تحليلات
"العبرة بالنتائج لا بالبيانات"..
مكافحة الإرهاب والتعافي من كورونا.. أبرز تحديات القمة الأمريكية الأفريقية
أفريقيا محبطة من التزامات الولايات المتحدة تجاه القارة.
تستضيف واشنطن اليوم الثلاثاء زعماء القارة الأفريقية لحضور قمة تركز على جملة من القضايا العالمية، تهدف إدارة الرئيس جو بايدن من خلالها أيضا إلى تضييق فجوة الثقة التي وسعها إحباط القارة السمراء من السياسات الأميركية.
وفي معرض قراءتها للأهداف التي يتطلع الرئيس بايدن إلى تحقيقها من خلال القمة، قالت وكالة أسوشيتد برس إن الإدارة الأميركية تهدف إلى “تضييق فجوة الثقة مع أفريقيا، التي اتسعت على مدى سنوات بسبب حالة الإحباط من التزام الولايات المتحدة تجاه القارة”.
وأضافت نقلا عن البيت الأبيض أن الرئيس بايدن سيستغل القمة الأفريقية - الأميركية التي تبدأ الثلاثاء وتستمر حتى الخميس “لإعلان دعمه لإضافة الاتحاد الأفريقي كعضو دائم في مجموعة العشرين (G20).. ومن المتوقع أن تركز المحادثات على فايروس كورونا، وتغير المناخ وتأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على أفريقيا، والتجارة ومواضيع أخرى”، بحسب مسؤولين في البيت الأبيض.
ووجه الرئيس بايدن دعوة إلى رؤساء 49 دولة أفريقية إلى جانب رئيس الاتحاد الأفريقي ماكي سال لحضور القمة التي تستمر لثلاثة أيام “من أجل تسليط الضوء على كيفية قيام الولايات المتحدة وشركائنا الأفارقة بتعزيز شراكاتنا ودفع الأولويات المشتركة”، بحسب بيان صحفي للبيت الأبيض.
ونقل البيت الأبيض عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية قولهم عن القمة، إن من “الأهداف التي نأمل في تحقيقها في القمة هي تعميق وتوسيع الشراكة الأفريقية - الأميركية والمضي بأولوياتنا المشتركة، وإيصال الأصوات الأفريقية لمواجهة تحديات هذا العصر بشكل تعاوني، والاستفادة من أفضل ما في الولايات المتحدة، بما في ذلك حكومتنا وقطاعنا الخاص ومجتمعنا المدني لرفع وتمكين المؤسسات والمواطنين والدول الأفريقية”.
وقال مسؤول رفيع في الإدارة إن القمة هي “فرصة لنا لسماع وتلبية تطلعات الشعوب الأفريقية. هذا هو سبب تركيزنا حقًا على ما يريده الأفارقة لأنفسهم ولشراكتنا ولإجراء حوار حول ذلك”.
وحول الدول الأفريقية التي لم تتم دعوتها لحضور القمة، قال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إن خمس دول لم توجه إليها الدعوة وهي غينيا والسودان ومالي وبوركينا فاسو وإريتريا.
وأوضح أن “هناك أربع دول أحدثت تغييرات غير دستورية للحكومة وإثر ذلك تم تعليقها من الاتحاد الأفريقي، وهي: غينيا والسودان ومالي وبوركينا فاسو”.
ولفت إلى أنه لم تتم أيضا دعوة إريتريا لـ”عدم وجود علاقات دبلوماسية كاملة معها”. وأشار المسؤول إلى أنه لا توجد اجتماعات ثنائية مقررة حاليًا بين بايدن والزعماء الأفارقة.
وسلطت العديد من وسائل الإعلام العالمية خاصة الأميركية منها الضوء على القمة الأميركية - الأفريقية التي تأتي في وقت تواجه فيه القارة السمراء تحديات أمنية واقتصادية وسياسية.
وقلل المسؤولون في إدارة بايدن من مخاوفهم المتزايدة بشأن نفوذ الصين وروسيا في أفريقيا، وقالوا إنهم يحاولون التركيز على جهود تحسين التعاون مع القادة الأفارقة.
ولدى سؤالها عن الظل الذي ألقته الصين وروسيا على الاجتماعات، قالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض إن “هذه القمة هي فرصة لتعميق الشراكات العديدة التي لدينا في القارة الأفريقية”.
وأضافت “سنركز على جهودنا لتعزيز هذه الشراكات عبر مجموعة واسعة من القطاعات التي تمتد من الأعمال التجارية إلى الصحة والسلام والأمن، لكن تركيزنا سيكون على أفريقيا الأسبوع المقبل”.
وستكون القمة الأميركية - الأفريقية أكبر اجتماع دولي في واشنطن منذ بداية جائحة كورونا، حيث طلب المسؤولون المحليون من السكان الاستعداد لحواجز الطرق والإجراءات الأمنية المكثفة بالتزامن مع بدء توافد زعماء الدول الأفريقية لحضور القمة.
ومن المقرر أن يدلي الرئيس بايدن بتصريحات في منتدى الأعمال الأفريقي - الأميركي، وعقد لقاءات جماعية صغيرة مع الزعماء واستضافتهم في عشاء بالبيت الأبيض والمشاركة في جلسات أخرى مع القادة خلال الاجتماع.
وتأتي مساعي بايدن لتقريب الدول الأفريقية من الولايات المتحدة في لحظة معقدة، حيث أوضحت إدارته أنها تعتقد أن النشاط الصيني والروسي في أفريقيا يمثل مصدر قلق كبير للمصالح الأميركية والأفريقية.
وكانت إدارة بايدن حذرت، في إستراتيجيتها الجديدة تجاه منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والتي كشفت عنها في أغسطس الماضي، من أن الصين التي ضخت مليارات من الدولارات في مشاريع الطاقة الأفريقية والبنية التحتية والمشاريع الأخرى، ترى المنطقة كساحة تستطيع بكين من خلالها “تحدي النظام الدولي القائم على القواعد، وتعزيز مصالحها الجيوسياسية والتجارية الضيقة، وتقويض الشفافية والانفتاح”.
وترى الإدارة الأميركية أيضا أن روسيا، تاجرة الأسلحة البارزة في أفريقيا، تعتبر القارة كبيئة تسمح للأوليغارشيين المرتبطين بالكرملين والشركات العسكرية الخاصة بالتركيز على إثارة عدم الاستقرار من أجل مصالحهم المالية والإستراتيجية.
الرئيس بايدن وجه دعوة إلى رؤساء 49 دولة أفريقية إلى جانب رئيس الاتحاد الأفريقي ماكي سال لحضور القمة التي تستمر لثلاثة أيام
ومع ذلك، أكد مسؤولو البيت الأبيض أن المخاوف بشأن نفوذ الصين وروسيا في أفريقيا لن تكون محور محادثات القمة.
وشعرت الإدارة الأميركية بخيبة أمل لأن معظم دول القارة رفضت إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن من غير المتوقع أن يتحدث بايدن عن الخلافات علنًا.
ولم يكشف البيت الأبيض عما إذا كان الرئيس بايدن سيزور أفريقيا في وقت ما أثناء فترة رئاسته، حيث تعتبر الزيارات ركيزة تقليدية للعلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا.
وفي ضوء الاهتمام الذي يحظى به القادة الأفارقة كثيرا من قبل نظرائهم من الصين وتركيا وفرنسا وروسيا والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى، والذين لا ينظر إلى زياراتهم إلى أفريقيا على أنها تاريخية وإنما على أساس أنها أمر طبيعي، فإنه مهما كان نجاح القمة المقبلة لن يؤدي انعدام الزيارات سوى إلى تقويض الجهود الرامية إلى إظهار جدية واشنطن المتجددة.
ولتجسير الفجوة هناك عدة أمور يتعين على الرئيس بايدن القيام بها قبل مغادرة ضيوفه، من بينها الإعلان عن عقد القمة المقبلة لقادة الولايات المتحدة وأفريقيا عام 2024 في دولة ما في أفريقيا قبل انتهاء فترة ولايته، كدلالة على حفاظ واشنطن على التزامها، مع توضيح استعداد الإدارة الأميركية للسفر بهدف لقاء الأفارقة حيثما يكونون.
كما يتعين على بايدن تشكيل مجموعة عمل مع مجموعة مختارة من القادة الأفارقة لدراسة الإصلاحات واقتراح التغييرات الحقيقية للنظام الدولي والمؤسسات الدولية التي يطالبون بها، والتي قال بايدن إنها تحظى بقبوله، ويجب عليه إبلاغ القادة الأفارقة بأولوياته في العلاقات بينهما.
وينبغي عدم تقديم وعود لا يمكن الوفاء بها. فهناك انطباع بأن فريق بايدن الخاص في أفريقيا بارع في الإنصات إلى مخاوف الأفارقة والرد عليهم بما يريدون سماعه. ولكن إذا كان هدف هذه القمة هو إعادة بناء الثقة المفقودة، فمن الأفضل الحديث أكثر عن التوقعات المتواضعة، والحديث بصورة أقل عن التوقعات المبالغ فيها.
وتستثني الولايات التحدة 4 دول معلقة حاليا من قبل الاتحاد الأفريقى، ويشارك في القمة – الثانية من نوعها بعد قمة أوباما 2014 - ممثلون عن نحو 50 دولة إفريقية، من رؤساء الدول والحكومات، والمجتمع المدني والقطاع الخاص، فضلا عن مسؤولي الإدارة الأمريكية ومفوضية الاتحاد الإفريقي.
وأعرب الرئيس الأمريكي، عن تطلعه للعمل مع الحكومات الأفريقية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومجتمعات الشتات والمغتربين في جميع أنحاء الولايات المتحدة لمواصلة تعزيز رؤيتنا المشتركة لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإفريقيا.
وأفاد بأن القمة المرتقبة ستستند إلى قيمنا المشتركة لتعزيز المشاركة الاقتصادية الجديدة بشكل أفضل وتعزيز التزام الولايات المتحدة وأفريقيا بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتخفيف من تداعيات كورونا والأوبئة المستقبلية.
وبحسب كبير مستشاري مجلس الأمن القومي الأمريكي دانا بانكس ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية روبرت سكوت، إن القمة ستسلط الضوء على كيفية تعزيز الولايات المتحدة والدول الإفريقية لشراكاتهم. وتطوير أولوياتهم المشتركة و ستعكس الاستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وقال الباحث الأمريكي المخضرم كاميرون هدسون، المتخصص في الشؤون الافريقية، إن القمة ستكون رمزا لعمق واتساع العلاقة بين الولايات المتحدة وإفريقيا، مضيفا بينما ستحاول أن تسلط إدارة بايدن الضوء على كل شيء من الثقافة والرياضة إلى الأعمال إلى الأمن والحوكمة، إلا أن الولايات المتحدة مهتمة بـ احتواء النفوذ الصيني في افريقيا لاسيما في الأعمال التجارية، وذلك لضمان الاستقرار وتعزيز مصالحها الخاصة فيما يتعلق بتغير المناخ والطاقة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية على موقعها إن القمة "تعكس التزام الولايات المتحدة المتواصل تجاه أفريقيا وأهمية العلاقات الأمريكية الأفريقية وتعمل على زيادة التعاون القائم على الأولويات المشتركة بين الجانبين".
وأضافت أن إفريقيا ستعيد تشكيل المستقبل ليس فقط مستقبل الشعوب الأفريقية بل وأيضا مستقبل العالم وأن أفريقيا ستحدث فرقا في مواجهة أكثر التحديات إلحاحا وفي اغتنام الفرص المتاحة أمام الجميع.
وأوضحت الوزارة أن جدول أعمال القمة ستشمل تخصيص يوم للمجتمع المدني غدا الثلاثاء يتضمن عقد منتدى القادة الشباب الأفارقة والشتات حيث يرفع هذا المنتدى مشاركة المغتربين لتعزيز الحوار بين المسؤولين الأمريكيين والشتات في الولايات المتحدة وتوفير منصة للشباب الأفريقي وقادة الشتات.
وفي اليوم الثاني للقمة ستعقد جلسات منتدى الأعمال الأمريكي الأفريقي والذي تستضيفه وزارة التجارة الأمريكية وغرفة التجارة الأمريكية ومجلس الشركات في أفريقيا وتتناول تعزيز شراكة تجارية واستثمارية ثنائية الاتجاه تعزز دور أفريقيا في الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى توسع نطاق الابتكار وريادة الأعمال وتحفز التقدم في القطاعات الرئيسية، وستشمل أيضا غرف الصفقات التي ستعرض الالتزامات التي تعهدت بها الشركات الأمريكية المستثمرة في أفريقيا والشراكة معها.
وسيخصص اليوم الثالث للقمة بالاجتماعات والفعاليات الحكومية لوفود الدول الأفريقية ولقاء الرئيس الأمريكي جون بايدن.