أنشطة وقضايا
ترجمة..
لماذا يخشى خبراء الصحة من تفشّي فيروس جديد في الصين؟
تتسبب في أعراض شبيهة بالالتهاب الرئوي في مدينة "وهان"
أثارت التقارير التي تحدثت عن ظهور سُلالة جديدة من "فيروس كورونا" تتسبب في أعراض شبيهة بالالتهاب الرئوي في مدينة "وهان" وسط الصين، مخاوف من انتشار الفيروس على نطاق أوسع في البلاد، وربما في بلدان أخرى.
وقد أكّدت منظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع أنه جرى اكتشاف فيروس كورونا الجديد لدى مسافرة من مدينة "وهان" في تايلاند، كما جرى الإبلاغ عن حالات مشتبه بها في هونغ كونغ وكوريا الجنوبية.
إن تفشّي هذا الفيروس لم يشارف بعد على الانتهاء، ولا يزال هناك الكثير من المعلومات التي يتوجب معرفتها بشأن الفيروس الجديد.
لماذا يثير هذا الفيروس حالة من القلق؟
ينتمي الفيروس الجديد لعائلة "متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد" (سارس)، التي أصابت الصين وستة وثلاثين دولة أخرى في الفترة من 2002 - 2003، ما أسفر عن وفاة 770 شخصًا حول العالم. كان تأثير تلك المتلازمة كبيرًا لدرجة أنها أضرّت باقتصاديات الصين ودول في جنوب شرق آسيا.
وتمامًا مثل "سارس"، من المتوقع أن يشهد "فيروس كورونا" معدلات طفور عالية؛ ما يعني أن بإمكانه أن يكتسب بسرعة قدرة على مقاومة الأدوية واللقاحات الجديدة. وأفادت تقارير أن أوجه التشابه بين الفيروس الجديد و "سارس" تبلغ 80%.
مع هذا، لا يبدو الفيروس الجديد بنفس خطورة فيروس "سارس"؛ فالأخير مُعْدٍ ومُهدّد للحياة بصورة كبيرة، فيما يبدو الفيروس الجديد أقل ضراوة، إذْ أفادت تقارير أن شخصًا واحدًا فقط توفي في مدينة "وهان" من بين واحد وأربعين شخصًا تأكدت إصابتهم بالفيروس في عموم الصين بحلول الحادي عشر من يناير.
وما من دليل واضح على قدرة الفيروس على الانتقال من شخص لآخر، غير أن السلطات الصحية المحلية لم تستبعد هذا الاحتمال. إن جميع الحالات المؤكدة في الصين حتى الآن مرتبطة بسوق حيوانات في مدينة "وهان". لقد أظهر المرضى أعراضًا شبيهة بالالتهاب الرئوي، من بينها الحمى، كما عانى البعض من صعوبة في التنفس.
ما التحديات التي تشكلها احتفالات العام القمري الجديد؟
لقد تفشّى هذا الفيروس قبل أسابيع فقط من بداية العام القمري الجديد في الخامس والعشرين من يناير، ومن منتصف يناير حتى منتصف فبراير، سيسافر ملايين الأشخاص عبر البلاد؛ ما قد يسهّل انتشار الأمراض المُعدية.
وبالرغم من الاعتقاد بأن خطر انتشار هذا الفيروس الجديد منخفض، نظرًا لكونه لا ينتقل من شخص لآخر كما هو متصور، تعاني الصين من تفشّي العديد من الأمراض المعدية التي يمكن أن تتفاقم بسبب الاحتفالات.
ويمكن لأزمة حمى الخنازير الأفريقية المدمرة أن تسوء، لا سيما مع إمكانية نشر المسافرين لهذا الفيروس، ومحاولة مورّدي لحوم الخنازير الصينيين زيادة مخزوناتهم قبيل العطلة.
علاوة على ذلك، وعلى مدار الشهرين الماضيين، أعلنت السلطات الصينية عن وجود عدد من الحالات المصابة بطاعون رئوي قاتل، وعن ثلاثمائة حالة مصابة بداء البروسيلات (brucellosis)، وهو مرض منقول عبر الحيوانات يتسبب في أعراض شبيهة بالأنفلونزا.
كيف تتعامل الحكومة الصينية مع الفيروس؟ وكيف تعاملت مع أزمات صحية سابقة؟
اتسم تعامل الحكومة الأوّلي مع فيروس "سارس" بالتستُّر وعدم اتخاذ أي إجراءات، لكن في هذه المرة تجاوبت الحكومة بشكل سريع نسبيًّا. وبعد وقت قليل من اكتشاف تفشّي الفيروس في ديسمبر، أطلق "المركز الصيني لمنع الأمراض والتحكم بها" تحقيقًا.
وطبّقت الحكومة إجراءات تشخيص وحجر صحي أولوية، وأغلقت سوق المنتجات الطازجة في الأول من يناير.
كما أجرت تحقيقات وبائية، شملت مراقبة الأشخاص المقرّبين من المرضى المصابين بالفيروس. وفي التاسع من يناير، تمكّن علماء صينيون من تحليل التسلسل الجيني للفيروس، واستحدثوا طريقة اختبار للتعرُّف عليه.
ومع ذلك، يخشى خبراء صحة دوليون من أن الحكومة لم تكن صريحة للغاية، وأشاروا إلى أنه لأسبوعين بعد تفشّي الفيروس، وفرت الحكومة معلومات قليلة؛ ما ساهم ربما في ارتفاع أعداد الحالات في هونغ كونغ.
ووسط تصاعد الضغوط من المجتمع العلمي الدولي، شاركت الصين في الثاني عشر من يناير التسلسل الجيني للفيروس، الذي سيكون مهمًا لبلدان أخرى لاستحداث أدوات لتشخيص الفيروس بصورة أسرع.
كيف كانت ردود فعل سكان "وهان" والصين حول تفشّي الفيروس؟
لم يجرِ سوى القليل من النقاش بشأن الفيروس على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، مع محاولة الحكومة لاحتكار نشر المعلومات المتعلقة بالمرض. وهدّدت الشرطة المحلية بحبس الذين ينشرون "معلومات مزيفة".
ونتيجة لذلك، لم يتلق الشعب الصيني المعلومات المناسبة، كما أن العلماء الدوليين غير متأكدين بشأن عدد الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس خارج مدينة "وهان".
ولم ينتهِ تفشّي الفيروس بعد، بالرغم من إعلان الحكومة عدم اكتشاف حالات جديدة منذ الثالث من يناير. إن المرأة التي سافرت من "وهان" إلى تايلاند في الثامن من يناير، كانت أول حالة مؤكدة للإصابة بفيروس "كورونا" في الخارج، بالرغم من أنها لم تزر السوق الذي رُبط بينه وبين الفيروس، وصرّحت منظمة الصحة العالمية أنه من الضروري للصين أن تواصل التحقيق، وأن تستعد دول أخرى لمواجهة هذا الفيروس.