تقارير وتحليلات

عبدالمجيد الزنداني وهجمات (11) سبتمبر (أيلول)..

تحليل: الإخوان والحوثيون.. كيف يتم إعادة صناعة التطرف في اليمن؟

عبدالمجيد الزنداني المطلوب الأبرز على قوائم الإرهاب الامريكية يصف بالاب الروحي لأسامة بن لادن - أرشي

عدن

"عبدالمجيد الزنداني"، رجل الدين المتطرف ومجند الأفغان العرب، الشخصية الدينية المثيرة للجدل بفتاوى التكفير وتجنيد الانتحاريين في جامعة الإيمان، صفات عديدة لرئيس شورى الاخوان في اليمن، والذي أصبح خارج البلد لأول مرة بعد ان منع عليه السفر وذلك في اعقاب ادراج اسمه على قوائم الإرهاب من قبل الخزانة الأمريكية في العام 2005م.

وعبدالمجيد الزنداني هو رجل دين زيدي، لكن يعد ابرز الزعماء الدينيين، لتنظيم الإخوان (نهج سني)، وكان يدير جامعة الإيمان التي تخرج منها انتحاريون بعضهم نفذ هجمات إرهابية في دول أوروبية وأخرون في صنعاء العاصمة، ودائما ما يكون الزنداني أقرب الى التحريض على أي مشكلة تحدث في الجنوب، الا ان الانقلاب الحوثي على سلطات البلد الشرعية لم يحرك ساكناً، وهو ما دفع الحوثيين الى السماح له بمغادرة اليمن الى السعودية التي ظل فيها اشبه بالإقامة الجبرية، قبل ان يغادر قبل أشهر صوب مدينة اسطنبول التركية.

في مطلع العام 2015م، قتل 40 جندياً وأصيب 71 آخرين، من أفراد الشرطة المتقدمين للالتحاق بالكلية، في هجمات إرهابية، قالت وزارة الداخلية وشرطة صنعاء حينها إن الانتحاري درس في جامعة الإيمان، التي يتزعمها الزنداني.

عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول)، تعرضت مساجد في صنعاء لهجمات إرهابية أعلن تنظيم داعش (المفترض) مسؤوليته عن الهجمات التي أودت بحياة العشرات بدعوى انهم "شيعة"، لكن هذه الهجمات التي ضربت صنعاء، اتخذها الحوثيون ذريعة لشن حربا عدوانية على الجنوب الذي كان هو الأخر يعرض لهجمات إرهابية واغتيالات تستهدف كوادره الأمنية.

كان الحوثيون يقرون بتعرض الجنوب "للظلم سياسيا واجتماعياً"، بفعل حرب سبعة يوليو (تموز) 1994م، لكنهم كانوا يبحثون عن مبرر لاجتياح عدن، فكانت الذريعة "محاربة الدواعش"، لكن تنظيم داعش المفترض توقف تماما عن شن أي هجمات ضد الحوثيين الموالين لإيران، بمجرد التوجه صوب الجنوب في أواخر مارس (اذار) 2015م، أي قبل ثلاثة أيام من انطلاق التحالف العربي لدعم حكومة هادي.

وداعش هو تنظيم يدعي انها مناهض لتنظيم القاعدة، لكن القاعدة في اليمن كتنظيم متطرف وجد في مطلع تسعينات القرن الماضي، وتحديدا مع عودة ما عرف بالأفغان العرب، كان عبدالمجيد الزنداني أبرز المجاهدين العرب الذين كانت تربطهم علاقة وثيقة بزعيم القاعدة أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري.

يؤكد الأمير السابق في تنظيم القاعدة المصري "أبو نعيم"، ان علي عبدالله صالح (الرئيس الراحل)، اتفق مع أسامة بن لادن على محاربة الجنوب واجتياح عدن، بدعوى انهم ماركسيون، (صالح) ذاته أقر بتحالفه مع الاخوان وتنظيم القاعدة لقتال الحزب الاشتراكي اليمني المحسوب على الجنوب.

ويتهم الاشتراكيون حزب الإصلاح بالقضاء على الحزب، ويحملون التنظيم الإخواني مسؤولية اغتيال نحو 200 من قيادات وكوادر الحزب، أبرزهم أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني جارالله عمر، الذي اغتيل في المؤتمر الثالث لحزب التجمع اليمني للإصلاح في 2002، إثناء إلقاء كلمة للحزب الاشتراكي اليمني، وطالب فيها بإصدار قانون لمنع حمل السلاح والتجارة فيه".

 

لعب الزنداني دورا كبيرا في جعل تنظيم القاعدة في اليمن، اشد الفروع تطرفا في الجزيرة العربية، حتى ان الولايات المتحدة الأمريكية وضعته على قوائم الإرهاب وطالبت نظام صالح بتسليمه، الا انه رفض تسليمه ونصحه بعدم السفر خارج اليمن.

ويعتقد ان الزنداني على علاقة وثيقة بالهجمات الإرهابية التي ضربت برجي التجارة الأمريكية في العام 2001م، وذلك من خلال علاقته بمدبر الهجوم رمزي ابن الشيبة.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ذكرت حينها أن هناك 95 معتقلاً يمنياً محتجزون في جوانتنامو، بالإضافة إلى 2 من المتورطين في هجمات 11 سبتمبر، وهما رمزي محمد الشيبة، ومخطط عمليات تنظيم القاعدة وليد بن عتاش".

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في فبراير(شباط) 2004م أنها أضافت اسم عبد المجيد الزنداني إلى قائمة المشتبهين في دعم الأنشطة الإرهابية ووصفته بأنه من الموالين لأسامة بن لادن..

 

وقالت الوزارة أن الزنداني له تاريخ طويل في العمل مع بن لادن، ويعد أحد زعمائه الروحيين ونشط في تجنيد أنصار لتنظيم «القاعدة» الدولي للتدريب في معسكراتها، كما لعب دورا في شراء أسلحة للمنظمة ومنظمات أخرى إرهابية.

وقالت الولايات المتحدة أنها ستطلب من الأمم المتحدة إضافة اسم الشيخ الزنداني إلى القائمة الدولية لداعمي الإرهاب.

الا ان "صالح"، كسر هذا الحظر واصطحب الزنداني في زيارة الى السعودية لحضور قمة اسلامية، وفي الـ24 من فبراير (شباط) العام 2006م، طالبت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا نظام الجمهورية اليمنية، باعتقال عبدالمجيد الزنداني والحجز على أمواله".

وكشفت وزارة الدفاع  عن رسالة تلقاها الرئيس علي عبدالله صالح من الرئيس الأميركي جورج بوش تضمنت احتجاجاً رسمياً حول اصطحاب صالح للشيخ عبد المجيد الزنداني إلى مكة المكرمة ضمن الوفد اليمني إلى قمة المؤتمر الإسلامي التي عقدت في مكة نهاية العام الماضي".

وقالت ان الرسالة اشارت إلى أن الشيخ الزنداني مدرج اسمه في قائمة الأمم المتحدة للأشخاص المتهمين بتمويل الإرهاب وممنوع من السفر للخارج وأن اصطحابه ضمن وفد رسمي يمثل مخالفة لقرار الأمم المتحدة".

وفشلت الولايات المتحدة الأمريكية في الوصول الى الزنداني او القيادي الأخر في تنظيم الإخوان عبدالله صعتر، وهما متورطان في تجنيد انتحاريين نفذوا عمليات إرهابية بعضها استهدف المصالح الأمريكية.

وظل الزنداني في اليمن، الا ان الاجتياح الحوثي لصنعاء، سهل عليه مهمة المغادرة الى السعودية التي ظل فيها لستة أعوام، حتى خرج اتباعه للحديث انه تحت الإقامة الجبرية، وعقبها سمحت له الرياض بالخروج الى مدينة إسطنبول التركية، حيث يدير نجل استثماراته.

ويمثل خروج الزنداني من اليمن والسعودية الى تركيا، خطورة كبيرة في كونه يعد الاب الروحي لتنظيم القاعدة، والذي ساهم من خلال علاقته بالنظام في الافراج عن قيادات بارزة في تنظيم القاعدة، ودعا للحوار معهم على اعتبار انهم يمثلون الشريعة الإسلامية.

وصعد تنظيم القاعدة في جنوب اليمن من هجماته بالتزامن مع خروج الزنداني الى تركيا، كما قام الحوثيون بالأفراج عن قيادات في التنظيم كانوا معتقلين في سجن الأمن السياسي بالتزامن مع اجتياح ميليشيات الاخوان لمحافظة شبوة في أغسطس (آب) 2019م، كما ابروا صفقة تبادل في محافظة البيضاء، أفرجت على إثره القاعدة عن عناصر حوثية مقابل الافراج عن قيادات في تنظيم القاعدة بعضهم مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً.

وعلى الرغم من الانهيار للمنظومة الحكومية الا ان الولايات المتحدة الأمريكية استمرت في حربها ضد اهداف القاعدة، حتى نجت في قتل أمير التنظيم في الجزيرة العربية "قاسم الريمي"، الذي خلف الأمير السابق أنور العولقي، وكليهما قتلا في غارات أمريكية بمأرب التي تعد المعقل الرئيس لإخوان اليمن، كما أن مسؤولا عسكريا رفيعا هو قائد المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب "اللواء الشدادي" قتل هو الأخر في هجوم غامض، لكن هناك معلومات ترجح انه قتل في غارة أمريكية استهدفت اجتماعا يضم قيادات من تنظيم القاعدة الإرهابي.

ومثلت محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين ومأرب المعقل الرئيس للإخوان "ملاذآت أمنة"، لتنظيم القاعدة عقب طرده من ساحل حضرموت وشبوة وأبين في العامين 2016 و2017م، عقب معركة واسعة أشرفت عليها القوات المسلحة الإماراتية الشريك الفاعل في التحالف العربي.

وعاد تنظيم القاعدة للمشاركة في حرب اجتياح شبوة في أغسطس (آب) 2019م، قبل ان ينفذ عمليات إرهابية واسعة ضد قوات النخبة في شبوة والحزام الأمني في أبين، وهي عمليات انتقامية تنوعت بين التفجيرات الإرهابية والاغتيالات والاختطافات.

وتعد محافظة البيضاء حاليا، نقطة انطلاق لتنظيم القاعدة صوب الجنوب، لكن هذا التنظيم لم يخض أي حرب حقيقية ضد الحوثيين الذين يسيطرون على البيضاء منذ العام 2014م.

لقد توقفت الحرب تماما ضد تنظيم القاعدة، السعودية التي تقود تحالفا إسلاميا لمحاربة الإرهاب، يبدو انها ليست جادة في إعادة تفعيل ملف مكافحة الإرهاب، كما ان الإدارة الأمريكية الجديدة هي الأخرى، ترغب في وضع نهاية وشيكة لحرب اليمن، قبل التفكير في إعادة تفعيل ملف مكافحة الإرهاب.

لكن الإرهاب والتطرف بات سمة سائدة في اليمن، فجميع الأطراف اليمنية لها نزعة طائفية ودينية، ترى ان الدفاع عن ما يسمى بالوحدة اليمنية، يمثل لها بالنسبة استراتيجية مهمة، وما يعزز من نفوذ هذه الأطراف، قضية الافراج عن زعيم القاعدة الجديد خالد باطرفي وهو سعودي الجنسية، أعلنت الأمم المتحدة انه تم القبض عليه في محافظة المهرة، لكن سرعان ما ظهر في تسجيل مرئي يتحدث إلى التنظيم، مؤكدا ان حرب التنظيم باتت في الجنوب، فيما يمهد الاخوان والحوثيين "سياسياً" للتنظيم المتطرف بان مدن جنوبية من بينها أرخبيل سقطرى، باتت وجه للسياحة الإسرائيلية، وهو الخطاب الذي تعتقد هذه الأطراف ان بالإمكان من خلال إعادة تجنيد الكثير من الشباب ضمن تنظيم القاعدة بعد ان يتم تصوير الحرب على انها حرب ضد اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وهو الشعار الذي استخدمه الحوثيون في حربهم الحالية على الجنوب.

الخطاب السياسي اليمني المتطرف تجاه الجنوب، ليس الوحيد الذي يتم من خلاله الحشد لحرب ترى القوى اليمنية في صنعاء "انها الأخيرة"، فانتشار المدارس الدينية "مجهولة التمويل"، في الضالع ولحج وأبين وضواحي عدن، وتدفق المرتزقة من القرن الأفريقي، كلها مؤشرات على ان المستقبل القريب لا يبشر بالاستقرار، وما يضاعف المخاوف "حالة الضعف والهوان الذي وصلت له السعودية في استراتيجية الحرب ضد الحوثيين، فالرياض لم تعد قادرة على حلفائها في توجيه الحرب ضد الحوثيين، وسار إعلامها خلف الشائعات التي يبثها اعلام ومنصات اخوان اليمن، الأمر الذي يؤكد ان استراتيجية هزيمة الحوثيين لم تعد موجودة، وان الحرب القادمة سنحصر في الجنوب، (الصراع على الثروة)، وسيكون تنظيم "القاعدة" عصا الإخوان والحوثيين الغليظة في مواجهة القوات المسلحة الجنوبية، ما لم تكن هناك خيارات اقليمية أخرى تحول دون تحقيق هذا السيناريو.

 

 

 

معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟


بعد أبراهيم رئيسي: كيف ستؤثر صحة خامنئي على المشهد السياسي الإيراني؟