تحليلات
"مناورة سعودية في الجنوب"..
لغز اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق.. هل تعزز إيران أذرعها في اليمن بآلاف المرتزقة؟
قالت تقارير صحفية إن الجمهورية الإسلامية في إيران، عززت أذرعها اليمنية "جماعة الحوثيين"، بآلاف المرتزقة، بالتزامن مع اتفاق رعته الأمم المتحدة، أجبرت حكومة مجلس القيادة الرئاسي اليمني المؤقت، على التراجع عن قرارات اقتصادية[1]، والخاصة بالبنك المركزي في عدن، فيما قالت مصادر جنوبية في عدن إن الرياض التي مارست ضغوطا على مجلس القيادة الرئاسي، عادت لتناور في حضرموت، بهدف الضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، لتمرير اتفاقية "استئناف بيع النفط"، والمتوقع ان يذهب ثلثي عائداتها إلى البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين الموالين لإيران.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أكد تقرير نشرته قناة سوريا اعده الصحافي ضياء قدور[2]، أن ألوية باكستانية، تنتشر في سوريا ابرزها لواءا "فاطميون وزينبيون"، والتي اعدها التقرير بأنها أكبر ميليشيات اجنبية موالية لإيران في سوريا، وهو ما فتح الباب امام تشكيل لواء أخر من المرتزقة في اليمن الذي أصبح ساحة صراع إيرانية رئيسية في المنطقة، وباتت فيه أذرع طهران "قوة غير تقليدية"، بعد ان حصلت على مكاسب سياسية وعسكرية في اعقاب اتفاق رعته الصين في مارس/ اذار العام الماضي.
في 29 من آذار الماضي، أصدرت وزارة الداخلية الباكستانية قراراً رسمياً داخلياً، على ما يبدو تم تسريبه في ابريل/ نيسان الماضي على يد بعض الصحفيين الباكستانيين، جاء فيه أن لواء زينبيون يشكل تهديدا للقانون والنظام وأمنه، ويعكر صفو السلام والأمن في باكستان.
وأظهر الموقع الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب الباكستانية اسم لواء زينبيون في قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، ليرتفع عدد المنظمات المصنفة كمنظمات إرهابية في باكستان إلى 79 منظمة.
ونقل موقع ديلي أوردو الباكستاني عن مسؤولين باكستانيين أن زينبيون التابع لسباه محمد (فيلق محمد) لديه تمويل أجنبي، وتصرفاته تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي الباكستاني.
ويخضع لواء فاطميون، الذي يعتبر أكبر ميليشيا أجنبية موالية لإيران في سوريا، إلى جانب مجموعة المقاتلين الباكستانيين زينبيون في سوريا، لعقوبات أميركية منذ عام 2019، حينما فرضت عقوبات جديدة على كلا الكيانيين مع شركة فارس قشم الإيرانية.
تشكيل لواء من المرتزقة الموالين لإيران في اليمن
بداية كل عام هجري، يتوافد الملايين من المسلمين الشيعة، إلى العراق، حيث يشهد شهر محرم، توافد أكثر من عشرين مليون مسلم لإحياء عاشوراء ومناسبات دينية في النطاق الزمني ذاته، وفقا لإحصائيات العام 2022، التي اشارت إلى مشاركة 21 مليون شخص، بينهم قرابة 6 ملايين من خارج البلاد، يتركز أغلبهم في منطقة كربلاء.
وقالت قناة العربي القطرية إنه منذ نحو شهر، فتح العراق أبوابه للزوار الأجانب للمشاركة في إحياء المناسبات الدينية، وكان من بين الوفود مواطنون من باكستان لم تصرّح السلطات العراقية بأعدادهم، لكن تقديرات صحف باكستانية تشير إلى أنهم يزيدون على 100 ألف.
هذه المناسبة الدينية فتحت الباب أمام تسلل أكثر من 50 ألف شخص من الجنسية الباكستانية إلى دول تشهد توترات مسلحة أبرزها اليمن الذي تشير مصادر صحافية إلى أن نسبة كبيرة من المرتزقة الموالين لإيران ذهبوا باتجاه العاصمة اليمنية صنعاء، وهو الأمر الذي يرجح تزايد ارسال المرتزقة إلى اليمن، خاصة بعد اتفاق بين الحكومة اليمنية الشرعية وجماعة الحوثيين، فتح المجال امام الأذرع الإيرانية لتسيير رحلات بين صنعاء ودول أخرى.
وقالت قناة الجمهورية المحلية في اليمن، إن الأذرع الإيرانية سيرت رحلة سرية برقم "IYE643 ، من صنعاء إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد هبوطها في مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة الأردنية عمّان".
واعتبرت القناة تلك الرحلة السرية، تجاوزا للاتفاق الأخير بين الحكومة ومليشيات الحوثي التابعة لإيران، بشأن استئناف رحلات مطار صنعاء الدولي. إلى الأردن، ومن ثم إلى الهند ومصر في وقت لاحق.
وقالت مصادر يمنية إن مليشيات الحوثي تقوم بنقل قيادات عسكرية من الحرس الثوري الإيراني، وخبراء حزب الله، من وإلى اليمن، عبر جوازات سفر مزورة.
ونقلت القناة عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية أن التعميم المتعلق بعدم اعتماد اي جواز سفر صادر من مصلحة الهجرة والجوازات التابعة للحوثيين لايزال ساريا" .
وأضاف المصدر أن الجوازات الصادرة من مصلحة الهجرة والجوازات التابعة للحكومة الشرعية هي فقط المصرح بها للسفر عبر جميع مطارات المحررة.
وقالت مصادر أمنية لصحيفة اليوم الثامن إن تهريب المرتزقة إلى اليمن، يتم منذ بداية الصراع".. مؤكدة على وصول خبراء إيرانيين ومن حزب الله خلال العام الماضي إلى صنعاء، بعد ان سلكوا طريقا برية من المهرة شرقا مرورا بوادي حضرموت ومارب وصولا إلى صنعاء.
وقالت الصحافية العراقية شيرين القيسي إن الحديث عن اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق، ليس دقيقاً مؤكدة ان عدد المرتزقة الباكستانيين الذين جندتهم إيران للقتال في اليمن وسوريا ومع حركة حماس يفوق الـ300 مرتزق جميعهم مروا عن طريق العراق".
وقبل أيام أعلن وزير الشؤون الدينية الباكستاني، شودري سالك حسين، خلال اجتماع مع اللجنة الدائمة للشؤون الدينية والوئام بين الأديان في برلمان بلاده[3]، عن اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق، منهم من دخل البلاد مؤخرًا لإحياء مناسبات دينية خلال الموسم الحالي، دون أن يحدد النطاق الزمني الذي اختفى خلاله العدد الكامل.
وقالت الحكومة العراقية إنها فتحت تحقيقاً موسع حول مزاعم وزير الشؤون الدينية الباكستاني.
وأبدى وزير العمل العراقي أحمد امتعاض وزارته من تزايد العمالة الباكستانية غير القانونية في البلاد، وذلك في تعليق على التصريحات الباكستانية.
ورجّح أن يكون المتسربون من الزيارات الأخيرة قد هربوا بهدف العمل غير القانوني، معلنًا أن وزارته فتحت تحقيقًا مستقلًا في الموضوع.
وعلى إثر هذه التصريحات، أعلنت الداخلية العراقية القبض على عشرات الباكستانيين المقيمين بشكل غير شرعي في البلاد، منهم من دخل بشكل شرعي وهرب، ومنهم من دخل بشكل غير شرعي.
وأبدى صحافيون عراقيون امتعاضهم حيال موقف بلادهم من إحصاء الوجود الباكستاني في البلاد، مؤكدين على وجود تواطؤ في عملية تهريب المرتزقة إلى البلدان العربية التي تشهد صراعا مع الأذرع الإيرانية.
وقامت سلطة الجوازات والإقامة في العراق بعد تصريحات الوزير الباكستاني، بإحصاء أعداد من دخلوا البلاد ومن غادروها منذ بداية هذا العام، مسجلة بأن من دخلوا عددهم 84251 باكستانيًا، بينما غادره 88427، وهذا يعني أن 4176 باكستانيًا ما زالوا داخل البلاد.
وأبدت مصادر مقربة من الحكومة اليمنية، عن مخاوفها تكرار التجربة السورية في اليمن وان يتحول البلد إلى ساحة صراع دولية، وجبهة إيرانية متقدمة، خاصة بعد ان منح الاتفاق الأخير بين الجماعة اليمنية المسلحة والحكومة اليمنية، الميليشيات قدرة على التحرك بفتح المجال الجوي امام الرحلات من مطار صنعاء الى عدة وجهات إقليمية.
وقالت المصادر ان إيران باتت لديها القدرة على دعم الأذرع المحلية في اليمن بالمزيد من المقاتلين، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف الى تشكيل ألوية من المرتزقة على غرار ما حصل في سوريا التي توجد فيها ألوية عسكرية اجنبية تدين بالولاء للنظام الإيران.
مناورة سعودية في حضرموت
وكانت السعودية قد رعت اتفاقا بين مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين، تنازل على اثره الأول عن جملة من القرارات الاقتصادية التي كان من الممكن ان تشكل ضربة قاضية للمشروع الإيراني في اليمن.
ورأت الرياض ان الاتفاق هدفه قطع الطريق امام عودة الحرب، الا ان المصادر اليمنية، وصفت الاتفاق بانه شرعنة للحوثيين ولسلطتهم القمعية في صنعاء.
ولم يعلق المجلس الانتقالي الجنوبي على الاتفاق، غير انه أكد على ضرورة ان يكون للجنوب اطار خاص في جولة المفاوضات، الأمر الذي يوحي بعدم ترحيبه بالاتفاق الذي مثل ضربة قوية لإجراءات البنك المركزي الرامية الى تحجيم الميليشيات الحوثية المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية، والتي تعرضت مؤخرا لضربة إسرائيلية في ميناء الحديدة.
وعلى ضوء الرفض الجنوبي، ذهب رشاد العليمي إلى مدينة المكلا بحضرموت في زيارته الثاني بعد زيارته الأولى في يونيو، حزيران العام الماضي، تحدث فيه مجددا عن مشروع منح حضرموت حكما ذاتياً، في إشارة إلى واضحة إلى وجود رغبة إقليمية في عرقلة مشروع استعادة دولة اليمن الجنوبي السابق، وهو الهدف الذي سبق لسفير السعودية لدى اليمن محمد سعيد ال جابر ان تبنى مشروع فصل حضرموت عن باقي محافظات الجنوب، الا ان القوى السياسية والقبلية في حضرموت، افشلت المشروع، لكن عادت الرياض –كما يبدو- الى محاولة الضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، للقبول بمشروع تسوية يمنح الحوثيين جزء كبير من عائدات النفط في الجنوب.
واعتبرت مصادر سياسية تحركات العليمي وزيارته المكلا بأن الهدف منها التمهيد لإعادة تصدير النفط المتوقف منذ ان تعرض ميناء الضبة لضربة جوية، تبناها الحوثيون قبل نحو عامين.
وقالت مصادر أمنية لـ ( اليوم الثامن ) إن قوات من " درع الوطن " المحلية التي تمولها السعودية، ستكون خلال أيام بساحل حضرموت وستكلف بحماية آبار النفط بالمسيلة وميناء الضبة وأطراف ساحل حضرموت من ثلاثة محاور، قبيل بدء إعادة تصدير النفط بعد الاتفاق على تقاسم عائداته بين بنكي صنعاء وعدن[4].
ولا يستبعد ان تكون مناورة السعودية في حضرموت، هدفها جر الحوثيين الى اتفاق تنهي على اثره الميليشيات الموالية لإيران، تهديداتها المتكررة باستهداف السعودية، وتفسح لاحقا المجال اما القوات اليمنية لإخراج الاذرع الإيرانية من صنعاء، خاصة في ظل وجود توجه دولي ضد الميليشيات التي شكلت مؤخرا تهديدا على خطوط الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.
------------------------------------------------
هوامش
[1] سلسلة تقارير نشرتها مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات على الرابط alyoum8.net
[2] زينبيون.. من القتال في سوريا إلى التصنيف الإرهابي في باكستان - ضياء قدور قناة سوريا www.syria.tv
[3] صحيفة الأمة الباكستانية نقلت تصريحات عن وزير الشؤون الدينية الباكستاني، شودري سالك حسين
[4] مؤسسة أبحاث: "مركزي عدن" لا يزال يمتلك فرصة لتحرير القطاع المصرفي https://alyoum8.net/posts/94468