تقارير وتحليلات

ينظر الجنوبيون الى الإخوان كجماعة (عدوانية)..

تحليل: كيف ستواجه المملكة العربية السعودية خطر إخوان اليمن؟

الرئيس عبدربه منصور هادي يتوسط قيادات عسكرية إخوانية في مأرب

الرياض

نجحت الإمارات، ربما أخيرا، في إقناع شقيقتها الكبرى (السعودية) بأنه قد حان الوقت لبدء معركة اجتثاث الإرهاب، الذي يمثله سياسيا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

أدركت السعودية أن التحالفات المرحلية لن تجني إلا المزيد من إضاعة الوقت، ولن تحقق الأمن والاستقرار، أو على الأقل أي نصر على الأرض، خاصة في الجبهة اليمنية، حيث تقود الرياض هناك تحالفا لدعم الشرعية ومحاربة القوى المرتبطة بإيران.

 حوارات طويلة خاضتها أبوظبي مع الرياض، قدمت خلالها الأولى العديد من الوثائق التي تثبت تورط جماعة الإخوان في العديد من القضايا الإرهابية، ما دفع الرياض إلى إعادة النظر في مسألة ترتيب الأوراق في المنطقة من جديد، وإن كان على حساب التحالف العربي، وإزاحة عضو فيه.

صنفت السعودية ودول خليجية أخرى في العام 2014م، الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، شمل أيضا جماعة الإخوان في اليمن، إلا أن ظروف الحرب التي أتت نتيجة انقلاب القوى المتحالفة مع إيران على شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، المعترف به دوليا، فرضت على  الرياض أن تتعامل مع مقاومة يمنية- (ركب الإخوان موجتها) لتحقيق غاياتهم- بشكل متساوٍ ، بعيدا عن أي حسابات أخرى.

 لكن الرياض عدت تلك التحالفات مرحلية، وبعد إنهاء الانقلاب وقطع يد إيران من اليمن، لن تكون هناك أي قوة تهدد أمن واستقرار السعودية.

اتفقت الرياض وأبوظبي على محاربة الجماعات الإرهابية التي يشكل تنظيم الإخوان الغطاء السياسي لها، وأبرز داعمي هذه التنظيمات الدولة الخليجية الصغيرة (قطر)، الأمر الذي كشف التقارب السعودي الإماراتي قبيل قمة الرياض التي حضرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما دفع الدوحة إلى استباق أي موقف سعودي إماراتي من حلفائها (جماعة الإخوان)، لتسارع إلى رسم موقف قطري عدائي، إثر تصريحات الأمير تميم بن حمد التي كشفت مناهضة نظامه للإجماع العربي والخليجي على وجه الخصوص.

على إثر هذا الموقف القطري، هدأت المواجهات المسلحة في اليمن، بين القوات الموالية للرئيس الشرعي هادي، والانقلابيين الموالين لإيران في جبهات الشمال، التي تثار حولها شكوك منذ أكثر من عامين، خاصة في ظل فشل القوات التي يقودها الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر في إحراز أي تقدم ضد حلفاء إيران، لكن حربا إعلامية بدت أكثر سخونة بعد أن كشفت دولة قطر عن عدائها لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي تعد الدوحة أحد أعضائه.

الهدوء العسكري في جبهات الإخوان، أكد للمملكة حجم التغلغل القطري في اليمن، ما أثار الكثير من المخاوف، من مغبة أن تسلم مأرب للانقلابيين لتهديد أمن واستقرار السعودية مرة أخرى.

وعلى خلفية ذلك الهدوء، سربت وثائق تؤكد أن قيادات إخوانية في مأرب تزود الانقلابيين بالأسلحة والمشتقات النفطية، وهو ما جعل الكثير من القوى الإقليمية واليمنية تعيد ترتيب أوراقها، أبرزها الطرف الجنوبي، الفاعل القوي في الحرب ضد تحالف إيران، الذي واجه التحركات القطرية منذ وقت مبكر.

ويبدو أن إسقاط طائرة سعودية (كانت في مهمة في مأرب اليمنية الخاضعة عسكريا لسيطرة الإخوان المسلمين الموالين للحكومة الشرعية)، في الـ18 من أبريل (نيسان)  الماضي، ومقتل قيادات عسكرية سعودية رفيعة، هو من كشف حقيقة الدور القطري المشبوه داخل التحالف العربي، ورغم محاولة السعودية التكتم على الحادثة الأليمة، إلا انها أعلنت تشكيل لجنة تحقيق في الواقعة، لم تعلن نتائجها إلى اليوم.

وشن ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات حادة للدوحة عقب يوم من تلك الواقعة.

وذهبت وسائل إعلام تمولها الرياض الى التلميح بوقوف قطر وراء حادثة اسقاط الطائرة، لكن الموقف الرسمي السعودي التزم الصمت.

 ارادت الدوحة من خلال جماعة الإخوان في مأرب ابتزاز التحالف العربي، واشترطت ايجاد موطئ قدم لها في الجنوب، وعدن تحديدا.

أعلنت قطر اعتزامها تقديم دعم مالي وعسكري للقوات الأمنية في عدن، عبر وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب، لكن ذلك الدعم لم يصل للأجهزة الأمنية في عدن.

 ذهبت قطر الى تقديم وعود أخرى بمعالجة مشكلة انقطاعات الكهرباء في عدن، وربما كانت الدوحة تريد من هذا الدعم تمكين حلفائها (الإخوان)، من السيطرة على الجنوب، من خلال هذه الملف (الخدمات)، لكن الرفض الشعبي العارم لجماعة الإخوان وادراك المجتمع في عدن، جعل الدوحة تتراجع عن الوفاء بتلك الوعود.

ينظر الجنوبيون الى جماعة الإخوان بانها جماعة (عدوانية) مثلها مثل الحوثيين واتباع المعزول صالح، فالإخوان وان اعلنوا مناصرتهم للشرعية، الا ان وقوفهم الى جانب صالح في حرب العدوان الأولى على الجنوب صيف 94م، واصدارهم فتوى دينية تكفيرية (أحلت دماء وأموال الجنوبيين)، جعل مسألة ايجاد تحالفات بين الإخوان والجنوبيين مستحيلة، خاصة في ظل استمرار الحملة الإعلامية ضد الحركة الجنوبية التي تطالب باستعادة الدولة الجنوبية السابقة، والتي تمولها الدوحة.

حاولت قطر بشتى الوسائل البحث عن تحقيق مكاسب في الجنوب، ونجحت الى حد كبير في الضغط على الحكومة الشرعية (المخترقة من الإخوان)، وهو ما انعكس بعد ذلك في تنفيذ حكومة الرئيس هادي لمطالب قطر بإقالة محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، لكن ردة فعل الجنوبيين كانت غير متوقعة، بالنسبة للدوحة، فقد انتفض الجنوبيون رافضين تلك القرارات، وعدوها استهدافا مباشرا للقيادات الجنوبية.

وكانت تلك المساعي تظهر التوجه اليمني الشمالي (الذي تقف خلفه الدوحة)، لتمكين الإخوان من السيطرة على الجنوب، الأمر الذي يرفضه الجنوبيون، الذين يعدون الإخوان طرفا اساسيا في حرب العدوان الأولى التي شنها تحالف صالح والإخوان المسلمين، والجهاديين العائدين من افغانستان.

كانت قطر تراهن على ان التظاهرات الرافضة لقرارات عزل قيادات الجنوب، ستذوب وتختفي وتكون قرارات هادي أمرا واقعا، لكن الـ4 من مايو كان يوما مختلفا تماما، اذ خرج الجنوبيون في تظاهرة مليونية انتهت بتفويض اللواء عيدروس الزبيدي لتشكيل مجلس انتقالي لحكم الجنوب، الامر الذي اصاب الإخوان وقطر بخيبة أمل، ما دفع الأخيرة الى التنصل عن الوعود التي كانت قطعتها على نفسها لحكومة بن دغر بتقديم دعم لكهرباء عدن، من خلال توفير محطة كهربائية بقوة 60 ميجا، كان من المزمع دخولها الخدمة يوم الـ10 من مايو الماضي، الا ان الدوحة علمت بنية الجنوبيين اعلان مجلس انتقالي بقيادة محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، فتنصلت عن وعودها.

 موقف الجنوبيين الرافض للإخوان شكل صخرة صلبة، تحطمت عليها آمال قطر، ما دفعها إلى التنصل عن الوفاء بوعودها للحكومة اليمنية التي قطعتها مقابل قرار إقالة عيدروس الزبيدي محافظ العاصمة عدن، الأمر الذي يعزز  موقف السعودية في الاتجاه صوب خلق تحالف قوي معهم.

لا شك ان الموقف (الخليجي والعربي) الشجاع، والمتمثل في قطع العلاقة مع قطر، سوف يدفع الأخيرة إلى محاولة خلق تهديدات على الحدود السعودية اليمنية، خاصة وان جماعة الإخوان في اليمن (جناح الصقور)، أعلنت موقفا داعما للدوحة ومناهضا للسعودية، وعليه فإن السلاح الضخم الذي قدمته المملكة للقوات الموالية للشرعية في مأرب، قد يصبح مصدر قلق لها.

بات (الإخوان) إثر الدعم السعودي يمتلكون جيشا جرارا قوامه (120 الفا من المقاتلين)، وبترسانة أسلحة ضخمة قد تشكل تهديدا على أمن المملكة، خاصة في ظل التقارب الإيراني القطري وارتماء نظام الدوحة في حضن إيران لمواجهة جيرانه في الخليج، وانعكاس ذلك في موقف إخوان اليمن الذين يمتلكون جيشا كبيرا في مأرب، رفضوا الدفع به لتحرير صنعاء، او على الاقل تحرير بلدة صرواح التي يحتلها الحوثيون منذ العام 2015م.

قد تحتاج السعودية إلى عاصفة حزم أخرى لتدمير ترسانة الاسلحة التي قدمتها للقوات اليمنية وسيطر عليها الإخوان في مأرب، لكن هناك وسائل ربما هي أقل كلفة واجدى لمواجهة خطر الإخوان وقطر.

اثبتت الحرب التي خاضها اليمنيون ضد الحوثيين وقوات المخلوع صالح، ان الجنوبيين هم الحلفاء الحقيقيون لدول الخليج، حيث ان الوقائع على الارض تؤكد ان الانتصارات التي تحققت في الجنوب وحتى في جبهات الشمال حققها مقاتلون جنوبيون، الامر الذي يحتم على الرياض الاتجاه صوب خلق تحالفات قوية مع الجنوبيين.

واعتقد ان اولى الخطوات لذلك تتمثل في دعم عدالة القضية الجنوبية والاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، كممثل شرعي في اي محفل دولي لتمثيل قضية الجنوب.

الجنوب كهوية جيوسياسية يمثل عمقا استراتيجيا لدول الخليج، وقد اثبتت الحرب الأخيرة، رغبة الجنوبيين في ايجاد تحالفات قوية مع الجيران، واثبت الجنوب قدرته على محاربة المد الفارسي والجماعات الإرهابية.

في حين أن القوى السياسية والعسكرية والقبلية في شمال اليمن، اثبتت انها لا يمكن أن تكون ذلك الحليف الذي تعتمد عليه الرياض على المدى القريب والبعيد، خاصة وان الشمال واقع تحت سيطرة آلة اعلامية خبيثة تدار من طهران، تروج بان التحالف العربي الذي اتى لإنقاذ اليمن والمنطقة (عدوان).

ذلك ما ادركته الرياض أخيرا، وبدأت المملكة عمليا تتخلى شيئا فشيئا، عمن كانت تعدهم حلفاء لها في الحرب ضد حلف ايران، وعمدت إلى تصنيف قادة الفرع الإخواني في اليمن كإرهابيين، ناهيك عن التناول الاعلامي الذي صنف الإخوان كأحد ابرز القوى المتطرقة المدعومة من قطر.

إذن، لم يعد امام الرياض سوى الاتجاه جنوبا، والبدء عمليا بالانتصار للجنوبيين الذين تعرضوا للظلم من قبل النظام اليمني و(القوى الحوثية والإخوانية)، والتعاطي ايجابا مع الانتصارات التي حققتها القوات الجنوبية، وتحريرها المدن التي كان الانقلابيون قد اسقطوها قبل عاصفة الحزم في مارس (اذار) 2015م.

*تحليل خاص بـ"اليوم الثامن". 

معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟


بعد أبراهيم رئيسي: كيف ستؤثر صحة خامنئي على المشهد السياسي الإيراني؟