هوّن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، خلال إحاطته الخميس أمام مجلس الأمن الدولي، من العوائق التي تعترض تنفيذ اتفاق ستوكهولم بشأن محافظة الحديدة على الساحل الغربي اليمني، مجدّدا تمسّكه بالاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه برعاية أممية في ديسمبر الماضي كبوابة لتحقيق سلام أشمل في اليمن.
وحصر غريفيث أبرز العوائق في تنفيذ الاتفاق الذي ينص بشكل عام على وقف لإطلاق النار في الحديدة وتنفيذ عملية إعادة انتشار للقوات في المحافظة لاسيما موانئها الثلاثة، الحديدة والصليف ورأس عيسى، في الخلاف بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمتمرّدين الحوثيين على طبيعة القوات التي يجب أن تحل محل قوات الطرفين التي سيعاد نشرها.
ويتعرّض أسلوب غريفيث في قيادة جهود السلام باليمن إلى انتقادات حادّة، وكثيرا ما يُتّهم بالمبالغة في الترويج لتفاؤل غير منطقي قياسا بالنتائج المتحققة عمليا على أرض الواقع.
وسبق أن وُجّهت له اتهامات مباشرة من قبل السلطة التي يقودها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي بالتساهل مع الحوثيين ومحاباتهم.
لكن الدبلوماسي البريطاني السابق يبدو مصرّا على اعتماد سياسة النفس الطويل معتمدا على دعم إقليمي ودولي لجهوده.
وقال غريفيث في إحاطته بشأن الوضع اليمني أمام مجلس الأمن الدولي إن الحديدة هي البوابة المحورية للسلام في اليمن، مضيفا “شهدنا تقدما محدودا في تعز (بجنوب غرب اليمن) ونسعى إلى فتح معبر إنساني واحد على الأقل”، ومؤكّدا “حققنا اختراقا مهما ويبقى عائق الاتفاق على طبيعة القوات المحلية في الحديدة”.
والإحاطة التي أدلى بها غريفيث الخميس هي خلاصة جولة موسّعة قادته إلى كلّ من موسكو حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وأجرى معه محادثات بشأن الملف اليمني، وإلى الرياض حيث التقى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، فأبوظبي حيث ناقش الوضع اليمني مع أنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية الإماراتي بحضور وزيرة التعاون الدولي ريم الهاشمي.
وزار غريفيث أيضا خلال جولته العاصمة العمانية مسقط ومنها انتقل إلى العاصمة اليمنية صنعاء حيث التقى عددا من القيادات الحوثية وكبار المسؤولين في الحكومة الموازية.
وقال غريفيث في إحاطته “لمست رغبة في لقاءاتي مع المسؤولين في التوصل إلى حل في اليمن”، مؤكدا أن الجميع أكد ضرورة الحل السياسي وتطبيق اتفاق ستوكهولم. وتابع “التقدم في الحديدة سيسمح بالتركيز على العملية السياسية الأشمل في اليمن”، مشدّدا على وجوب عودة السلام إلى البلد وفق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
خلاصة جولة غريفيث الأخيرة إجماع العديد من العواصم على الحل السياسي واعتبار اتفاق ستوكهولم أساسا لإنهاء الحرب
وفي مقابل مسحة التفاؤل التي حرص المبعوث الأممي على إضفائها على إحاطته، لفت غريفيث إلى مخاطر عدم حلّ القضية اليمنية سلميا محذّرا من “نشوب حرب واسعة بالمنطقة تأخذ اليمن في طريقها”، ومطالبا الأطراف المعنية بأن “تمتنع عن أي فعل يجر اليمن إلى هذا الاتجاه”.
وعن الوضع باليمن، قال المبعوث الأممي في إفادته لأعضاء المجلس “الحرب مازالت مستمرة، والوضع الإنساني يزداد سوءا والخطر قائم وسوف يصعب الوصول إلى حل إذا ما استمرت هذه الحرب، ويجب إبقاء اليمن بعيدا عن النزاع”.
واعتبر في حديثه أن الحديدة “بمثابة البوابة المحورية لعملية السلام في اليمن، والطريق الذي ينبغي سلوكه هو تنفيذ اتفاق ستوكهولم والمشاركة العاجلة لجميع الأطراف في تسوية سياسية يتفق الجميع على معالمها”.
كما أعرب عن قلقه إزاء الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السعودية، وذهوله لصدور أحكام إعدام بحق 30 شخصا من السجناء لدى الجماعة.
وفي 9 يوليو الجاري، قررت المحكمة الجزائية المتخصصة بالعاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إعدام 30 معتقلا من بينهم أستاذ جامعي.
وأثنى المبعوث الأممي على الاجتماع الأخير لممثلي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي مع مايكل لوسيغارد رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة على متن إحدى السفن في البحر الأحمر، حيث تم الاتفاق على تفاصيل تشغيلية وفقا لما سبق الاتفاق عليه في ستوكهولم.
وتابع قائلا “إن أي اتفاق يستوجب مرونة واقتناعا، وكل حل هو حل مؤقت إلى حين التوصل إلى حل سياسي، وسوف أضاعف جهودي مع الطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق يحظى بموافقتهما”، مضيفا “يحدوني الأمل كذلك أن يكون اليمن قد بات قريبا من انتهاء هذه الحرب، وقد سرني خلال الزيارات التي قمت بها مؤخرا للعديد من العواصم، أن أجد إجماعا على أهمية الحل السياسي واعتبار تنفيذ اتفاق ستوكهولم هو الأساس لإنهاء الحرب”.