تقارير وتحليلات
"طهران وطموح فرض أمر واقع في اليمن"..
مستقبل الصراع اليمني.. إيران ملتزمة بحماية السعودية من صواريخ الحوثيين
بات من المؤكد فعليا أن الحرب في اليمن انتهت فعليا منذ سنوات، لم تعد هناك أي رغبة حقيقية على استمرار القتال، فالسعودية التي سبق لها وأعلنت عن مبادرات سلام مع الحوثيين رفضوها تبدو الآن أكثر جدية بالإسناد على اتفاقية المصالحة مع إيران، التي أصبحت اليوم مطالبة بوضع حد لأذرعها في صنعاء من أي هجمات قد تطال السعودية، من خلال التزامها بذلك، الأمر الذي يشير الى ان طهران متورطة في هجمات صاروخية استهدفت الطاقة السعودية.
إن التزام إيران للسعودية بوقف أي عمليات قصف يطلقها الحوثيون على أراضي المملكة الخليجية الثرية، كانت إحدى أهم ثمار الاتفاق الذي رعته الصين في العاشر من مارس اذار الماضي، الأمر الذي بات مستقبل الصراع مرهون بوقف أي عدوان للأذرع الإيرانية تجاه الرياض التي قادت تحالفا من عشر دول لمحاربة تدخلات إيران في اليمن.
ومنذ إعلان توقيع اتفاق بين السعودية وإيران في 10 مارس 2023، والذي قضي بإعادة العلاقات بين البلدين برعاية صينية، وذلك بعد قطيعة دامت لسبع سنوات؛ بات السؤال الأكثر طرحا اليوم البحث عن معرفة تأثير هذا الاتفاق على عدد من أزمات المنطقة.
وجاءت "الأزمة اليمنية" في الطليعة، يقول مركز المرجع لدراسات الإسلام السياسي إن هناك من قلل من تأثير الاتفاق على استمرارية هذه الأزمة، وعلى الناحية الأخرى، ظهرت حالة من التفاؤل المرحبة بعودة العلاقات بين الدولتين الإقليميتين على اعتبار أن ذلك سيكون له تأثير كبير على الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع.
وفي ضوء ذلك، نجد أول تعليق للحكومة اليمنية الشرعية على الاتفاق، بإعرابها عن أملها في مساهمة الاتفاق في تغيير سياسات طهران التخريبية مؤكدة في الوقت ذاته أنها تؤمن بحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والوسائل السلمية القائمة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ومن جهته، رحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالاتفاق معربًا عن أمله في مساهمة الاتفاق في توطيد الامن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وعلى الجهة الأخرى، فإن أول رد للميليشيا الحوثية جاء على لسان متحدثها الرسمي "محمد عبدالسلام"، قائلًا في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر"، "المنطقة بحاجة لعودة العلاقات بين الدول لكي تسترد الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية التي استثمرت الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات والعدوان على اليمن"، في حين اعتبر الناشط الحوثي "عادل الحسني" أن الاتفاق خطوة في الطريق الصحيح نحو السلام، وفي الوقت ذاته فإن بعص مسؤولي الحوثي شددوا على منصات التواصل الاجتماعي بأن الاتفاق يعد تأكيدًا على أن قرار اليمن بيد حكومة صنعاء وليس إيران أو أي جهات خارجية.
وبقراءة ردود الأفعال هذه، يستخلص مركز المرجع أن الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع، بحاجة إلى تضافر جميع جهود دول المنطقة من أجل الوصول لعملية تسوية سياسية لهذه الأزمة، وإنقاذ شعبها الذي يعاني من الفقر والجوع والمرض جراء تدهور أوضاع البلاد الاقتصادية والمعيشية، ومن ثم على جميع أطراف الصراع اليمني توظيف الاتفاق بما يخدم مصالح الشعب اليمني أجمع وليس جماعة أو جهة بعينها.
وحول مدى تأثير الاتفاق على اليمن، يقول المركز إن هناك تفاؤلًا دوليًّا بإحلال السلام في اليمن، وإقناع الحوثيين بالدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، لكنه تفاؤل أكبر من حجمه، وغير واقعي، لكون أن إيران تعهدت فقط بمنع الهجوم على السعودية، وهذا ما يؤكد بحد ذاته أنها وراء الهجوم السابق على احتياطي الوقود في السعودية.
وبالنظر إلى توقيت تشكيل التحالف العربي في مارس 2015، وطبيعة العلاقات السعودية الإيرانية حينذاك، ودعم النظام الإيراني للميليشيا الحوثية، فإن التقارب الجديد لا يمكن أن يكون عصًا سحرية لدفع الحوثي بالالتزام بالقرارات الدولية وتسليم الدولة، ولكن قد تستغل إيران هذا التقارب وربما دعم ما تسميهم "المظلومين" وفق دستور إيران، داخل المملكة العربية السعودية.
وأضاف أن حديث وزير الخارجية الإيراني "حسين عبداللهيان» بعد لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن، حول سعي بلاده لتشكيل حكومة شاملة، مقابل ما سماه "رفع الحصار عن الشعب اليمني" متبنيًا وجهة النظر الحوثية، يدل على أن هناك جولة قادمة من العراك السياسي والدبلوماسي تقودها طهران من أجل الانتصار في اليمن، وتحقيق أهدافها.
وفي الـ26 من مارس/ آذار 2015م، اطلقت عملية عاصفة الحزم لمنع الحوثيين من الوصول إلى العاصمة الجنوبية عدن، ونجح طيران التحالف العربي في تدمير القدرة التسليحية للجيش اليمني من طيران وصواريخ وغيره خلال دقائق.
على الأرض عمدت "الإمارات" إلى تطهير مدن الجنوب بالتحالف مع القوات الجنوبية التي اثبتت قدرتها القتالية في مواجهة الأذرع الإيرانية، حيث نجح التحالف العربي بتأمين باب المدن وخليج عدن وشريط بحر العرب، بعد ان أصبحت مدن الجنوب محررة بشكل كامل.
بالمقابل فشل حلفاء التحالف العربي في اليمن الشمالي في مواجهة الحوثيين وهزيمتهم، وهو ما جعل الأذرع الإيرانية سلطة أمر واقع، واليوم تتسارع الأحداث السياسية نحو تسوية سياسية شاملة، والحوثيون يرون انها فرصة أخيرة للخروج من ازمة اقتصادية تواجههم خاصة بعد المصالحة السعودية الإيرانية.
وقال الكاتب اللبناني خير الله خير الله المتخصص في قراءة المشهد اليمني إنه من الواضح أنّ ايران تستعد لمرحلة ما بعد إعادة العلاقات الدبلوماسيّة مع السعوديّة واحتمال التوصل إلى تسوية ما في اليمن تكرّس وقفاً لإطلاق النار، الأهمّ من ذلك كلّه أنّها تريد فرض أمر واقع في اليمن.
وقال الكاتب "سيكون اليمن الامتحان الأول لمدى صدق إيران في تعاطيها مع المملكة العربيّة السعوديّة، عبر الصين. كذلك سيكون امتحاناً للصين نفسها ومدى جدّيتها وأهمّية دورها. هل التصعيد الحوثي أمر تكتيكي أم أنّه جزء من استراتيجيّة إيرانيّة تتجاوز اليمن وتصل إلى الوجود العسكري الأميركي في سوريا، على سبيل المثال وليس الحصر".
في النهاية، يتساءل خير الله "هل من دور للصين في لجم إيران ومشروعها التوسّعي؟من هنا أهمّية اليمن في معرفة نيات "الجمهوريّة الإسلامية" ومدى التزامها ما ورد في البيان الثلاثي عن "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخليّة".