الاقتصاد

"الذكاء الاصطناعي والموارد البشرية"..

مستقبل الإدارة في ظل تطور علوم الذكاء الاصطناعي.. كيف يمكن توصيف الأمية مستقبلا؟

علم الذكاء الاصطناعي

كل يوم يتطور علم الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي جعل من الممكن جدا يكون للذكاء الاصطناعي تأثيرا عميقا على الإدارة في المستقبل، حيث أنه قد يساعد "المديرين" في اتخاذ قرارات أفضل، وتحسين الكفاءة، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الوقت المستغرق لإنجاز المهام، وزيادة رضا العملاء".

ولكن يظل مستقبل الإدارة في المؤسسات مرتبط بدرجة رئيسية بقدرة الموظف على استخدام الكمبيوتر وكيفية التعامل مع برامج الذكاء الاصطناعي، فالأميون الذين لا يجيدون استخدام الكمبيوتر، سيكون من الصعب عليهم او الاستحالة "استخدام الذكاء الاصطناعي"، فالذي لا يستطيع استخدام تطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي، هو من يطلق عليه "الأمي"؛ ففي السابق كان "الأمي"، هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، اما اليوم فـ"الأمي"، هو من لا يجيد استخدام برامج الكمبيوتر، وخاصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتعامل مع التطور المعلوماتي المتسارع.

المقدمة

 إن البحث في موضوع كالذكاء الاصطناعي، يحتاج الى التفكير بعمق قبل الشروع في البحث، لما يمثله هذا العلم من أهمية كبيرة ومتطورة بشكل متسارع، الأمر الذي يصعب مواكبه تطور "الذكاء الاصطناعي"، والمعروف اقتصارا بامتداد  (AI)[1]، لكن التفكير بعمق حول مستقبل الإدارة "أو العمل الإداري"، في ظل تطور علم الذكاء الاصطناعي، فهو بلا شك يخدم العمل ويساعد في تطوره بشكل يواكب التطور في شتى علوم الحياة.

إن الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة المديرين في اتخاذ قرارات أفضل من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة وكفاءة. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المديرين في اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك تخصيص الموارد، وتسعير المنتجات والخدمات، وتطوير المنتجات الجديدة[2].

كما يمكنه مساعدة المدراء في تحسين الكفاءة من خلال أتمتة المهام الروتينية، وتوفير الوقت والموارد، مما يمكنهم تخصيصه لأنشطة أكثر أهمية.

ويساهم بفاعلية في زيادة الإنتاجية، وتقليل الأخطاء، وتقليل الوقت المستغرق لإنجاز المهام، وزيادة رضا العملاء".

المبحث الأول | علوم الذكاء الاصطناعي

علوم الذكاء الاصطناعي هو مجال من علوم الكمبيوتر يهتم بإنشاء أنظمة قادرة على أداء المهام التي تتطلب الذكاء البشري. يشمل الذكاء البشري مجموعة واسعة من القدرات، منها القدرة على اكتساب المعرفة الجديدة واستخدامها، والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات، وعلى إنتاج أفكار جديدة، والتواصل مع الآخرين"[3].

ويسعى علماء الذكاء الاصطناعي إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء هذه القدرات، أو بعضها، على الأقل. وقد تم إحراز تقدم كبير في هذا المجال في السنوات الأخيرة، حيث تم تطوير أنظمة قادرة على أداء مهام معقدة للغاية، مثل لعب الشطرنج وقيادة السيارات.

أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحًا شاملًا للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو ممارسة لعبة الشطرنج. يُستخدم غالبًا هذا المصطلح بالتبادل مع مجالاته الفرعية، والتي تشمل التعلم الآلي (ML) والتعلم العميق.

ومع ذلك، هناك اختلافات.. على سبيل المثال، يُركز التعلم الآلي على إنشاء أنظمة تتعلم أو تحسّن من أدائها استنادًا إلى البيانات التي تستهلكها. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن كل سُبل التعلم الآلي ما هي إلّا ذكاء اصطناعي، فإنه ليس كل ذكاء اصطناعي يُعد تعلمًا آليًا.

 وأثبت الذكاء الاصطناعي قدرته الفائقة في إمكانية استخدامه في العديد من المجالات. وفي مجال ريادة الأعمال يتوقع الخبراء في عالم التكنولوجيا أن تشهد الفترة المقبلة طفرة حقيقية في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الأعمال نتيجة ما تلعبه تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها الكبير في القدرة على التنبؤ بالأرقام والتحليلات المالية ومساعدة الموظفين، خاصة من يعملون في أقسام الموارد البشرية والإدارات المالية والتطوير.

وفي تقرير كتبته مجموعة من الخبراء ونشره موقع "فاست كومباني" (Fastcompany) الأميركي، أشار الخبراء إلى أنه مع استمرار تطور فوائد الذكاء الاصطناعي في مجالات دعم ريادة الأعمال والمشروعات التجارية؛ بدأت تظهر إمكانية الاستفادة من هذه القدرات، سواء لتخفيف العبء عن الموظفين الذين يرغبون في التركيز على مهام أكثر أهمية، أو تطوير إستراتيجية أسرع لتغيير نتائج تحليل البيانات، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصرا حاسما في مساعدة الأعمال على التطور وتحسين رضا العملاء.

المبحث الثاني | الذكاء الاصطناعي والإدارة

أحدث عام 2023 تحولًا في أماكن العمل من خلال إدخال الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية. في وقت سابق كان يُعتقد أن ذلك ضرب من الخيال العلمي، لكن الآن يعتبره مديرو الموارد البشرية بمثابة اضطراب في صناعة الموارد البشرية[4].

قالت جين مايستر، الكاتبة المعروفة ومؤلفة كتاب The Future Workplace Experience تجربة أماكن العمل في المستقبل، “سيساعد الذكاء الاصطناعي الموارد البشرية في التعامل مع قرارات الأعمال الاستراتيجية. فهو يساعد في تنظيم الإجراءات اليدوية وتوفير الموظفين بخدمة تركز على العملاء ".

وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة Oracle وFuture Workplace[5]، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي آخذ في الازدياد في عام 2023 حيث يحاول مديرو الموارد البشرية أن يكونوا أكثر كفاءة عن طريق استخدام موارد ووقت أقل. في هذا الصدد، تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في عمليات الموارد البشرية مثل التوظيف، وتحديد الفجوات في مهارات القوى العاملة، وتحليل بيانات الاستطلاعات، والرد على استفسارات الموظفين فيما يتعلق بالإجازات، وكشوف الرواتب، وما إلى ذلك.

إن مديري الموارد البشرية يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل متكرر لتعزيز مهارات الموظفين في هذه البيئة الصعبة[6].

 المبحث الثالث| الذكاء الاصطناعي والموارد البشرية

أحدث تسلّلُ الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الموارد البشرية ثورة كبيرة فيها، وسهّل القيام بالعديد من المهام التي كانت تأخذ وقتا وجهدا كثيرين في إتمامها، وحتى أنها كانت تفتقر إلى الدقة في بعض الأحيان. على سبيل المثال، أصبحت مهمة اختيار مرشحين للوظائف أكثر سهولة من ذي قبل ووفر الذكاء الاصطناعي على موظفي الموارد البشرية وقتاً كبيراً في عملية فرز المرشحين وحفظ قواعد البيانات المتعلقة بهم من خلال الخوارزميات التي تعمل على تحليل بيانات آلاف المتقدمين للوظائف واختيار الأفضل من بينهم. وقد زاد توفير الوقت والجهد على موظفي الموارد البشرية من إنتاجيتهم وأصبح بإمكانهم التركيز على عملية التوظيف نفسها وجعلها أسهل وأسرع دون بذلهم الكثير من الجهود في المراحل التي تسبق هذه العملية. حتى أن مراحل ما بعد التوظيف أصبحت أكثر سهولة فلم يعد هناك داع للقلق بشأن تجهيز الموظف الذي تم اختياره لوظيفة ما، فقد أصبحت مقابلات العمل تُعقد عن بعد وتوقيع العقود يتم بواسطة البريد الإلكتروني. كذلك الاجتماع بالموظفين عن بعد وتعريف الموظفين الجدد بالشركة وسياساتها واستراتيجيتها أيضا يمكن أن يتم عن بعد. حتى أنه لم يعد هناك حاجة لحضور الموظفين إلى المكاتب، فأصبح بإمكانهم إتمام أعمالهم عن بعد، وهذا نهج اتبعته الكثير من الشركات خلال جائحة كورونا كالحل الأمثل. وقد شاع هذا النهج كثيرا منذ بدء الجائحة وحتى هذا اليوم.

كما وفّر الذكاء الاصطناعي للمؤسسات مصادر جمع وتحليل للبيانات التي تمتلكها المؤسسة عبر قسم الموارد البشرية، فأصبح بإمكان الشركات تحليل السلوك الوظيفي وسبل الإنتاج والأوقات الأكثر فاعلية للعمل والسبل الأفضل للتواصل بين الأفراد داخلها، مما أتاح للأفراد والشركات على حد سواء فرص تطوير وتحسين هائلة، بالإضافة لبيانات يمكن استخدامها للقيام بعميات المتابعة والتقييم بشكل دقيق وأكثر كفاءة. إن وجود أنظمة ذكاء اصطناعي تتفاعل مع الأفراد وتقرأ سلوكهم وتنشئ خوارزميات تتناسب معها تعتبر عملية ثورية في قطاع التواصل بشكل عام، وبالتالي فإنها ذات تأثير مباشر على أقسام الموارد البشرية التي تستمد من التواصل قوتها وجوهرها وتبني استراتيجياتها الداخلية والخارجية عليها.

ليس هذا فحسب، بل إن الذكاء الصطناعي وخصوصا الذي يتم تصميمة لحل المشكلات عن طريق دراسة الأنماط والخوارزميات، والذي هوفي سياق الموارد البشرية يعتبر أداة إدارة وتحليل ممتازة، سيكون جزءا أكبر من الشركات شيئا فشيئا. فهو يقدم حلول وأنظمة مدروسة وناتجة عن تحليل علمي ومنطقي لما تملكة الشركة من بيانات ومعلومات. وبالتالي فإنه سيقدم حلولا تتناسب مع كل مشكلة وبأسلوب منطقي ومدروس.

المبحث الرابع| مستقبل "الإدارة" في ظل تطور علوم الذكاء الاصطناعي

لقد توصلنا إلى استنتاج ان الإدارة ستعتمد بشكل أكبر وربما تصل الى اعتماد كلي على الذكاء الاصطناعي، بغض النظر عن العراقيل التي قد تواجه الكثير من المؤسسات، لذلك من خلال هذا البحث توصلت كباحثة الى العديد من التوصيات التي سوف ارفقها في نهاية هذا البحث، ولكن قبل ذلك، أو إيضاح الفكرة من البحث والنتيجة التي توصلت اليها[7].

تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى.

كما يمكن للذكاء الاصطناعي فهم البيانات على نطاق واسع لا يمكن لأي إنسان تحقيقه. وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال. فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Netflix التعلم الآلي لتوفير مستوى من التخصيص مما ساعد الشركة على تنمية قاعدة عملائها بأكثر من 25 بالمائة.

وقد توصل البحث الى معلومات تؤكد كيف تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لمراجعة أعمال Harvard[8]، تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي في المقام الأول من أجل، الكشف عن التدخلات الأمنية وردعها (44 بالمائة)، وحل المشكلات التقنية للمستخدمين (41 بالمائة)، والحد من أعمال إدارة الإنتاج (34 بالمائة)، وقياس الامتثال الداخلي عند استخدام الموردين المعتمدين (34 بالمائة).

ولكن يظل مستقبل الإدارة في المؤسسات مرتبط بدرجة رئيسية بقدرة الموظف على استخدام الكمبيوتر وكيفية التعامل مع برامج الذكاء الاصطناعي، فالأميون الذين لا يجيدون استخدام الكمبيوتر، سيكون من الصعب عليهم او الاستحالة "استخدام الذكاء الاصطناعي"، فالذي لا يستطيع استخدام تطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي، هو من يطلق عليه "الأمي"؛ ففي السابق كان "الأمي"، هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، اما اليوم فـ"الأمي"، هو من لا يجيد استخدام برامج الكمبيوتر، وخاصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتعامل مع التطور المعلوماتي المتسارع.

توصيات الباحثة الطالبة حنين فضل سيود

 

·      إن أهم ما يمكن التوصية به للمؤسسات الحكومية والخاصة، هو سرعة إقامة دورات تدريبية مكثفة لكل الموظفين لكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وقبل ذلك يجب رفد المؤسسات بالكوادر الشابة والقادرة على فهم علوم الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع.

·      على مركز القيادة العليا في المؤسسات الحكومية والخاصة منح الموظفين قدرة أكبر على البحث في علوم الذكاء الاصطناعي، وافساح المجال امامهم لعمل مقارنة بين تحليل المعلومات والبيانات وأعاد التقارير وإدارة الاعمال، بالطريقة التقليدية المعروفة (العمل الإداري الكلاسيكي)، وبين العمل التحليل بواسطة برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإيجاد الفوارق، مع التأكيد على عدم الاعتماد الكلي على ما تحلله برامج الذكاء الاصطناعي، ولكن استخدامه كعوامل مساعدة تساعد على سرعة الإنجاز.

·      يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتحديد المرشحين المناسبين للوظائف، وتقييم أداء الموظفين، وتطوير برامج التدريب والتطوير.

·       يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وفهم سلوك العملاء، وإنشاء حملات تسويقية مخصصة، وقياس فعالية الحملات التسويقية.

·      يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات العملاء وتحديد الفرص المحتملة، وتقديم عروض مبيعات مخصصة، وإدارة العلاقات مع العملاء.

تقديم النصائح للإداريين حول كيفية الاستعداد لمستقبل الإدارة في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، بداية من تعلم أساسيات الذكاء الاصطناعي، من وخلق فكرة أو رؤية لدى الموظف بان عليه الاستعداد لتغيير طبيعة عمله واستعداه للتركيز والعمل على المهام الأكثر تعقيدًا وإبداعًا.

هوامش      

[1] ما المقصود بالذكاء الاصطناعي؟ تعرف على الذكاء الاصطناعي - موقع https://www.oracle.com/

[2]الذكاء الاصطناعي شريك المستقبل في إدارة أعمالك التجارية – قناة الجزيرة .

[3] ما المقصود بالذكاء الاصطناعي؟ - موقع oracle.com

[4] هل أصبح الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية ضرورة في عام 2023؟ موقع https://ae.linkedin.com

[5] تطبيق ومنصة سعودية يستخدم الذكاء الإصطناعي في أتمتة جميع عمليات الموارد البشرية ومسير الرواتب

[6] أنظر علوم الذكاء الاصطناعي إلى عدة فروع رئيسية – موقع linkedin.com

[7] كيف يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي مساعدة المؤسسات – موقع https://www.oracle.com

[8] كيف تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي – الموقع https://www.oracle.com

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة: منصة لتجديد الفكر العربي واستعادة المركزية الفكرية


معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟