تقارير وتحليلات
تهدئة في الجنوب وآمال سلام هش في الشمال..
خبراء: الجنوب طرف مهم ودور إماراتي محتمل لحل أزمة اليمن
تناولت صحف غربية كبرى "الجمعة الخميس" إشارات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتين غريفيث خلال كلمته أمس لمجلس الأمن الدولي، بشأن اتفاق قريب بين الحوثيين والحكومة اليمنية من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، في حين حملت تحذيرات منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارك لوكوك إشارات مخيفة بشأن فرضية انتشار فيروس كورونا في اليمن، تزامنا مع قطع التمويل الخارجي وانخفاض تحويلات المغتربين واستمرار الصراع.
وتطرقت آراء محللين وخبراء بارزين بشكل أعمق إلى مستقبل عملية السلام في ضوء الصراع في شمال وجنوب اليمن. تتفق آراء حول أهمية الطرف الجنوبي في معادلة إنهاء الأزمة وإحلال السلام، وتوقع بعضها عودة دور إماراتي محتمل يساهم في إنجاح المساعي الأممية.
تفاؤل حذر
وكتبت الصحيفة الأمريكية "صوت أمريكا" تقريرا بعنوان "اليمن الذي مزقته الحرب .. الوقت ينفذ على فيروس كورونا"، أشارت فيه لحديث المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيثس في اجتماع افتراضي لمجلس الأمن أمس الخميس بأن "اليمن لا يمكن أن يواجه جبهتين في نفس الوقت: حرب وجائحة.. يمكننا القيام بما لا يقل عن وقف هذه الحرب وتحويل كل انتباهنا إلى هذا التهديد الجديد."
قال جريفيث إن كل من الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين يفهمون ذلك، وكذلك الممثلون الذين يدعمونهم.
وتضيف الصحيفة على لسان جريفيث "لا يمكن أن يكون هناك وقت أكثر ملاءمة للطرفين للالتزام بإسكات الأسلحة وإنهاء الصراع من خلال حل سياسي سلمي." وقال إنه يتوقع أن تقبل الأطراف رسمياً مقترحات بشأن وقف إطلاق النار، فضلاً عن الاتفاقات الإنسانية والاقتصادية في "المستقبل القريب".
وكان التحالف الذي تقوده السعودية والذي يدعم الحكومة اليمنية أعلن في 8 أبريل / نيسان، عن وقف إطلاق نار من جانب واحد لمدة أسبوعين. ولكن على الرغم من هذا الإعلان، استمر القتال في بعض المناطق.
قطع التمويل يهدد بكارثة
وتشير الصحيفة الأمريكية أيضا لتحذيرات "علماء الأوبئة من أن كوفيد-19 في اليمن يمكن أن ينتشر بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع وبنتائج مميتة أكثر من العديد من البلدان الأخرى". "بعبارة أخرى، الوقت ينفد". كما يقول مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.
يؤكد لوكوك "إن صندوق الأمم المتحدة الإنساني لليمن تلقى حوالي 800 مليون دولار فقط هذا العام - مقارنة بـ 2.6 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي. ونتيجة لذلك، سيبدأ إغلاق 31 برنامجًا من أصل 41 برنامجًا رئيسيًا للأمم المتحدة في الأسابيع القليلة المقبلة. وسيتعين علينا البدء في القضاء على العديد من الأنشطة التي قد تقدم أفضل فرصة لليمن لتجنب الفيروس التاجي كوفيد-19."
قال لوكوك إن منظمة الصحة العالمية تقدر أن 80٪ من الخدمات الصحية المقدمة من خلال برامج ممولة من الأمم المتحدة قد تتوقف في نهاية هذا الشهر. فضلا عن إيقاف برنامج التغذية، مما سيؤثر على 260 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد و2 مليون آخرين يعانون من سوء التغذية المعتدل.
ويضيف: "ستضعف أجهزة المناعة لدى هؤلاء الأطفال، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض كوفيد-19 وغيرها".
يعاني الاقتصاد اليمني من حالة من الانهيار منذ سنوات، وبالنسبة للعديد من العائلات، فإن تحويلات الأقارب في الخارج هي شبكة الأمان الوحيدة الخاصة بهم، حيث يتم تحويل أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا. وحتى هذه "التحويلات قد تنخفض بنسبة تصل إلى 70٪ في الأشهر المقبلة. وهذا يضعنا في منطقة مجهولة." بحسب لوكوك."
دولتين بدلا عن اتحادية
مقابل الدعوات الأممية أعلاه وفي ضوء المقترحات المتبادلة بشأن إنجاح وقف إطلاق النار "الهش" في اليمن، مع توسع سيطرة الحوثيين، يرى مراقبون يمنيون أن من شأن "إعادة تنشيط المملكة العربية السعودية والتحالف العربي لدعم الدفاع الجوي والمدفعي على الخطوط الأمامية وتجديد الدور العسكري الإماراتي، أن يحد توسع المتمردين الحوثيين."
ويعتبر الكاتب اليمني منير بن وابر في تحليل نشره الموقع الأمريكي " INTERNATIONAL POLICY DIGEST"، اليوم "أن الحوار الفعال بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين يمكن أن يحد من انتصارات الحوثيين أيضًا، بل ويصل إلى التوافق السياسي في اليمن."
ويرى المحلل اليمني أنه "في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً لأي محادثات سعودية حوثية، قد يلتزم الحوثيون بمطالبهم، التي تم الاتفاق على بعضها بالفعل في مؤتمر الحوار الوطني في 2013-2014. ولكن مع ضرورة إعادة النظر بموضوع تقسيم اليمن إلى ست ولايات اتحادية، حيث يطمح الحوثيون إلى ضم محافظتي حجة والجوف إلى منطقة أزال."
ويرى بن وابر أن طموح الحوثيين إلى ضم محافظة حجة إلى منطقتهم "للحصول على ميناء بحري، ويريدون أيضًا إضافة محافظة الجوف للاستفادة من الموارد الطبيعية المحتملة في المحافظة."
ويلمح الموقع الأمريكي إلى أن "الحوثيين سبق وأعربوا عن "رفضهم لفكرة المناطق الست عام 2015"، في الوقت الذي "أعربت بعض القوى الجنوبية أيضًا عن معارضتها، والتزمت باقتراح يقسم اليمن إلى منطقتين من شأنه إعادة حدود دولتي شمال وجنوب اليمن السابقتين".
يقول الكاتب أيضا أن قوى سياسية جنوبية تتفق مع نظرة الحوثيين هذه، بينهم "الحزب الاشتراكي اليمني".
دور إماراتي محتمل
وفي سياق الدور الإماراتي المحتمل الذي أشار له التقرير السابق، فقد أشار كذلك الباحث في الجامعة البريطانية فرناندو كارفخال قبل أمس الأربعاء أن أطراف – لم يسمها – تدفع لتأجيج الاقتتال في جنوب اليمن، بعد تولي السعودية ملف قيادة التحالف عقب انسحاب القوات الإماراتية.
وفي حين انتقد بشكل ضمني غياب المجلس من بيان الأمين العام للأمم المتحدة مارتين غريفيث وجهوده الأولية لوقف إطلاق النار، أشار إلى أن تصاعد الصراع في الجنوب "قد يدفع المملكة العربية السعودية للتواصل مع الإمارات العربية المتحدة لممارسة المزيد من الضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي."
ويرى الباحث في تقرير نشره الموقع الأمريكي "فير اوبزرفر"أن الإمارات بلا شك ستعيد توظيف شروطها وقائمة مطالب هادي فيما يتعلق بدور حزب الإصلاح داخل حكومته والجيش، ولكن في ظل الظروف المناسبة، يمكن أن تلعب أيضا دورًا إيجابيًا في التواصل مع كل من الحوثيين وإيران للدفع من أجل بدء محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة."
جهود سلام في الجنوب
مركز رصد التهديدات الأمنية الأمريكي "threats critical" أشار أمس الخميس لمساعي جهود لجنة التهدئة والتواصل في جنوب اليمن، والتي أثمرت اتفاقات مبدأية، قد تقطع الطريق أمام أي محاولة لتصعيد الأزمة هناك.
ونقل المركز عن تقارير إعلامية تأكيدها أن "القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية وقوات المجلس السياسي الانتقالي الجنوبي اتفقت على تشكيل إدارة أمنية مشتركة لمحافظة أبين في جنوب اليمن في 14 أبريل / نيسان."
وأضاف "توصل محافظ أبين وكبار المسؤولين العسكريين من الجانبين والشخصيات القبلية إلى هذا الاتفاق تحت إشراف سعودي لإنهاء التوترات في محافظة أبين، بحسب مصدر عسكري في حكومة هادي. ولم يعلق التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات حتى الآن على هذا الاتفاق."
- المصدر| سوث24