تقارير وتحليلات
تحولات الشرعية تمهد لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض..
مراقبون: عودة المجلس الرئاسي يشكل فارقا كبيرا في مسار الملف اليمني
اعتبر مراقبون سياسيون أن عودة مجلس القيادة الرئاسي وبقية مؤسسات “الشرعية” اليمنية إلى الداخل ستشكل فارقا كبيرا في مسار الملف اليمني وستقوّي موقف المعسكر المناوئ للحوثيين سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وهو ما سيفتح الطريق أمام استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
ولفت المراقبون إلى وجود جملة من التحديات التي ستعترض طريق مجلس القيادة الرئاسي الذي أدّى اليمين الدستورية، الثلاثاء، في العاصمة المؤقتة عدن، في ظل إجراءات أمنية مشددة وحضور دبلوماسي إقليمي ودولي عالي المستوى، ومن بينها تثبيت الوضع الأمني والحد من الاختراقات الحوثية والحفاظ على حالة الانسجام والتجانس بين كافة المكونات والقوى المشاركة في المجلس الرئاسي.
ونوّه محللون سياسيون بأن توحيد مؤسستي الأمن والجيش في الحكومة اليمنية وفقا لما أشار إليه رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في كلمته عقب أداء اليمين الدستورية سيكون أحد أبرز التحديات التي ستواجه عمل المجلس بالنظر إلى تعقيدات هذا الملف في أوقات سابقة.
وتؤكد مصادر أن استكمال تنفيذ “اتفاق الرياض” الموقّع في العام 2019 بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي سيكون إحدى أولويات المرحلة القادمة وفقا لما نصت عليه مخرجات مشاورات الرياض التي رعاها مجلس التعاون الخليجي.
وحول إمكانية استكمال اتفاق الرياض بعد مخرجات مشاورات الرياض، قال الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إن “مشاورات الرياض ليست نقيضاً لاتفاق الرياض بل على العكس هي جاءت لإزالة معيقات تنفيذ اتفاق الرياض وبالتحديد مشكلة مؤسسة الرئاسة التي لم تعطل اتفاق الرياض فحسب بل وقفت بالمرصاد لكل جهود التوافق بين القوى السياسية”.
وأكد بكران أن “ما تبقى من اتفاق الرياض أصبح ممكن التنفيذ وبأفق أكثر اتساعاً يتصل بقدرة مجلس القيادة على الحفاظ وتنمية أعلى قدر من التوافق والانسجام”.
وقالت المصادر إن تنفيذ الشقين العسكري والأمني من الاتفاق سيكون أكثر سهولة بالنظر إلى التحولات في بنية الشرعية وتحجيم الأطراف التي كانت تعمل على عرقلة الاتفاق وتنشط في اتجاه استمرار التوتر السياسي والعسكري والإعلامي بين المجلس الانتقالي والحكومة.
ولفتت المصادر إلى أن خروج نائب الرئيس اليمني المقال علي محسن الأحمر من منصبه وخسارة ناصر منصور هادي ابن الرئيس السابق لنفوذه في الشرعية سيسهمان في حل الكثير من المعضلات التي كانت تعطل استكمال الاتفاق نظرا إلى دورها الرئيسي في تأزيم المشهد واندلاع المواجهات العسكرية التي شهدتها محافظة أبين خلال عامي 2018 و2019.
وتوقعت المصادر أن يتم حل أبرز نقاط الخلاف المتعلقة بالشقين العسكري والأمني في اتفاق الرياض في المرحلة المقبلة عبر قرارات توافقية سيصدرها مجلس القيادة الرئاسي وتتعلق بإعادة ترتيب المشهد اليمني ومعالجة الاختلالات في مؤسسات الشرعية الأمنية والعسكرية على وجه التحديد.
كما توقعت إعادة نشر قوات الجيش الحكومي بما يخدم أهداف المرحلة القادمة على الصعيدين السياسي والعسكري وفي مقدمة ذلك نقل القوات إلى مناطق التماس مع الميليشيات الحوثية بما في ذلك القوات الضاربة المتمركزة في شمال حضرموت والتي كان نائب الرئيس المعزول يعمل على إعاقة نقلها إلى جبهات المواجهات مع الحوثيين، وكذلك القوات المتمركزة في محافظتي أبين وشبوة التي كان جزء منها يتبع الإخوان والجزء الآخر يأتمر بأوامر ابن الرئيس السابق الذي كان يتولى قيادة ما تسمى “قوات الحماية الرئاسية”.
وحول آفاق استكمال تنفيذ اتفاق الرياض الذي يراه البعض حجر الزاوية في التحولات التي شهدها معسكر الشرعية في الآونة الأخيرة، قال الباحث السياسي ومدير المرصد الإعلامي اليمني رماح الجبري إن “إنشاء مجلس القيادة الرئاسي كممثل للشرعية اليمنية والقوى الوطنية بما فيها المجلس الانتقالي يجعلنا أمام طرف واحد لا طرفين كما كان الوضع بعد اتفاق الرياض”.
ولفت الجبري إلى أن “مجلس القيادة الرئاسي هو اليوم صاحب القرار في المحافظات المحررة بما فيها العاصمة المؤقتة عدن وهو ما يحتم عليه إصلاح الاختلالات الأمنية والعسكرية سواء باستكمال بنود تنفيذ اتفاق الرياض أو تجاوزها إلى ما هو أبعد من ذلك لما تقتضيه المصلحة الوطنية وتسهم في إنجاح عمل المجلس”.
وتابع “بلا شك أن عدن تعيش اليوم حالة من التوافق بعد أن تراجع المجلس الانتقالي خطوة إلى الوراء وفيما يبدو أنه جمّد بعض مطالبه وشارك في مجلس القيادة الرئاسي مقدما أولوية دحر الميليشيا الحوثية وهزيمة مشروع إيران في اليمن على مشروعه الخاص المطالب بالانفصال وهو موقف وطني يدعم المعركة الوطنية ضد الميليشيا الحوثية ويقدر المصالح الإقليمية”.
وأشار الجبري إلى أن مخرجات المشاورات اليمنية – اليمنية في الرياض أكدت على استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وهو ما قد يتطلب وفقا للمعطيات الجديدة إجراء تعديل وزاري في الحكومة بما في ذلك وزارتا الدفاع والداخلية، بما يتناسب مع التوافق الوطني ويسهم في عملية توحيد القوة العسكرية والأمنية وتصويبها تجاه المعركة ضد الميليشيا الحوثية.
وأضاف “أصبح الأهم في اتفاق الرياض ليس إخراج القوات العسكرية إلى خارج مدينة عدن إنما توجيه هذه القوات إلى جبهات القتال في مختلف المحافظات لفرض واقع جديد يجبر الميليشيا الحوثية على إنهاء الحرب وتحقيق السلام”.