يعيش العديد من قياديي حماس في الدوحة وقد استقبلت قطر خالد مشعل سنة 2012 بعد خلافاته مع الأسد وإقفال مكاتب حركته في دمشق. وعندما أُجبِر القيادي العسكري في حماس صلاح العاروري على مغادرة تركيا بعد التخطيط لخطف ثلاثة مراهقين إسرائيليين، توجّه أيضاً إلى قطر. الناطق باسم الحركة عزّت الرشق يدعو قطر موطنه. "نستطيع أن نستمرّ (بالتعداد)" يضيف الكاتبان.
قطر.. جهاز صرّاف لحماس
هافارد وشانزر وصفا قطر بأنها "جهاز الصرّاف الآلي" لحماس. سنة 2012، ذهب أمير الدولة السابق حمد بن خليفة آل ثاني إلى غزة وتعهّد بدفع 400 مليون دولار لحكومة حماس. وبعد حرب 2014 بين الحركة وإسرائيل، تعهّدت الدوحة بدفع مليار دولار على سنوات لتمويل إعادة إعمار غزّة، ويشرحان أنّ هذا الرقم هو أكبر من أي مبلغ قدّمته إلى أي دولة أخرى. وأشارا إلى تقارير تحدثت عن استخدام حماس هذه الأموال "لإعادة إعمار شبكة أنفاقها الإرهابيّة". وبحسب الكاتبين فقد تمّ دفع أقل من نصف هذا المبلغ.
"مستشار تسويقي" للحركة
في وقت أبكر من هذه السنة، أعلن هنيّة أن أمير قطر الجديد تميم بن حمد آل ثاني سيدفع 100 مليون دولار إلى قطاع غزة في سنة 2017 وحدها. وحين اندلعت مؤخراً أزمة شاملة مرتبطة بقطاع الطاقة، ممّا أطلق مظاهرات ضدّ حماس في غزة، تدخلت الدوحة وأعطت الحركة 12 مليون دولار لتأمين النفط. باختصار إنّ قطر هي "الراعي المالي والسياسي" للمجموعة كما يرى الباحثان اللذان شددا أيضاً على أنها أصبحت "المستشار التسويقي" لحماس. فبصماتها واضحة على محاولة التغيير السياسي في وثيقة حماس الأخيرة. ولفتا النظر إلى أنه يمكن توقع مزيد من إعادة التموضع للحركة خارج قطر في الأسابيع القادمة.
قطر تدعم الجولاني
عندما أعلنت النصرة "انشقاقها" عن القاعدة سنة 2016، فعلت ذلك بإلحاح من قطر التي وعدتها بزيادة الدعم المادي لها كما أفادت التقارير. وأضافا أن الأمر حصل بمباركة من قيادة القاعدة نفسها، ولم يأخذ الموضوع أكثر من تغيير الاسم وإعلان قادة النصرة أنهم لم يعودوا على "علاقة بأي حزب خارجي". وعندها، تولت قطر قيادة تسويق ما سمّي بالانشقاق وبثّت قناة الجزيرة مقابلتين مطولتين مع الجولاني، زعيم النصرة. وكشف للمرة الأولى عن وجهه للإعلام وتحدث مطوّلاً عن "استقلال واعتدال" النصرة تحت المسمى الجديد وهو جبهة فتح الشام. وطبعاً، لم يعلن تخليه عن ولائه للقاعدة أو رفض إيديولوجيتها. وبحسب تحليل الباحثين، بما أنّ قيادة القاعدة تعيد تموضعها في سوريا بشكل متزايد، يمكن لمجموعة الجولاني الجديدة العمل معها والادعاء بأنها ترفض التأثير "الخارجي"، فيؤمّن إجراء للتغطية لصالح قطر فيما تموّل مجموعته في سوريا.
طالبان و"الترف" القطري
حركة طالبان استفادت أيضاً من عمليات تبييض السجلات، إذ في عام 2013، حين قررت فتح أول "سفارة" لها، فعلت ذلك في قطر. لقد كان موقعاً مناسباً لأن العديد من قادة الحركة كانوا يعيشون هناك أساساً. وبعد اعتراض حكومة أفغانستان، أغلِقت السفارة "بالاسم فقط". وفي سنة 2015 سافر مسؤولون بارزون في طالبان للتفاوض حول عملية تبادل السجناء بين الجندي الأمريكي بو ببيرغدال وخمسة مسؤولين سيئي السمعة من طالبان كانوا يمضون عقوبتهم في سجن غوانتنامو. ويعيش هؤلاء اليوم "مترفين" (ولو كانوا محظورين من السفر) في الدوحة. وأكد الباحثان أنّ "الإرهابيين يتجوّلون بحرية في هذه الزاوية الصغيرة من الشرق الأوسط". أحياناً، تقوم الحكومة بمساعدتهم على الظهور بمظهر جديد، بينما تغضّ الطرف عن نشاطاتهم أحياناً أخرى.
جنون
كلّ هذا هو "صادم على ضوء واقع أننا لا زلنا ننظر إلى قطر كحليف". يأتي هذا الأمر، على الرغم من أنّ قلة على جانبي العلاقة الثنائية ستقول أنّ هذا التحالف صيغ على أساس وجود قيم مشتركة. هذه علاقة مقايضة قائمة على تقديم قطر قاعدة عديد الجوية للأمريكيين. إنّ "جنون" هذا الترتيب يلقي الضوء عليه واقع قرب القاعدة من الفندق نفسه التي أطلقت حماس وثيقتها السياسية الجديدة، و""على مرمى حجر من "لا سفارة" طالبان "". يختم الكاتبان بالإشارة إلى أنّ ما يجري حقاً هو أنّ قطر "ترعى الإرهابيين". لقد آن الأوان كما يكتبان كي تختار تلك الدولة "المراوِغة" الطرف الحقيقي الذي تودّ الاصطفاف بجانبه.