قضايا وحريات
هدر براءة الأطفال في الحرب..
تقرير: إزدياد جرائم مليشيات الحوثي وتجنيد الأطفال باليمن
تواصل ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران انتهاكاتها بحق الشعب اليمني، مستغلة الظروف المعيشية التي فرضتها على الناس لتحقيق مآربها ومخططاتها الإجرامية في البلاد.
فلم تكتف الميليشيا بسرقة خيرات وثروات اليمن، بل امتدت أذرعها للعبث بأحلام الطفولة وإهدارها لحقوقها عبر عمليات التجنيد القسري التي لم تتوقف أبداً منذ 5 سنوات.
وتمثل ظاهرة "تجنيد الأطفال" في اليمن واحدة من الانتهاكات الجسيمة التي تطال هذه الفئة العمرية، حيث أكدت تقارير أممية ومنظمات حقوق الإنسان أن إيران تتصدر قائمة الدول التي تستغل الأطفال في حروبها باليمن والعراق وسوريا ولبنان للزج بهم في حروبها الطائفية.
تجنيد مستمر
كشف تقرير حقوقي عن ارتكاب ميليشيا الحوثي أكثر من 130 جريمة وانتهاك بحق المدنيين بعموم مديريات محافظة إب خلال الربع الأول من العام الجاري، وكما وثق التقرير تجنيد الحوثيين للأطفال في معاركها المستمرة ضد اليمنيين في أكثر من جبهة، فضلاً عن الجرائم الأخرى التي طالت منازل المواطنين والحقوق والحريات العامة والخاصة.
وأشار إلى توقف العملية التعليمية بمناطق العود بسبب حرب الميليشيا الحوثية واستحداثها حواجز أمنية تمارس فيها اختطاف المواطنين، مشيراً إلى جرائم نشر أفكار طائفية في المؤسسات العامة والجامعات، وفرض ونشر الأفكار الطائفية في عدد من مساجد إب.
وأكد حقوقيون وناشطون في صنعاء، أن الميليشيا لم تتوقف للحظة واحدة منذ نشأتها عن عملية استقطاب الأطفال وتجنيدهم، بطرق شتّى وأساليب متعددة، لكنها في العامين الأخيرين صعدت من أساليبها في الاستقطاب والتجنيد، في المدارس والمساجد والأسواق والأحياء الفقيرة، والأندية الرياضية.
ومع النقص الحاد في عناصر الجماعة في جبهات القتال، أطلق مسؤولو الجماعة في صنعاء مجموعة من أزلامها إلى المدارس، وتحويل طابور الصباح والإذاعات المدرسية إلى وسيلة من وسائل التعبئة والاستقطاب، فضلاً عن توجيه الأنشطة المدرسية لما يخدم عمليات الاستقطاب والتجنيد.
وكشفت مصادر حقوقية في يناير(كانون الثاني) 2019، عن قيام الميليشيا باستقطاب العشرات من الأطفال من نزلاء مدرسة الأيتام في صنعاء الذين عاد أغلبهم جثثاً هامدة من جبهات القتال في مديرية نهم خلال العامين الماضيين.
ويقدر الكثير من المراقبين أن ميليشيا الحوثي حرصت خلال العامين الأخيرين على انهيار النظام التعليمي في مناطق سيطرتها؛ بسبب عدم دفع رواتب المعلمين من أجل دفع الأطفال لترك المدارس وتسهيل عملية استقطابهم للقتال.
ولا تجد الميليشيا أي غضاضة في المفاخرة والتباهي بتسليح الأطفال والاستعراض بهم، كما تفعل عادة في مهرجاناتها الاستعراضية المسلحة التي تنقل وقائعها وسائلها الإعلامية.
ومن جهته، قال مصدر يمني إن "الحوثیون یحصلون على قوائم بالأسماء ویتم طلب ما یثبت معلومات عن كل شخص وأسرته، مستغلین في ذلك الظروف المعیشیة للناس"، فيما أكد سكان محليون في العاصمة صنعاء، أن الميليشيا مستمرة في استقطاب الأطفال تحت سن 18، وإدخالهم دورات طائفية تقيمها في عدد من مساجد العاصمة.
وأوضحت مصادر أن الميليشيا خصصت المساجد لمبيت الأطفال والشباب الملتحقين بصفوفها، بالإضافة إلى إقامة دوراتها الطائفية وتدريس ملازم مؤسسها حسين الحوثي ودروس شقيقه عبدالملك الحوثي.
استغلال المساعدات
أكد ناشطون يمنيون أن ميليشيا الحوثي سخرت كميات كبيرة من المساعدات الغذائية الدولية من أجل استقطاب الأطفال المجندين، بخاصة في مناطق الحديدة وحجة والمحويت وإب، عبر إغراء الأسر الفقيرة بسلال الطعام مقابل الموافقة على إرسال أحد أبناء الأسرة إلى الجبهات القتالية.
وذكر مصدر من داخل صنعاء لصحيفة "الوطن" السعودية، أنه مع قدوم شهر رمضان المبارك، قامت المیلیشیا بتوزیع كوبونات یتم من خلالھا استلام وجبة إفطار، مقابل معلومات متكاملة عن المستلم یتم تدوینھا"، مشيراً إلى أنه لا یسمح له بالاستلام مرة أخرى إلا بشروط منھا: التحاقه الفوري بالتجنید أو ما یسمى مشاركة الجنود في الجبھات، أو بتسجیل ضمان بإرسال أحد أبنائه للقتال.
ولفت إلى أن أغلب تلك الوجبات ھي من مواد الإغاثة التي نھبت خلال فترات سابقة، ویتم تقسیم الوجبة الواحدة إلى 4 أقسام لتوزیعھا على أكبر عدد من الصائمین، مبیناً أن تلك الوجبات البعض منھا مخزن من فترات طویلة ولا تعلم صلاحیتھا من عدمها، ویبقى تحیز الحوثیین ومنح أنصارھم ومن یوالیھم وجبات مباشرة دون قید أو شرط كنوع من الاستفزاز والعنصریة التي یمارسونھا.
وقال وكیل أمانة العاصمة عبدالكریم ثعیل إن "میلیشیا الحوثي استغلت دخول شھر رمضان بشكل لا یتلاءم، حیث استخدمت أعمال الخیر وما یمكن أن یتم إنفاقه على المساكین والفقراء والمحتاجین للسیطرة علیھم من خلال ما یسمى "بطاقات تموینیة".
وذكر أن ھذا الأمر لا یفرق بین طفل وكبیر، حیث یتم إرسالھم للجبھات وتجنیدھم مقابل سلة غذائیة أو بطاقة تموینیة في أغلب الأحیان وھمیة، مشیراً إلى أن الجمیع یعلم أن الجوع یدفع بالكثیر من الیمنیین للاستسلام لتلك السلة الغذائیة وإرسال طفل أو طفلین من الأسرة الواحدة لجبھات القتال، خاصة بعد أن قطع الحوثیون رواتب الموظفین ورفعوا أسعار المشتقات النفطیة، ونھبوا المساعدات، وبالغوا في أسعار الغاز، وأغلقوا المحلات التي كانت مصدراً لمعیشة الناس والاعتماد علیھا، في وقت لا توجد فیه أي فرص وظیفیة.
وأوضح أن تلك المنظمات الدولیة التي تشرف على توزیع مواد الإغاثة ھي منظمات حوثیة في الأصل، أنشأت لغرض التجنید وتعمل لصالح الحوثیین، كما تعمل على تلمیع موقف الحوثیین وتحسین صورتھم وعكس أمر مخالف للواقع الذي یعیشه الیمنیون.
إحصائيات وأرقام
وأكدت تقارير أممية سابقة أن نحو ثلث مقاتلي الميليشيا هم من القصّر والأطفال، وذكر وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر أن "الحوثي جند بين 23 و25 ألف طفل خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وكانت منظمة يمنية معنية بالدفاع عن حقوق الأطفال "سياج" ذكرت في تقارير سابقة لها، أن الأطفال والقصر شكلوا نحو 50% من مقاتلي الحوثيين خلال حروبهم منذ 2004.
وفي أحدث إحصائية حكومية عن تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة الشرعية الدكتورة ابتهاج الكمال: إن "الحوثيين قاموا بتجنيد ما يزيد على 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم 2500 طفل منذ بداية 2018".
وأشارت في تصريح لوكالة "سبأ" اليمنية، إلى أن استمرار الميليشيا بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك؛ تمثل جرائم حرب ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل.
ومن جهتها، ذكرت منظمة "وثاق"، وهي منظمة محلية في أحدث تقاريرها؛ أنها وثقت تجنيد الميليشيات الحوثية لـ 2500 طفل دون سن الـ15، معظمهم من صنعاء وذمار وعمران والمحويت وحجة خلال العام الماضي، وتوزيعهم على الجبهات المشتعلة، للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل.
أهداف طائفية
أجمع حقوقيون ومختصون على أن الهدف الظاهر للكثيرين، أن تجنيد الأطفال من قِبل إيران وبعض الجهات الإرهابية هدفه توفير الجنود للمساندة في أعمال القتال، ولكنّ السبب الأقوى هو أن هؤلاء الصبية هم الأقل كلفة والأكثر طاعة لتحقيق أجندة مستقبلية تسيطر بها إيران على المستقبل العربي ممثّلاً بالشباب.
وأكدوا أن إيران والميليشيات الموالية لها تعتمد استراتيجية أبعد بكثير، تسعى من خلالها إلى السيطرة على العقول قبل الأبدان والولاء الفكري والعقائدي الأعمى وبالتالي تحقق سيطرتها الطائفية.
وأشاروا إلى أن الدروس العقائدية والتحريضية والتدريبات العسكرية تمثل أبرز ما يتلقاه الأطفال ضمن خطة ممنهجة هدفها غسل أدمغتهم، لافتين إلى أن الميليشيا تبدأ في منح الأطفال تدريباً مذهبياً لما لا يقل عن شهر، يعقبه تدريب عسكري في واحدة من قواعدهم في البلاد.
وذكر الناشط الحقوقي اليمني نبيل الأسيدي، أن المعطيات على الأرض تجعل ميليشيا الحوثي تتربع في صدارة قائمة الجهات التي جنّدت أطفالاً في اليمن، وساعدهم على ذلك تدني مستوى الوعي الاجتماعي لدى العديد من الأهالي في المناطق التي سيطروا عليها، وانتشار الفقر وعدم وجود قاعدة بيانات حقيقية للشريحة العمرية في سن الطفولة بحيث يسهل تزوير الوثائق الثبوتية، إلى جانب شدة الاستقطاب عبر النفوذ والإغراء والتهديد.
إدانة أممية ودولية
كشفت وثيقة مسربة حديثاً عن استمرار الميليشيا في استقطاب طلاب المدارس والزج بهم في جبهات القتال، دون اكتراث بالنداءات المتكررة المطالبة بوقف تلك الممارسات.
وتضمنت الوثيقة الموجهة من أحد القيادات الميدانية البارزة لميليشيا الحوثي العميد صالح علي الشامي قائد ما يسمى باللواء 312 مدرع، إلى مدير إحدى المدارس يطالبه فيها بالتعاون مع بعض الطلاب الدارسين لديه ممن يرابطون في جبهات القتال.
ودعا وزير الإعلام اليمني الدكتور معمر الأرياني، المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حاسم تجاه ما تقوم به الميليشيا الحوثية الإيرانية من تدمير للعملية التعليمية وعمليات تجنيد لآلاف الأطفال وتعبئة أذهانهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة، مؤكداً أنها مستمرة في عمليات تجنيد الأطفال إلى اليوم.
وكما أدانت منظمات حقوقية دولية تجنيد الحوثيين للأطفال، وذكرت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير سابق أن تجنيد الحوثيين للأطفال يرقى إلى مستوى جريمة حرب.
وبدورهم، أدان برلمانيون بريطانيون خلال اجتماع لمجلس العموم البريطاني بخصوص اليمن، إقدام ميليشيا الحوثي على تجنيد الأطفال، مبدين قلقهم بشأن عدد الأطفال الذين تم توثيق عملية تجنيدهم.
ومنذ انطلاق الحرب اليمنية عام 2014، يعاني سكان البلاد من جرائم كثيرة وأوضاع معيشية صعبة، وغالباً ما تستخدم الميليشيا الحوثية الأطفال لزيادة عدد جنودها تعويضاً للنزيف البشري، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في مختلف جبهات النزاع