سن 70 عاما.
والمقياس الرئيسي للتغيير الحقيقي هو مدى تفكيك النظام السياسي القديم. ويصر المحتجون على الانفصال التام عن الماضي.
وبنى بوتفليقة ودائرته المقربة شبكة متعددة المستويات من السلطة على مر السنين تشمل الجيش الذي ينظم السياسة في كثير من الأحيان من وراء الكواليس.
;نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن معاذ بوشارب منسق هيئة تسيير الحزب قوله "حزب جبهة التحرير الوطني يساند مساندة مطلقة الحراك الشعبي".
ودعا الحزب كذلك إلى مفاوضات لضمان الاستقرار في الجزائر، وهي منتج كبير للنفط والغاز.
وأشار بوشارب الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس النواب، إلى أن الحكومة "ليست بيد الحزب"، محاولا فصل النظام الجزائري عن حزبه الحاكم للبلاد منذ استقلالها في 1962.
كما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بوشارب دعوته إلى ضرورة "العمل بإخلاص والجلوس معا إلى طاولة حوار واحدة للوصول إلى الأهداف المرجوة وفق خريطة طريق واضحة لبناء جزائر جديدة لا تهمش ولا تقصي أي أحد".
وفي أحدث حلقات الخلافات والانقسامات التي ضربت أحزاب السلطة، وصف الناطق باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي صديق شهاب في حوار مع قناة البلاد ترشح بوتفليقة بالخطأ الكبير في اشارة واضحة لانفضاض أحد أهم حلفاء بوتفليقة من حوله، سرعان ما تنكر لها حزب أويحيى بأن تبرأ منها قائلا في بيانه "ان النقاش كان أحيانا بأسلوب مستفز وموجه أدى بزميلنا إلى الانفعال وفي بعض الأحيان الابتعاد عن المواقف المعروفة للتجمع الوطني الديمقراطي".
وتابع الحزب ان موقفه بلوره بوضوح أحمد أويحي الأمين العام للتجمع في الرسالة التي وجهها لمناضلي الحزب، سواء ما يتعلق بقراءة التجمع الوطني الديمقراطي لمجريات الوضع السائد على الساحة الوطنية أو فيما يتعلق بتقدير الحزب ووفائه للسيد رئيس الجمهورية".
وقال صديق شهاب "أخطانا في التقدير والاستشراف ونقص البصيرة بالنسبة لترشح الرئيس بوتفليقة. مضيفا "لم تكن لدينا الشجاعة الكافية للإدلاء بقوة بكل ما كان يخالجنا، لم نكن مقتنعين بترشيح الرئيس وهو في هذه الحالة الصحية".
مقاصد نبيلة
وذكر الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري في خطاب الاربعاء أن الشعب عبر عن "مقاصد نبيلة" خلال الاحتجاجات المناهضة للرئيس.
وقال رئيس الأركان إن شهر مارس آذار "هو شهر الشهداء، تجلت فيه الأعمال ذات المقاصد النبيلة والنيات الصافية، شهر عبر خلاله الشعب الجزائري عن مكنونه ومخزونه من كنوز الصدق في العمل والإخلاص لله والوطن".
وسبق أن تدخل القادة العسكريون في السياسة مرات عديدة، منها عندما ألغى الجيش انتخابات كان حزب إسلامي بصدد الفوز بها، مما تسبب في حرب أهلية دامت عشر سنوات وقتل فيها نحو 200 ألف شخص.
ولا يزال الصراع الذي عصف بالجزائر في التسعينات ماثلا في أذهان كثير من الجزائريين الذين يريدون تجنب إراقة الدماء.
وقال روبرتس "ما دامت الأمور هادئة فسيبتعد الجيش (عن التدخل) لفترة. هو يراقب الوضع" مضيفا "من الممكن تماما وجود نقاش جاد حاليا داخل قيادة الجيش العليا. بمعني أنه يتعين حل ذلك (الأزمة) قبل أن يتصرف الجيش بحسم".
ولن يلعب الإسلاميون المتشددون أي دور على الأرجح إذا اضطر بوتفليقة للرحيل لأن الجيش لن يسمح بذلك. لكن الإسلاميين المعتدلين قد يشاركون في مشهد سياسي جديد.
وفي حين أظهر بوتفليقة براعة في البقاء على الساحة السياسية لسنوات بانتزاعه السلطة من الجهاز الأمني القوي، فموقفه السياسي يزداد ضعفا يوما بعد يوم مع تخلي حلفائه عنه.
وأظهر مرسوم نشر الأربعاء في آخر عدد من المجلة الرسمية الجزائرية، أن بوتفليقة، ألغى انتخابات الرئاسة، وسحب ترشحه لولاية خامسة، في 23 فبراير/ شباط الماضي، من خلال تجميد موازنتها، قبل يوم واحد من سفره في رحلة علاجية إلى سويسرا حيث يتلقى علاجا من اثار جلطة دماغية اصابته في 2013.
وذكر المرسوم "يلغى من ميزانية (موازنة) سنة 2019، عشرون مليارا و470 مليون دينار (170 مليون دولار)" المتعلقة بنفقات الانتخابات كما لفت إلى أن النفقات الملغاة تتم إعادتها إلى الموازنة السنوية لوزارات الخارجية والعدل والداخلية والإعلام.
وحمل المرسوم تاريخ 23 فبراير/شباط، وتم توقيعه من طرف بوتفليقة.
وكما هو معلوم، فإن نفقات الانتخابات في الجزائر تتدخل فيها أربع وزارات، هي الخارجية والداخلية والعدل والاعلام.