تحليلات
فاعلية الحل الدبلوماسي لتسوية الخلافات..
استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والسعودية.. هل تنهي الحرب في اليمن؟
تحاول حكومة إبراهيم رئيسي لجم الانتقادات لسياساتها الخارجية في الداخل الإيراني، خصوصاً تعثر المفاوضات النووية، وتنشيط سياستها الإقليمية، بعد أيام من عودة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، بيد ممتلئة من بكين، بعدما توصل إلى اتفاق مع مساعد العيبان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني السعودي، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، منهياً بذلك أبرز عقد السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في تصريحه الصحافي الأسبوعي، إن «استئناف العلاقات السياسية بين إيران والسعودية يظهر فاعلية ونجاح الحل الدبلوماسي لتسوية الخلافات». وأضاف أن «هذا التطور الدبلوماسي المهم يمكن أن تكون له آثار ونتائج إيجابية في العلاقات الإقليمية بين الدول الموجودة في هذه الجغرافيا المشتركة»، موضحاً أن «العلاقات بين إيران والبحرين ليست استثناءً من هذا المبدأ».
ونأي كنعاني بنفسه عن التعليق على سؤال يتعلق بطرح الأزمة اليمنية خلال المفاوضات مع السعودية. وقال إن المفاوضات تناولت العلاقات الثنائية. وأضاف: «إيران لن تجري مفاوضات بالوكالة عن أي بلد، إلا إذا طلب منها أن تقوم بدور إيجابي في قضية ما». وقال إن بلاده مستعدة لأن تلعب دوراً «إيجابياً» لتلبية طلب الأمم المتحدة لحل هذه الأزمة.
وكان كنعاني يعلق على سؤال حول زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ، الذي أجرى محادثات مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في طهران أمس. وجاء اللقاء غداة مباحثات أجراها غروندبرغ مع علي أكبر خاجي، كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، وقالت وسائل إعلام في طهران إنها تمحورت حول تبادل السجناء.
كما أجرى المسؤول الأممي مباحثات مع كمال خزاري، رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني. وقال خرازي إنه يأمل في أن تسير مفاوضات تبادل الأسرى على ما يرام. وأضاف «حل القضايا الإنسانية أثناء الحرب هو خطوة إيجابية لبدء مفاوضات السلام». ولفت خرازي إلى أن « إقامة علاقات دبلوماسية بين طهران والرياض بحد ذاتها ستساعد في تحقيق الهدف لإنهاء الحرب في اليمن». وفق ما نقلت وكالات رسمية.
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أن لافروف رحب في الاتصال باستئناف العلاقات. وأنهما تبادلا وجهات النظر حول آخر تطورات الملف النووي الإيراني والمحادثات الأخيرة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران، وفق ما أورد البيان الإيراني.
وقبل ذلك بيوم أبلغ علي باقري كني نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي أن اتفاق الرياض وطهران على تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية، «يبرز علاقات الجوار الاستراتيجية للحكومة من أجل توفير المصلحة الوطنية والتقدم بأهداف السياسة الخارجية».
وبعد ساعات من عودته إلى طهران، استقبل باقري كني نائب وزير الخارجية الكويتي منصور عياد العتيبي. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن المسؤول الكويتي أشاد بسياسة الحكومة الحالية في تعزيز علاقات الجوار، معرباً عن أمله في أن تؤدي إلى تقدم وتنمية العلاقات الثنائية والإقليمية وتحسين أوضاع المنطقة.
وأعربت إيران عن أملها في استئناف علاقاتها مع البحرين؛ التي قطعت علاقاتها مع طهران بعد الاعتداء على السفارة السعودية في يناير (كانون الثاني) 2016 لدعم السعودية، كما أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية، وذلك بعد التقارب الأخير بين طهران والرياض.
وقال: «لحسن الحظ؛ مع الأجواء الإيجابية التي نراها في المنطقة، يمكن أن يحدث هذا التطور الإيجابي مع دول أخرى في المنطقة؛ بما في ذلك البحرين»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف كنعاني: «يجب أن نثق بالمسار الدبلوماسي أكثر، وأن نتخذ خطوات في هذا الاتجاه».
وقال عضو لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فداحسين مالكي، لوكالة «إيسنا» الحكومية، إنه «كلما اقتربنا من دول الجوار والمنطقة أكثر، فإنه يمكننا حل مشكلاتنا بمساعدتهم».
وتعليقاً على وساطة بكين، قال إن «الصين، التي لم يسبق لها الحضور في المناسبات السياسية الإقليمية، خرجت من الحالة الدفاعية واللامبالاة ولعبت دور الوساطة». وأضاف: «هذا الاتفاق فأل خير. نتطلع إلى خطوات أكبر يجب اتخاذها لإزالة العقبات».
وتساءل الدبلوماسي الإيراني البارز علي أكبر صالحي في افتتاحية صحيفة «جمهوري إسلامي» عن «أساس السياسة الخارجية تجاه الدول العربية». وقال إن «الرد على هذا السؤال سيساعد الهيكل الحالي لوزارة الخارجية، ومقاربات إيران الدولية والإقليمية، على التوافق مع هوية إيران العابرة للحدود، وأن تنتقي مظهراً جديداً يتناسب مع الدور المؤثر للدبلوماسية الإيرانية».
وكتب صالحي: «ما يمكن أن يقلل من مستوى الالتهاب في المنطقة هو فقط المصالح المشتركة... وجود حقل غاز مشترك، أو مضيق استراتيجي بين البلدين، يظهر اشتراكاتنا التي تشمل المصالح المشتركة، وتوثر على مصيرنا الجماعي».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن إنجاز صفقة لتبادل السجناء بات في ملعب واشنطن، مشدداً على أنها تنتظر مشكلات «فنية»، تعود إلى الطرف الأميركي، وذلك في وقت ذكرت فيه مصادر إيرانية أن مباحثات كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، ركزت على 3 قضايا أساسية؛ الملف النووي الإيراني، وتبادل السجناء، بالإضافة إلى الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة.
وقال خلال مؤتمر صحافي إن بلاده مستعدة لتبادل الأسرى مع الولايات المتحدة، متحدثاً عن توقيع الطرفين على اتفاق مكتوب في مارس (آذار) الماضي، في إشارة إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت في فيينا، قبل أن يتعثر المسار الدبلوماسي.
وحاول كنعاني إزالة اللبس الذي أثارته تصريحات وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، بعدما قال للتلفزيون الحكومي الأحد: ««توصلنا إلى اتفاق في الأيام الأخيرة فيما يتعلق بقضية تبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة». وزاد: «إذا سارت الأمور على ما يرام من الجانب الأميركي، فأعتقد أننا سنشهد تبادلاً للسجناء خلال فترة وجيزة... من ناحيتنا؛ كل شيء جاهز، في حين تعمل الولايات المتحدة حالياً على التنسيق الفني النهائي».
وسارع مسؤولون أميركيون إلى نفي أقوال عبد اللهيان. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: «مزاعم المسؤولين الإيرانيين عن توصلنا إلى اتفاق للإفراج عن المواطنين الأميركيين المحتجزين بطريق الخطأ لدى إيران؛ كاذبة».
من جهته؛ وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، تصريحات وزير الخارجية الإيراني بالتوصل إلى اتفاق، بأنها «كذبة بشعة أخرى تزيد من معاناة أسرهم (السجناء)». وأضاف: «نعمل بلا كلل لتأمين الإفراج عن الأميركيين الثلاثة المعتقلين من دون وجه حق في إيران».
ونقلت «رويترز» عن «مصدر مطلع» على المحادثات أن تبادل السجناء «صار أقرب مما كان عليه في أي وقت مضى»، لكن إحدى النقاط العالقة المتبقية مرتبطة بـ7 مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية المجمدة بموجب العقوبات الأميركية في كوريا الجنوبية.
وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات: «الجوانب اللوجيستية لكيفية تبادل هذه الأموال وكيفية توفير الرقابة لم يتم حلها». وأضاف أن قطر وسويسرا تشاركان في محادثات تبادل السجناء.
بدورها؛ قالت مصادر إيرانية لـ«رويترز» إن دولتين بالمنطقة تشاركان في المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن تزامن هذا التأكيد الإيراني والإنكار الأميركي مع إعلان إيراني - عماني عن مباحثات ثنائية يمثل فيها طهران كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني. وسلطت مواقع إخبارية إيرانية الضوء على غياب باقري كني عن مناسبتين في الأسبوع الماضي؛ أولاها غيابه عن مباحثات جرت مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي. والأخرى المفاوضات الإيرانية - السعودية في بكين التي انتهت بإعلان استئناف العلاقات بين البلدين. ورداً على ذلك؛ كانت مصادر حكومية قد ذكرت، الجمعة، أن باقري كني يجري مفاوضات في دولة أجنبية مرتبطة بالاتفاق النووي.
والسبت؛ كتب عضو الفريق الإعلامي للحكومة الإيرانية، علي رضا سليماني، على «توتير» أنه «بموازاة التفاوض مع الصين والسعودية، تجري عمان وقطر مشاورات لتبادل السجناء ورفع العقوبات»، وأوصى من يتحدثون عن إقالة باقري كني بـ«توخي الحذر في تصريحاتهم لكيلا يفاجأوا».
ونقلت صحيفة «قدس» المقربة من مكتب المرشد الإيراني، عن مصدر مطلع قوله إن مباحثات باقري كني تمحورت حول 3 أولويات، مشدداً على أن هناك «احتمالات كبيرة للتوصل إلى نتائج». ووفق المسؤول؛ فإن القضايا الأساسية تتصدرها مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، على ضوء التفاهم الذي توصلت إليه إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن القضايا العالقة.
أما المحور الثاني؛ فقد أشار المصدر بخصوصه إلى قضية تبادل السجناء. وقال: «يسعى المسؤولون الأميركيون إلى إقناع الطرف الإيراني عبر مسقط، لكن مسؤولي الجمهورية الإيرانية یتفاوضون بتنبه ويقظة بشأن هذه القضية». وأضاف: «يجب على الأميركيين أن يدفعوا مقابل ما يريدون. عليهم أن يعرفوا أن الكرة في ملعبهم». وتابع: «لن نتعامل مع الوعود. يجب على الطرف الآخر اتخاذ إجراءات عملية وإيجابية، خصوصاً في الرد على حسن النيات واللعبة المنطقية للجمهورية الإسلامية لحفظ مصالح الشعب الإيراني». وقال: «ستحرك طهران أوراقها في اللعبة رداً على إجراءاتهم البناءة».
وفي المحور الثالث؛ أشار المصدر الإيراني ضمناً إلى الإشكالية التي تواجه طهران في نقل الأصول المجمدة في ظل العقوبات على منظومتها المالية وحرمانها من التعامل بالدولار. وقال المسؤول: «بعد الانتهاء من قضية تبادل السجناء؛ على الجانب الغربي والأميركي أن يظهر إرادته لإزالة العقبات ورفع الحجز عن الأموال الإيرانية في الخارج، لكي تنقل هذه الأموال بشكل مباشر ومن دون عرقلة إلى البلد».
ومن بين الأميركيين المحتجزين في إيران؛ سياماك نمازي، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية، وصدر في عام 2016 حكم بسجنه 10 سنوات بتهمة التجسس والتعاون مع الحكومة الأميركية.
وفي مقابلة غير مسبوقة مع شبكة «سي إن إن» من زنزانته بسجن إيفين في طهران، وجه نمازي نداءً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن «لكي يعطي الإفراج عن أبرياء أميركيين أولوية على السياسة».
ومن بين المعتقلين عماد شرقي، وهو رجل أعمال إيراني - أميركي اعتُقل أول مرة عام 2018 عندما كان يعمل في شركة استثمار تكنولوجي، وهو مسجون أيضاً في إيران، وكذلك عالم البيئة الإيراني - الأميركي مراد طهباز الذي يحمل أيضاً الجنسية البريطانية.
وتسعى طهران منذ سنوات إلى الإفراج عن أكثر من 12 إيرانياً محتجزين في الولايات المتحدة، بينهم 7 إيرانيين - أميركيين، وإيرانيان يحملان إقامة دائمة في الولايات المتحدة، و4 إيرانيين ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة.
ويتهم نشطاء حقوقيون طهران بإلقاء القبض عليهم في محاولة لانتزاع تنازلات من دول أخرى. واتهمت دول غربية طهران في قضية احتجاز عشرات من الإيرانيين مزدوجي الجنسية ومن الأجانب، بممارسة «دبلوماسية الرهائن» وهو ما ينفيه المسؤولون الإيرانيون.