تحليلات

قراءة تحليلية في الشأن العسكري والسياسي..

الجنوب.. جزء من معركة إقليمية ودولية يغلبها حسن الظنّ

مركبة عسكرية من الحرب الأولى على الجنوب صيف العام 1994م - ارشيف

هل سقوط اليمن الجنوبي والشمالي بيد الميلشيات الحوثية تهديدا لأمن السعودية والإمارات ومستقبلهما الاقتصادي والسياسي؟ الإجابة نعم؟ وهل يعني سقوطها بيد وكلاء طهران تهديدا للأمن القومي الاسرائيلي أيضا؟ من حيث المبدأ نعم؟ إذن لماذا تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم الكيان الاسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني، موقفا مخاتلا من ميليشيات الحوثي التي ترفع الشعار الشهير"الموت لأمريكا.. الموت لاسرائيل"؟

لنترك الإجابة على هذا السؤال الآن. وأضع عليكم التالي: أليس من الإرهاب التحريض على قتل لآخر بسبب الاختلاف معه في الفكر أو الثقافة أو الدين؟ إذن فضلا عن كل جرائمها الإرهابية المستمرة بحق الأبرياء في مدن اليمن الجنوبي وتعز وغيرها ، أليس شعار الموت لأمريكا واسرائيل عبارة إرهابية فكرية تعتمدها هذه المليشيات في سياساتها وخطابها وأيدلوجيتها الدينية؟؟ أليس مثل هذا الفكر ينذر بتحول ملايين من أتباع الحوثي في الشمال إلى قنابل مفخخة تهدد أمن أمريكا بطريقة ما؟ منطقيا نعم.

لماذا ولأي سبب إذن لا ولم تصنف أمريكا هذه الجماعة بـ الإرهابية؟

من المعلوم أن صحيفة واشنطن بوست كانت قد نشرت نوفمبر العام الماضي تسريبات عن دراسة الإدارة الأميركية تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية بالإضافة إلى فرض عقوبات على أفرادها، في إطار الجهود لإنهاء الحرب في اليمن. هذه المعلومات تبخرت لاحقا، وظهرت الإدارة الأمريكية هذا الشهر عوضا عن ذلك بمساعي اعتزام تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية هي الأخرى. محيّر أليس كذلك؟؟



في جنوب اليمن حيث لم يعد خافيا على أحد أن المعركة الدائرة الآن بين القوات الجنوبية المحلية بإسناد من التحالف العربي وبين ميليشيات الحوثي بتواطؤ من حزب الإصلاح - جناح الإخوان المسلمين في اليمن والمستحوذ على حكومة ما تسمى بالشرعية - هي معركة إقليمية ودولية تدور رحاها بين إيران كقوة إقليمية ، تحاول التغلغل بنفوذها الديني الظاهري في المناطق الاستراتيجية بالمنطقة ، وبين دول الخليج العربي، وعلى رأسها دولتي السعودية والإمارات التي تحاول أن تبقي خطر إيران بعيدا عنها قدر الإمكان وعن الممرات البحرية الدولية ومناطق النفوذ الاستراتيجية. وهاتان الأخيرتان تمثلان بالتأكيد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ويضمنان أمنها.




في خضم هذا الحشد السياسي والعسكري والتهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن وبوادر الحرب التي يقرأها البعض في سياق كل هذه التطورات ، لا يظهر أبدا أن هناك نية أمريكية للحد من نفوذ هذه الجماعة المدعومة إيرانيا في عمق جنوب الجزيرة العربية الاستراتيجية. على العكس ضغطت الولايات المتحدة ومعها الأمم المتحدة باتجاه إيقاف معارك الزحف التي كانت تخوضها القوات الجنوبية وحلفائها في الساحل الغربي ولجأت إلى صنع اتفاق استوكهولم كما أكد ذلك الوزير السعودي عادل الجبير. الاتفاق الذي أنقذ الميلشيات من هزيمة تاريخية في مدينة الحديدة الساحلية، فأمد من عمر تواجد المليشيات هناك ومنحها الوقت الكافي لاستعادة أنفاسها وإعادة بناء قواتها والزج بهم في جبهات جديدة نحو مدن الضالع الحدودية لمواجهة القوات الجنوبية التي تقاتل منفردة بدعم محدود من التحالف عن الجميع.!



سيقول قائل مثلا "لأمريكا سياسة استراتيجية طويلة المدى تحسب خطواتها بدقة من مختلف النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية وتبعاتها المباشرة وغير المباشرة. فمثلا الزج بدول الخليج بحرب محتملة مع إيران ، هو استنفاذ لقدرات الطرفين وشن حرب بالوكالة، تجني فيه أمريكا مليارات الدولارات من عائدات صفقات الأسلحة ، وتتخلص فيه بذات الوقت من عدوها الاستراتيجي اللدود في المنطقة بالمجان. كما أوحت بعض خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سابقا. ولربما يفاجئ ترامب الجميع يوما ما ويمد يده للإيرانيين ويقلب الطاولة على حلفائه التاريخيين.!"



قد يرى آخر ذلك استخفاف بالسياسة الخليجية وقادتها ، فضلا عن انه مجافي لمعطيات الواقع بالنظر إلى نوع العدو الإيراني وعلاقته المتوترة مع دول العالم على ذمة الأنشطة النووية والأيدلوجيا الدينية العدائية وتاريخه الدموي الحافل وأطماعه التوسعية.



لربما يقول رأي جنوبي حصيف "أنه وكما هي الحرب بالنسبة لنا كجنوبيين دفاع عن أرضنا وكرامتنا ومستقبل دولتنا الجنوبية ودفاع عن هويتنا العربية ، وأن ظننا لن يخيب بوفاء حلفائنا الخليجين معنا ، هو بذات الأهمية بالنسبة لدول الخليج دفاع عن أمنها القومي وعمقها الاستراتيجي ومستقبلها الاقتصادي ، وأن ظنها في حلفائها الدوليين لن يخيب، هو بذات الوقت دفاع عن الأمن الدولي والعالمي وممرات البحرية ومصالح الدول الغربية المختلفة بما فيها أمريكا واسرائيل. لذلك هناك جدية أمريكية وخليجية في مواجهة إيران ، ولربما أن للمسألة اعتبارات دبلوماسية ربما قد تجنب المنطقة حرب عالمية جديدة".



شخصيا ولأن ما سبق هي وجهات نظر تحيرني كثيرا ، أجد أن الجنوبيين الطرف الأكبر الذي يدفع ثمن هذه الحرب الإقليمية والدولية التي تدور رحاها في حدود وطننا وفي عمق اليمن الشمالي أيضا. لذا آن الوقت لأن يفرض المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه باقي القوى العسكرية والسياسية التي تؤمن بالاستقلال الأمر الواقع في جنوب اليمن ، وأن يتعاملوا مع حلفائهم في هذه المعركة الكبرى، بالضمانات أولا وبعدها بحسن الظن.

القضاء الإيراني يسرّع الإعدامات ووسائل إعلام النظام تحرض على القتل الجماعي


حل الدولتين في نيويورك: مؤتمر دولي يواجه تحديات المقاطعة والحرب


دعوات إسرائيلية لتصفية قادة حماس في قطر: تحذير للدوحة أم تصعيد جديد؟


إعدام أعضاء بـ"مجاهدي خلق" وسط تزايد الاحتجاجات والاشتباكات الحدودية