تقارير وتحليلات
الميليشيات طالبت بفتح مطار صنعاء..
غريفيث يصطدم برفض الحوثي الانصياع لتنفيذ اتفاق السويد
أفادت مصادر سياسية وحزبية مطلعة في صنعاء بأن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أصيب بخيبة أمل جديدة جراء استمرار الميليشيات الحوثية في تعنتها ورفضها الانصياع لتنفيذ اتفاق السويد وبدء إعادة الانتشار في الحديدة.
وذكرت المصادر أن زعيم الجماعة الحوثية أبلغ غريفيث موافقته على تنفيذ إعادة الانتشار وفق المرحلة الأولى من مينائي رأس عيسى والصليف لكن مع بقاء ميليشياته للتحكم في الوضعين الأمني والإداري.
وبحسب المصادر نفسها، ربط الحوثي السير في تنفيذ اتفاق السويد بتلبية شروط جديدة، من أبرزها فتح مطار صنعاء أمام جماعته، والسماح بعودة جثمان وزير داخليته السابق عبد الحكيم الماوري من بيروت على متن طائرة أممية، إضافة إلى تسهيل الأمم المتحدة مساعي الجماعة لبيع النفط المخزون في الخزان العائم (صافر) في رأس عيسى، كما اشترط الحوثي وقف إجراءات الحكومة الشرعية المتعلقة بإصلاح الاقتصاد ومنع تهريب النفط الإيراني بموجب القرار «75».
وزعم المتحدث باسم الجماعة الحوثية ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام فليتة، في بيان بثته وسائل إعلام الجماعة، أن زعيمه الحوثي «ناقش خلال اللقاء مع غريفيث جملة من الأفكار والقضايا التي قد تسهم في تحريك اتفاق السويد، كما ناقش معه مجموعة من المواضيع التي تتعلق بالوضع الإنساني، وأكد على أهمية تسهيل عودة جثمان وزير داخلية الجماعة».
وكانت مصادر يمنية أفادت بأن الجماعة الحوثية تأخرت في الرد على رئيس «لجنة إعادة تنسيق الانتشار» مايكل لوليسغارد، بشأن الخطة النهائية لإعادة الانتشار، الذي كان مقرراً في 29 أبريل (نيسان) الماضي، قبل أن ترد أخيراً رداً سلبياً على الخطة.
في غضون ذلك، أفادت مصادر سياسية في صنعاء بأن غريفيث التقى عدداً من قيادات الجماعة الحوثية؛ وفي مقدمهم رئيس مجلس حكمهم الانقلابي مهدي المشاط، ورئيس برلمانهم غير الشرعي يحيى الراعي، ورئيس حكومة الانقلاب غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور، قبل لقائه زعيم الجماعة الموالية لإيران عبد الملك الحوثي.
وبحسب المصادر؛ توعد المشاط المبعوث الأممي وموظفي الأمم المتحدة كافة بعدم السماح لهم بالوصول جواً إلى صنعاء عبر مطارها، إذا لم تتم الموافقة على فتح المطار أمام الجماعة وقادتها للرحلات الدولية.
وتوعد المشاط - وفق المصادر نفسها - بتفجير الخزان النفطي العائم في رأس عيسى إذا أصرت الحكومة الشرعية على عدم منح التصاريح للنفط الإيراني المهرب إلى ميناء الحديدة، وقال إن جماعته في وضع يجعلها أكثر قوة ولكنها تتحلى بضبط النفس؛ على حد زعمه.
وهاجم القيادي الحوثي الأمم المتحدة وقال إن مواقفها مؤلمة للجماعة وغير حيادية، في محاولة للتأثير على المبعوث الدولي بالحالة الإنسانية، وتوعدت الجماعة الحوثية بالرد على الإصلاحات الحكومية الاقتصادية بما فيها ما يتعلق بضبط الاستيراد للمشتقات النفطية. وعدّ رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي مهدي المشاط تلك الإجراءات حرباً على جماعته.
ونقلت المصادر الرسمية للجماعة عن المشاط قوله: «هناك خطوات وخيارات مؤلمة يمكن اتخاذها إذا لم تتراجع دول التحالف والشرعية عن الخطوات الاقتصادية العدائية»؛ في إشارة إلى نية الجماعة عرقلة الملاحة في البحر الأحمر وتلويحها بتفجير النفط المخزن في ميناء رأس عيسى.
وفي حين زعمت الجماعة أن غريفيث وعد زعيمها بأنه سيضمّن إحاطته المقبلة إلى مجلس الأمن القول: «هناك استخدام للاقتصاد سلاحاً في الحرب»، وفق ما أورته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ».
وتهربت الميليشيات الحوثية من تنفيذ اتفاق السويد المبرم في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، خصوصاً فيما يتعلق بالانسحاب من الحديدة وموانئها، رغم المساعي الأممية والضغوط الدولية المستمرة.
وإذا لم يتوصل غريفيث ومعه الجنرال الأممي لوليسغارد إلى صيغة مثلى توافق عليها الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية حول مهام الإدارة والأمن في الحديدة وموانئها، فإن ذلك سيقود - بحسب مراقبين - إلى وصول الحل إلى طريق مسدودة؛ الأمر الذي سيحمل معه المخاوف من العودة إلى الحلول العسكرية.
وكانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي نجحا في الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق السويد في 13 ديسمبر الماضي، وبموجبه أعلن عن بدء هدنة هشة في 18 ديسمبر نفسه توقفت على أثرها العمليات العسكرية من قبل القوات الحكومية مع بقاء الخروق المتصاعدة على حالها من طرف الميليشيات الحوثية. وترى الحكومة الشرعية أن جوهر اتفاق السويد يقضي بانسحاب الميليشيات الحوثية من الحديدة وموانئها وإعادة الأوضاع الإدارية والأمنية إلى ما قبل الانقلاب الحوثي في 2014، بما في ذلك وجود السلطة المحلية، وهو التفسير الذي يرفضه الحوثيون.
ويلوح عسكريون يمنيون بأن صبر القوات الحكومية لن يدوم إلى ما لا نهاية إزاء الخروق الحوثية المتكررة في المدينة، خصوصاً بعد أن وصل عدد القتلى جراء هذه الخروق في أوساط المدنيين إلى نحو 140 قتيلاً على امتداد خطوط المواجهة في محافظة الحديدة الساحلية.
وكان وزير الخارجية خالد اليماني ناقش في وقت سابق مع سفراء غربيين تطورات العملية السياسية في اليمن على ضوء الاجتماع الأخير للجنة الرباعية، وعدّ أن الاجتماع خرج برسائل قوية وواضحة، خصوصاً فيما يتعلق بتحديد موعد زمني لتنفيذ اتفاق الحديدة قبل 15 مايو (أيار) الحالي.
وأكد اليماني في تصريحات رسمية أن الحكومة اليمنية نفذت التزاماتها كافة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وتتطلع إلى أن يقوم المجتمع الدولي بالضغط الكافي على الميليشيات الحوثية للقيام بالانسحاب الفوري من الموانئ والمضي قدماً نحو تحقيق السلام وتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وترفض الشرعية اليمنية الذهاب إلى أي جولة جديدة من المشاورات قبل تنفيذ اتفاق السويد بفروعه الثلاثة، وهي: اتفاق الحديدة، واتفاق الأسرى والمعتقلين، والتفاهمات حول فك الحصار عن تعز.
ويعد الاتفاق في مجمله في حال تنفيذه مؤشراً على حسن نوايا الجماعة الحوثية، كما أنه - بحسب الأمم المتحدة - سيفتح الباب أمام مناقشة الإطار الكلي للسلام، بجوانبه الأمنية والعسكرية والسياسية.